مقالات

رواتب وأجور الأكاديميين في الجامعات الأردنية الخاصّة

التاج الإخباري – أ.د عاطف البواب
دأبت وزارة العمل على وضع حد أدنى من الأجور للعاملين في المهن العملية في السّنوات الماضية، وفي كل فترة زمنيّة يتم إعادة النظر في الحد الأدنى والعمل على رفعه نظرًا لغلاء المعيشة، وهو حاليًا 260 دينارًا وقد أصبح ساري المفعول اعتبارًا من 1/1/2022م. ولم تتطرق الوزارة المذكورة للمهن الأكاديميّة ممّا جعل الباب مفتوحًا أمام الجامعات الخاصّة لتحديد الراتب لعضو هيئة التدريس، حيثُ يتم التفاوض ما بين المتقدّم لوظيفة عضو هيئة التدريس وإدارة الجامعة. وبما أنه لا يوجد تشريع من قبل وزارة العمل أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فقد أصبح عضو هيئة التدريس خاضعًا لما تقدّره الجامعة من رواتب لا تتناسب مع المؤهّل الأكاديمي والأعراف العلميّة تقديرًا لهذه الشريحة من المجتمع. ونظراً لأن الأكاديمي بحاجة ماسّة إلى الوظيفة من باب تحقيق الدخل ومن باب آخر لاكتساب الخبرة للاستفادة منها في التقدّم لمكان عمل آخر، فإنه يقبل بما يُعرَض عليه ولو لفترة مؤقّتة، وهذا من شأنه أن يجعل معدل الدوران الوظيفي للجامعة مرتفعًا ولا يخدم الطرفين. 
إنَّ عدم وجود نقابة أو جمعيّة للأكاديميين تطالب بتحديد الحد الأدنى للأجور والرواتب لأعضاء هيئة التدريس جعل الجامعات تبني أنظمة وتعليمات خاصّة في تحديد الراتب بشكل متدنٍ أساسه تخفيض التكلفة وهي لا تتناسب مع قيمة الشهادة والعلم الذي يحمله عضو هيئة التدريس. وفي كثير من الحالات وصل الدخل للأكاديمي من راتب الجامعة إلى أقل من دخول كثير من المهن التي لا تتطلب مؤهّلًا علميًّا أكثر من بكالوريوس. فبعض الجامعات، كما علمت، قامت بالتعاقد مع أعضاء هيئة تدريس برواتب تراوحت ما بين 650 دينارًا و800 دينارًا على الرغم من وجود خبرة ورتبة علمية، فهل هذا يتناسب مع المؤهل العلمي لدى الاكاديمي؟ وهل لنا أن نتوقع أن يؤدي عمله على أكمل وجه؟ إن المجتمع ينظر إلى الأكاديمي على أنه ذو مستوى جيّد من العيش الكريم اجتماعيًا واقتصاديًا، ولكن عند معرفة الدخل للأكاديمي ومقدار راتبه يُصاب الشخص بالذهول. ناهيك عن أن هذا التعاقد سيُقصي عددًا كبيرًا من أصحاب الكفاءة والخبرة الذين سيفضّلون تغيير المهنة أو الاتجاه إلى التقاعد والتضحية بالخبرة  لتلك الجامعات التي تحتاجها لتحقيق جودة التعليم، كما أنه يشكل خطرًا على الأكاديميين الذين على رأس عملهم عندما تنتهي عقودهم، إذ سيكونون أمام خيار صعب وهو توقيع عقود جديدة برواتب أقل أو الإستغناء عنهم وتعيين أكاديميين جُدُد برواتب أقل. إن عدم تناسب الراتب للأكاديميين يجعلهم يبحثون عن عمل آخر ومصادر دخل أخرى وتصبح المؤهلات العلمية العليا والرتب الأكاديمية حبرًا على ورق، وما أُنفق عليها من تكاليف ماديّة وجهد وغربة ومخاطرة في مهب الريح.
وعليه، فإني أقترح على وزارة التعليم العالي وبالتنسيق مع وزارة العمل وضع حد أدنى للرّواتب والأجور للأكاديميين يتناسب مع المؤهّل العلمي والرتبة العلمية والخبرة إن توفرت، وهذا يجعل الأكاديمي والجامعة على حدٍّ سواء في مستوىً عالٍ من التقدير المتبادل بين الطرفين. كما أرى من الضرورة إلزام الجامعات الخاصة بتزويد وزارة التعليم العالي بسلم رواتب يشتمل على تفاصيل الراتب الأساسي والعلاوات بما يتفق مع المؤهل والرتبة والخبرة للأكاديميّ، إضافة إلى بعض المقوّمات الأخرى مثل القدرة البحثية ورصيد الأبحاث والمؤتمرات والمهارات المطلوبة والدورات الحاصل عليها. وفي حال صدر تشريع في تنظيم رواتب وحوافز الأكاديميين، فسوف تقوم الجامعات باختيار أعضاء هيئة تدريس أكفّاء وتحقيق العدالة والجودة في العمل الأكاديمي لجميع الأطراف، أسوة بالأكاديميين في الجامعات الرّسمية الذين يتمتعون بنظام واحد وشامل لكافة الامتيازات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى