مقالات

أبو شاهين تكتب.. فلسفة أدب الأطفال

التاج الإخباري – بقلم: عرين ابو شاهين

 لاشك أن الطفولة هي الركن الأساسي في بناء الإنسان ومجتمعه كله، لذلك فالاهتمام بنموها نموًا سليمًا، مع مواصلة العمل على حفظ هذا النمو ومتابعته بالرعاية والعناية، يكون مؤشرًا من المؤشرات الحضارية للأمة التي تسعى لإيجاد مواطن صالح قادر على العطاء وتحمّل أعباء الحياة، ويُسهم في بناء مجتمع متين.

و لعل أدب الأطفال يشغل حيزًا لا بأس به من هذه الجوانب، لأنه أصبح حقيقة تربوية، واحتل مكانة في البيت والمدرسة وفي المؤسسات الاجتماعية و المكتبات العامة التي تهتم بالأطفال.

ويُقصد بمفهوم أدب الطفل بأنّه الأدب الذي يُخصص للأطفال، فيفيدهم من خلال نقل المعلومات بقالب من المتعة والتسلية، وهو كل ما كُتب وصُوّر في إطار مواضيع وأهداف تعليمية كُتبت من أجل نقلها للأطفال، فيسعى أدب الطفل إلى أهداف عليا تنمو بخُلق الطفل، إضافة إلى الأهداف التعليمية كقصص التاريخ، ومكونات جسم الإنسان، وقصص الحيوانات، وقصص الكون، والقصص التي تساعد في معرفة الطفل الأرقام والحروف، إضافة إلى أنّ هناك دافع تربوي في كتابة أدب الطفل وهي تربية الطفل على الأخلاق الحميدة والحسنة، والقدرة على معرفة الفرق بين الخير والشر، وبين الجُبن والشجاعة، والبُعد عن الأنانية وحُب الغير، والرحمة والعدالة، فكل تلك المواضيع كان مفهوم أدب الأطفال يسعى إلى تحقيقها، بيد أنّ أدب الأطفال لا ينأى عن خاصية الترفيه تلك التي تجذب الطفل وتشوقه لمعرفة كامل الأحداث، فيزيد تركيزه وتنغرس القيم في ذهنه.

وقصص الأطفال أفضل من يقدم الفلسفة للطفل، بشرط ألا تكون تلك القصة مرصعة بالأسئلة فحسب، بل يكون التساؤل قوامها الحقيقي، ويكون جزءًا متأصلاً من مادتها السردية، أسئلة ترسخ في ذهن الطفل، فيستوحي منها الشغف بتتبع الحقيقة.

على الكاتب ألا يقدم القصة بفكرة جاهزة، بل عليه أن يدع القارئ الصغير أن يكون له دور في تحليل وصياغة النهاية، لتخلد في ذهنه، فيحلم ويتخيل بدهشة، ولا يقتصر دوره كونه منقادًا مسيرًا في درب نسج من وهم الحكاية، فسؤال واحد كفيل بأن تلتمع في ذهنه عشرات الأسئلة في سلسلة متوالية، فيتتبع تلك الأسئلة التي تحمل إجاباتها أفكارًا ثمينة بلا شك، فالقصة تصنع الطفل من الداخل في تراكم خفي.

الفلسفة تعلم الطفل وتجعله يتسلح بمهارات الاستدلال المنطقي، والتفكير الإبداعي العميق كالدقة في الملاحظة والتحليل من بعد شك وتساؤل، وصولاً إلى إصدار الأحكام، ليعرف أن الحقيقة شيء نسبي يحتمل الصواب والخطأ، وكما يقول أرسطو: " ما من شيء مؤكد"، مما يزيد من مقدرتهم على تقبل الآراء، الذي يقودهم مرة بعد مرة على تقبل الآخر، وهو من الغايات الإنسانية العليا، مما يجعل العمل الأدبي الموجه للطفل معززاً للديمقراطية.

و الفلسفة في مجملها  هي حب الحكمة عبر التساؤل والبحث عن الإجابة، وبفكر ديكارتي "أنا أفكر إذا أنا موجود"، وترويض الفكرة لمحاولة بلورتها ولملمة جزئياتها، ولا تنحصر الفلسفة على تلك الأسئلة الوجودية ومباحث القيم بل على كل المعلومات المطروحة والأفكار المتاحة.

فالمتسائل دائما يمتلك رؤية جيدة عبر إعادة النظر في المعارف المتداولة، ومعايرة الأفكار عبر التساؤل الفلسفي، حيث إن لغة المنطق تقول دائمًا بأن نتجنب تلك الحقائق المطلقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى