مقالات

المسكوت عنه في قطاع التعليم العالي

التاج الإخباري – بقلم د. أشرف الراعي

ربما يعد قطاع التعليم العالي في الأردن واحداً من أهم القطاعات الاستراتيجية، والذي اكتسب سمعته عربياً بفضل الآليات التي “كانت” مُتبعة سابقاً في التعليم الجامعي “غير القائم على الربحية”، وإنما القائم على البحث العلمي المتوافق مع التطورات الحاصلة في العالم ككل، بناء على أسس مرجعية، ومعايير مهنية في العملية الأكاديمية، ولا أدل على ذلك من التطورات التي شهدتها الجامعة الأم منذ نشأتها وحتى اليوم، وكذلك الجامعات الرسمية الأخرى والتي كانت تمثل موئلاً وقبلة للطلبة العرب من كل أنحاء العالم، لكن ما لا بد من الالتفات إليه في هذا القطاع الحيوي الرئيسي حتى يعود له ألقه المهني والأكاديمي بما يعيده إلى مساره الصحيح عدة مسائل مسكوت عنها حتى الآن.

أولاها، أن عدداً كبيراً من الجامعات لا تقوم بتعيين خريجيها أو خريجي الجامعات الأردنية الأخرى من الحاصلين على درجة الدكتوراه وإن عينتهم فبالحد الأدنى، وفي ذلك غبن كبير لطلبتنا الذين اختاروا أن يكونوا على مقاعد الدراسة في الوطن، أو ممن منعتهم ظروفهم من السفر للخارج لتحصيل شهادة عليا، فدفعوا أموالهم وجهودهم ووقتهم ليلتحقوا بمؤسسات الوطن، وفي ذلك “عدم إيمان من هذه المؤسسات بحد ذاتها بمخرجاتها الأكاديمية” من جهة، عدا عن الظلم الذي يتعرض له أبناء الوطن من جهة أخرى، فكم سمعنا عن أكاديمي غادر الأردن للعمل في الخارج كونه لم يجد له فرصة عمل في وطنه، أو بقي في الوطن يقتات على البطالة والعوز لأنه لم يجد فرصته الحقيقية في مؤسسة أكاديمية تقر بقدراته، وكفاءاته، وإمكانياته.

أما الأمر الآخر فإن هذه الإرهاصات التي يمكن لها أن تضرب العمل الأكاديمي في مقتل، دفعت عدداً كبيراً من الأكاديميين إلى العمل مع مؤسسات أكاديمية “تجارية” تبحث عن الربح الفاحش والسريع، من خلال رفع الرسوم على الطلبة من جهة، وعدم الالتزام برواتب الأكاديميين من جهة أخرى، فتجدها تعينهم برواتب متدنية لا يمكن أن تكون مقبولة لموظف توه قد بدأ حياته المهنية، وليس إلى أكاديمي صرف كل طاقته، وجهده، وماله على العلم والتطور والبحث العلمي ليقدم للوطن الذي يستحق منا الكثير، ويستحق أن ننظر إلى واقع مؤسساته بعين محبة متجردة.

لا شك أن هناك مؤسسات أكاديمية متطورة وتتطور بشكل يتوافق مع المعايير العالمية في القطاعين العام والخاص، ولكن لا بد من أن نؤمن بوطننا ومخرجاته، ومن هنا أقترح أن تكون المخرجات الأكاديمية في أي جامعة لها السبق في التعيين، وذلك إيماناً من الجامعة ذاتها بمخرجاتها، وطلبتها، وأن يكون ذلك تحت إشراف هيئة أكاديمية عليا تراقب وتحاسب، فلا يعقل حتى الآن أن يبقى كل شيء رهين لمزاجية “غير مفهومة” من بعض القائمين على العمل الأكاديمي، حتى نتقدم بمسيرتنا الأكاديمية إلى الأمام ونطور من مخرجاتنا، مع تقديم الدعم من قبل هذه المؤسسات أيضاً لأكاديمييها لجهة البحث العلمي ومساندتهم في نشر الأبحاث العلمية في المجلات العلمية المصنفة ضمن قاعدة البيانات Scopus وغيرها من الإجراءات التي تدعم البحث العلمي من أجل مستقبل أفضل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى