تعليممقالات

القفزة النوعية في تطوير التعليم المهني في وزارة التربية والتعليم

التاج الإخباري – بقلم: المهندس عمر محمد محمود عمّار

تقاس نهضة الدول بمعدل النمو الاقتصادي فيها و قدرة الاقتصاد على إنتاج السلع والخدمات و التوسع في الإمكانات الإنتاجية للاقتصاد لتلبية احتياجات الأفراد في المجتمع وبالتالي زيادة الدخل القومي ومستوى التوظيف، وتحسن مستويات المعيشة. والعوامل التي تؤثر على النمو الاقتصادي هي: الموارد البشرية (رأس المال البشري) والموارد الطبيعية و رأس المال و التنمية التكنولوجية و العوامل الاجتماعية والسياسية.
ويعد رأس المال البشري والاستثمار فيه أحد أهم العناصر في العملية الإنتاجية ومن أهم العوامل المؤدية إلى زيادة النمو الاقتصادي؛ إذ تساهم كمية ونوعية الموارد البشرية في التأثير بشكل مباشر في الاقتصاد. وتعتمد نوعية الموارد البشرية على مجموعة من الخصائص من أهمها قدرتها على الإبداع، والتعليم، والتدريب، ومهاراتها، و النقص في الموارد البشرية الماهرة يؤدي إلى إعاقة النمو الاقتصادي.
وفي ظل ما يشهده العالم اليوم من تقدم علمي و تکنولوجي، وفي عصر اقتصاد المعرفة، وعالم المهارات. بدأت العديد من الدول المتقدمة إلى السعي لتطوير قطاع المهني والاستثمار فيه من خلال تکامل برامج التعليم المهني والتقني وربطها باحتياجات سوق العمل ، واندماجه ومرونة تجاوبه مع التطورات التكنولوجيا والأوضاع الاقتصادية المستجدة.
وقد أولى جلالة الملك عبدالله الثاني الأهمية القصوى للنظام التعليمي والدعم المتواصل والمتابعة المباشرة من لدن جلالته بغية الوصول لنظام تعليمي متوائم مع متطلبات التنافسية الإقليمية و العالمية وتحديد احتياجات المعلمين والمتعلمين في ظل التطور المعرفي والتقني، والعمل على تلبيتها واحترام قدراتهم وميولهم بالتعاون مع المؤسسات الوطنية المعنية بالتدريب. إيمانا منه بأهمية بناء جيل متسلح بالعلم والمعرفة ومؤهل قادر على أن يحاكي تطلعات المستقبل.
فالرؤى الملكية أفضت إلى إعداد الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية واستثمار الموارد البشرية التي هي عماد التنمية في الأردن، فقد خرجت الاستراتيجية بمجموعة من التوصيات من شأنها أن تترجم الرؤى الملكية في تطوير منظومة متكاملة واستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية، تؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم العام والعالي والتدريب المهني والتقني”.
و جلالته حرص على توجيه مبادرات ملكية متعددة شملت إنشاء المركز الوطني للمناهج وبناء وصيانة البنية التحتية للمنشآت التعليمية وتتعدّى مفهوم البناء والتجهيزات ومصادر التعليم، ليشمل جميع مدخلات منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني، وتطوير التشريعات الناظمة وتحسين الأبنية والإنشاءات والمرافق والتسهيلات لهذا القطاع، وتطوير الأجهزة والمشاغل والمختبرات ومصادر التعلم والمناهج والخطط الدراسية،
وتطوير الموارد البشرية من معلمين ومدربين وإدارات داعمة، وتعزيز أدوات وآليات الدعم والشراكة والتعاون المحلي والدولي، وتطوير قاعدة بيانات خاصة بالتدريب والتشغيل، فضلا عن جوانب التطوير النوعية التي تجري حاليا على نظام الثانوية العامة والتي تساعد في توجيه الطلبة حسب ميولهم ورغباتهم وقدراتهم في اختيار نوع التعليم، والتوجه الى التعليم المهني.
و بناءً على دراسات لسوق العمل قامت بها اليونسكو بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ، والتي أوصت بتبني خطة جديدة مبنية على الكفايات تتناسب مع احتياجات سوق العمل،
قامت وزارة التربية والتعليم بتطوير مسار التعليم المهني ومـن أبـرز الإجـراءات التي اتخذتها الـوزارة في هـذا الشـأن هـو زيـادة عـدد سـنوات الدراسـة فـي التعليـم المهنـي إلى ثالث سـنوات تبـدأ من الصف العاشـر، مع التركيز على المهارات العملية كما ويتيح الفرصـة للحصـول علـى مخرجـات تعليميـة مدربـة ومؤهلة وقادرة علـى تلبيـة حاجـات سـوق العمـل والاستجابة للحاجات المتنامية لأرباب العمل.
كما وقد تم تبني و إقرار نظام التعليم المهني المبني على الكفايات وتم اختيار برنامج دولي تقني وهو برنامج التطوير المهني المبني على الكفايات Pearson International BTEC والذي يتضمن مؤهلات متخصصة ذات صلة بالعمل، وتجمع بين التعلم العملي القائم على التخصصات المهنية. ويمكن مواءمته مع البيئة المحلية ويضمن تدريب وتأهيل الطالب لمهارات القرن العشرين ومهن المستقبل، حيث تتراوح نسبة التدريب العملي بين (80 % – 90%) مقارنة بالممارسة العملية في النظام المهني السابق 25٪.
و تمت الاستفادة من تجارب دول تحولت للتعليم التقني والتدريب تلبية لحاجات سوق العمل العالمية والمحلية، حيث أن البرنامج يطبق في 70 دولة ويعترف به في أرقى الجامعات العالمية؛ لأنه يتضمن مؤهلات علمية تقنية كانت في السابق تقتصر على الفروع الأكاديمية والتي ثبت أنها تعاني من قصور في المهارات والخبرة العملية.
وحول سمعة برنامج التعليمي التطبيقي (BTEC) عالميًا
يتمتع هذا البرنامج بميزات جعلته نقطة استقطاب لأعداد كبيرة جدًا ممن يرغبون في بناء مسار وظيفي واضح من البداية، كما يمنح هذا البرنامج طلابه خصوصية من حيث التطبيق العملي والمهاري، إذ بلغت أعداد المتخرجين من هذا البرنامج حتى الآن 6 ملايين في المملكة المتحدة في آخر عشر سنوات. ويتلقى أكثر من 300,000 طالب تعليمهم ضمن هذا البرنامج حاليا. و يعتبر برنامج الـ (BTEC) موردا أساسيًا لأصحاب المؤهلات والمهارات في المملكة المتحدة، كونه يركز على السوق المستقبلي في عالم الأعمال والاقتصاد.

وتهدف مؤهلات BTEC إلى تخريج أجيال مؤهلة بالمعرفة العلمية والعملية، حيث يكتسب الطلبة خلال دراستهم لمناهج BTEC الخبرة العملية بسوق العمل وفق طرق تعليمية وتقييمية تزودهم بالمعرفة والمهارات وتنمية السلوك المطلوب لسوق العمل، مما يؤهلهم للاندماج بالحياة العملية أو التوجه لمواصلة الدراسة الجامعية.
فهذا البرنامج يُشجّع على البحث والاستقصاء، كما ويطوّر مهارات التفكير والتعلم الذاتي ويُكسب الطالب مهارات عملية وحياتية، و كفاءة عالية لسوق العمل.
فهو يتميز من حيث التطبيق واساليب التدريس والقياس والتقويم
فمن حيث التطبيق : يعتبر البرنامج البريطاني (BTEC) فريدًا ومتميزًا ومن أقوى البرامج الأكاديمية في العالم في المدارس الثانوية والجامعات، حيث يتم التعلم من خلال العمل والتدريب والملاحظة والتجريب والقياس واختبار النظريات في المشاغل والمختبرات. ويعتمد البرنامج على تطبيق مباشر للمعرفة وتطبيقها على الواقع العملي الحياتي.
ففي فرع الهندسة (Engineering) :تلحظ ثراء واضح في محتوى الرياضيات والفيزياء للفرع الهندسي وهي تهيئ الطالب للتفوق في القطاع الهندسي في الجامعة.

  • ويشمل فرع تكنولوجيا المعلومات BTEC Information Technology البرمجة والذكاء الاصطناعي والخوارزميات بطريقة سهلة ومثيرة للشغف والاهتمام.
  • كما ويشمل فرع إدارة الأعمال (BTEC Business Administration): الرياضيات المرتبطة بالمحاسبة والكمبيوتر واللغات (مواد متقدمة وتخصصية لطلاب الثانوية).
    .و يقدم فرع الفنون والتصميم (Design & (Art مواد متخصصة وغنية تطلق الإبداع وتزيد الشغف في مجال الفن والتصميم.
    اما من حيث القياس والتقويم يعتمد البرنامج البريطاني (BTEC) التقويم عن طريق التدريب و لا توجد امتحانات نظرية في برنامج الـ (BTC) لتقويم الأداء إنما مشاريع طلابية. يتم تقويم الطالب في كل مادة دراسية من خلال قيام الطالب بعدد من المشاريع الصغيرة تعكس فهمه للمادة وتدلل على اكتسابه للمهارات المطلوبة.
    على سبيل المثال : في المسار الهندسي ، إذا كانت المادة تختص بالأحمال الكهربائية، فلن يخضع الطالب لامتحان نظري حول الاحمال الكهربائية، إنما سيقوم عملياً بإنشاء لوحة كهربائية وتشغيلها وتوزيع الاحمال الكهربائية وتجريبها وتقديم تقرير حولها ضمن متطلبات معينة يقررها معلم المادة.
    أيضا، في فرع إدارة الأعمال لو كانت المادة حول الميزانية المالية للشركات، فلن يخضع الطالب لامتحان محدد يجيب فيه عن بعض الأسئلة النظرية، إنما سيتم تكليفه بدراسة ميزانية شركة معينة ضمن معطيات يقررها معلم المادة، وسيطلب منه مثلا: عمل حساب التكاليف التشغيلية أو الاستهلاكات، واستخدام برنامج حاسوبي لعمل ميزان مراجعة، وإعداد تحليل للتدفقات المالية.
    هذا البرنامج يتوافق و رؤى جلالة الملك في تشجيع الشباب الاردني للتوجه إلى التعليم المهني والتقني و لفتح مشاريعهم الخاصة، وللحد من توجههم إلى التعليم الاكاديمي الذي يجعلهم يجلسون على مقاعد إنظار الشواغر الوظيفية التي تسهم في زيادة نسب البطالة بين صفوف الشباب. بل يعمل على التمكين الاقتصادي للشباب لتحويل الشاب من حالة الاعتماد الكلي الى الاستقلالية والاعتماد على الذات .
    كما ويســاهم في دعــم جهــود التنميــة المستدامة، وفي تكويــن الكــوادر البشرية، ومكافحــة الفقــر، وتأثيــره في متغيرات التشــغيل، ودخــل الفــرد ومســتوى المعيشة للمواطــن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى