مقالات

إلى الحكومة: إذهبوا إلى جوانب الطُرُقات.. إلى الناس: تريثوا واسألوا ما أقول بحذَر! 

التاج الإخباري – كتبَ عدي صافي -لا يمكن، ولا تحتَ أي ظرفٍ كان أو مبرر شيطنة الإحتجاجات أو اتهامها بالتعسفِ بحقِّ الوطن، حتى وإن خَسرَ الإقتصاد الملايين؛ فالمضربين جوعى، يخسرون وينادون بقوتِ أبنائهم، ولا يفعلونَ سوى ما كفله الدستور لهم.

لكن، أتابع بقلق، ونراقبُ بَحذَر بعضَ الأفعال الخارجة عن القانون، من قبلِ ثُلّة لا تُذّكرُ كعدد، لكنها خطرٌ إن قادت، هذه الجماعات المنفردة، بدأت بتحطيم المركبات، واشعال الإطارات، أغلقوا الطُرُق ومنهم من هاجمَ مركباتِ الأمن وأفرادٍ أبرياء، كل هذه الأفعال تجعلنا نطرح سؤالاً مشروعاً، ماذا يَحدث، ومن هؤلاء، ما غايتهم ومن يدعمهم ولماذا؟

كما أسلفت، حقّهم مشروع، وجلّنا معهم، فالوضع الإقتصادي متردٍ، والناس لا يملكونَ تَرفَ الطمأنينة، يفكرون كثيراً بعملِ الغد، ويستيقظونَ على فقرٍ وحسب، بطالة مرتفعة، فسادٌ متجذر، جسورُ ثقة مهدّمة، وهذا ما دعاهم للصراخ، علَّ صدى صوتهم يصل، للمطبخ السياسي، فيتحركُ مسرعاً لبحثِ الحلِّ واقراره لا سيما بعد أنّ قُرع الجرسُ كثيراً، وصمَّ عن سماعه صُنّاع القرار.

وبالعودة لسؤالي الواضح، فكما أنَّ مهنتي التي تأمرني بالبحثِ عن اجاباتٍ للناس لا فركَ عيونَ الناس بما أعلم، وتطلبُ مني توفير منبرٍ للمهمشين، فمهنتي أيضاً تدعوني لأنّ أضعَ مرآةً تعكسُ فضائل ورذائل المجتمع، فطلبُ الحقّ بِسلمٍ واحترام، فضيلةٌ مجتمعية تنمُ عن مستوىً عالِ من الوعي يملكهُ المضربين، وحرقُ الإطارات أو اغلاق الطرقات تمثلُ رذيلةً مجتمعيةً يتوجبُ فضحها وتصويبها؛ ما الفائدة من اسقاط عامود انارة في أحد الشوارع، وما الجدوى من اغلاقِ طريق، أو رمي حجارة على مركبةٍ مصّطفة، وما هي الرسالة المرجو ايصالها؟ مجدداً أطرحُ ذات السؤال، من وراءَ هذه الأفعال الدخيلة على الاضراب الممتد منذ نحو 11 يوماً؟

على الحكومة سماع الناس، هذا طبيعي، وعليها أن تضعَ خطاباً مبنياً على استمالاتٍ عاطفيةٍ أكثر، هذا هو عينُ الصواب، وعليها أن تَخلقَ خطةً لترتيبِ أجندةِ الناس بما يتواءم مع متطلباتهم وفقاً لنظرياتٍ علمية، هذا سليم، وعليها أن تغادرَ قَصرَ العاجِ إلى أرصفةِ الطرقات؛ لترى وتسمع، وهذا واجبٌ عليها مفروض.

أُدرك، أنَّ الشارع الأردني أصيب بالصدمة مجدداً؛ أين الحكومة عن تعبِ الناس وهي من جاءت لخدمتهم؟ أين القرار السليم، والتحرّك السريع، من أجل الوطن واقتصاده الذي يستنزف مع كل يومٍ اضافي للإضراب؟ 
البطالة ستزيد، والفقر يتوسع، والجوع يتفاقم، والمصانع تخسر، والتجار أيضاً، وحتى صورة البلد بدأ يغطيها الضباب، لمستثمرين كانوا مترددين بالقدوم والآن من المؤكد سيهرولون بعيداً.

الأهم، أننا مع حرية الرأي والتعبير، ضمن حدوده القانونية، ومع الناس في شكواهم ومعاناتهم، وهذا لأننا جزءٌ من الناس، نعاني بما يعانون ويقعُ علينا ما يقعُ عليهم، ومع الصواب؛ لأنَّ الوطن لنا وواجبنا حفظه، وفي ذات السياق نحنُ مع قرار الحكومة إن كان صائباً، وأمامَ قرارها إن كانَ خاطئاً حتى يتم تعديله وتصحيحه؛ فهذه وظيفتنا من زاويةِ الرقابة. 

إلى الكرماء في الميدان، مواطنين ورجال أمن، من تنامون في البرد؛ بحثاً عن حقكم، من تفدون الوطن بدمائكم، من تحفظونَ الأرضَ عن ظهرِ قَلب، من ترتلون بأحاديثكم عن محبةِ التين والزيتون، من رُسِمت تضاريسُ صحرائنا القاسية على وجوهكم، وطغى اخضرارُ ولينُ سهولِ الأغوار على قلوبكم فصرتم الأطيب والأنقى، رسالتي لكم، طالبوا بما تريدون، لكن، تريثوا قليلاً، واسألوا سؤالي، من وراء التخريبِ والتشويش بين حينٍ وآخر، وأنتم من تستطيعون الإجابة، ومحاسبةَ الفاعل.

الدستور كَفِلَ بشكلٍ واضح حقّ التعبير، على أن يكون ضمنَ القانون، وبما يحفظُ السلمَ المجتمعي، والأمنَ الوطني، ولا يعيثُ خراباً هنا أو هناك.

وإننا ندعو الجميع، شبابٌ وشياب إلى الإلتزام، وعدمَ الخروجِ عن السياق التفافاً حول هذا أو ذاك، وعدَمَ السيرِ خلفَ من نشكُّ بغاياته ومآربه الشخصية، على أنّ تلتزم الاعتصامات بالهدوءِ، وعدمِ التخريب، أو اغلاق الطرقات أو غيرَ ذلكَ من الآثام المجتمعية التي تزعزعُ أركانَ السلم وتدبُّ الرعبَ في قلب الآمن.

أمن الوطن، الركيزةُ الأولى، والهدفُ الأسمى، والغاية الأوضح، لكل أردني يحفظُ الوطنَ عن ظهرِ قلبٍ، ويرتّلُ محبّته لهذا التراب في كُلِّ ذكرٍ يمرُّ على لسانه، فحذاري، كل الحذر من فِعلِ الخطأ أو الموافقةِ عليه، تحتَ أيِّ ظرفٍ كان.
ودمتم، ودامَ الوطن، في خيرٍ وسلام، ولا تنسوا سؤالي، "من وراء دعمِ التخريب، ولماذا؟".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى