أخبار الأردناهم الاخبار

خطر الاقتراض من أجل النفقات يهدد الإقتصاد الأردني.. وقلق من تفاقم المديونية

التاج الإخباري – غادة الخولي

في ظل الانكماش الإقتصادي الذي تتعرض له المملكة من آثار سابقة لجائحة كورونا التي ظللت بعباءتها على كل دول العالم في السنوات الثلاث الأخيرة والتي ما يزال احتقان تداعياتها غصّةً في رئتيّ القطاعات الإقتصادية في البلاد، إلى جانب تأثير الحرب الروسية الأوكرانية عليها والذي أدى بدوره إلى اللجوء من قبل الحكومة الأردنية للإقتراض من الدول الدائنة أو صندوق النقد الدولي لتغطية مصاريف البلد وحجم نفقاتها فانه يتزايد قلق أكبر في الشارع الأردني ولدى اخصائي وخبراء الاقتصاد من تفاقم حجم الديون المتراكمة على المملكة، وسط دعوات للحد من الاقتراض ومعالجة مكامن الخلل في الاقتصاد وتعزيز الإيرادات للتخفيف من التأثيرات على المالية العامة.

نسبة الدين العام في الأردن إلى الناتج المحلي 

أظهرت بيانات لوزارة المالية، ارتفاع الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن بنسبة 107.6% في النصف الأول من العام الحالي،ووفق البيانات فإن الدين العام بلغ 36.524 مليار دينار في الستة أشهر الأولى من العام الحالي.

ووفقا لذلك، فإن الدين ارتفع 757 مليون دينار في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بنهاية عام 2021.

خبير إقتصادي: المديونية العامة تصل إلى 51 مليار دولار في الاردن

وأوضح الخبير الإقتصادي منير دية أن وفق بيانات وزارة المالية الصادرة في النصف الأول من العام الحالي 2022، فقد ارتفع رصيد الدين العام المستحق على الدولة تقريبا 1.6٪ عن العام الماضي 2021, ليصل إلى 41 مليار دولار أي ما يقارب 88٪ من الناتج المحلي الإجمالي .

وبين دية في حديث مع "التاج الإخباري" ، الثلاثاء، أنه يعتبر هذا الرقم بعد تغير منهجية وزارة المالية بالاتفاق مع صندوق النقد باستثناء ديونها من صندوق استثمار اموال الضمان الإجتماعي والبالغة 7.23 مليار دينارحتى شهر نيسان السابق ، مشيرا إلى أنه عند إضافة ذلك إلى المديونية العامة سيصل الرقم حوالي 51 مليار دولار أي ما يعادل  تقريباً 110٪ من إجمالي الناتج المحلي.

وأضاف أنه عند احتساب المديونية بدون الديون المستحقة على الحكومة من صندوق استثمار الضمان، فإنها تتوزع على شقين دين داخلي يبلغ 19.4 مليار دولار، ودين  خارجي 21.4 مليار دولار.

دول العالم ترضخ تحت ديون من صندوق النقد

وتابع دية أن معظم دول العالم ترضخ تحت ديون طائلة من صندوق النقد الدولي والدول الدائنة، وبلغت الديون العالمية حوالي 97 تريليون دولار، اي ما يشكل 94٪ من إجمالي الناتج العالمي، مبيناً أن أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية فاقمت من ديون الدول بسبب العجز والتوقف عن الأعمال والاغلاقات، وتعتبر الولايات المتحدة أكثر الدول المستحق عليها الديون وتبلغ 23 تريليون دولار ومن ثم الصين 15.5 تريليون دولار  واليابان 13 تريليون دولار وفرنسا 3.3 وإيطاليا والهند تصل إلى 3 تريليون دولار لكل دولة.

ولفت إلى أن جمهورية مصر أعلى دولة عربية مديونة بحوالي 409 مليار ، والسعودية 250.9 مليار والإمارات 158.9 مليار، وتعتبر دول نفطية وتمتلك الغاز أو مصادر طبيعية لكن بالرغم من ذلك فإنها دول مستحق عليها ديون .

"فالدين بحد ذاته ليس مشكلة، إنما المشكلة نحو كيف كان توظيف هذا الدين، فالمعضلة في الأردن هو أن الأموال التي تم اقتراضها تذهب لدفع الرواتب ونفقات ومصاريف حكومية وبالتالي لا يتم توظيفها لإقامة مشاريع تنموية مستدامة تهدف للحد من البطالة ورفع نسب الاقتصاد والنمو وتعزيز قدرة الاقتصاد على الاستمرار ". وفق قوله

خطر كبير على الإقتصاد في الأردن

وأكد دية أن تركيز الحكومة على الاقتراض من أجل دفع الرواتب يعتبر عامل خطير والتي تقدر فاتورة رواتب الأجهزة الحكومية 550 مليون دينار شهريا ، اي ما يعادل 6.6 مليار دينار سنوياً والذي يشكل 54٪ من مجمل ميزانية الاردن، وهذا رقم مكلف ومهلك للاقتصاد.

وبين أن الإيرادات الحكومية تعتمد على الضرائب والرسوم والمنح والمساعدات الخارجية ومجموع تلك الإيرادات لا يغطي قيمة النفقات، مما يؤدي إلى لجوء الحكومات إلى الاقتراض لردم الفجوة بين الإيرادات والنفقات، كخيار سهل وبالتالي تراكم المديونية عبر السنين دون إيجاد حلول من خلال ترشيد النفقات ودفع عجلة الاقتصاد للنمو .

وصايا إلى الحكومة

وأوصى دية الحكومات أن  تصب جل دراساتها بأن يكون الهدف من الدين هو لدعم مشاريع تنموية وبنية تحتية، والعمل والانجاز وتخدم قطاعات الطاقة والنقل والخدمات والسياحة والميناء والمطارات وبذلك نعمل على تشغيل عدد كبير من المواطنين والعمالة المحلية ، لتعزيز النمو ودفع عجلة الاقتصاد وتحد من نسب البطالة ويكون مردودها على الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر وهذا ما يؤدي إلى تراجع نسبة الدين والقدرة على دفع التزامها من المديونية بشكل أكبر واسرع .

 آراء اقتصاديين حول المديونية في الأردن 

قال دكتور الاقتصاد في الجامعة الأردنية رعد التل: “يجب النظر إلى المديونية بشكل عام بمدى القدرة على السداد من الإنتاجية، وليس أن ننظر إليها كرقم مجرد”.

وأوضح التل بمثال إذا نظرنا إلى مديونية اليابان وأميركا نجد أنهما مرتفعتين ولكن في المقابل الإنتاج لديهما ضخم وقدرتهما على السداد مرتفعة.

ورأى أن غياب ضوابط الإنفاق وخاصة الجاري منه يؤثر كثيرا على الموازنة العامة.

وأوضح التل معلقا “صحيح أن الإيرادات العامة عادت للنمو ولكن في المقابل هناك زيادة في الإنفاق الجاري، وسط توقعات بنمو طفيف للناتج المحلي الإجمالي”.

ومن جهته حذر رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني النائب محمد السعودي في حديث صحفي سابق، من استمرار ارتفاع مديونية الأردن بشقيها الداخلي والخارجي وتجاوزها حجم الناتج المحلي الإجمالي بكثير، ومخالفة أحكام قانون الدين العام الذي اشترط ألا يزيد الدين الحكومي على ما نسبته 60 في المائة من الناتج الإجمالي.

وقال النائب السعودي إن مديونية البلاد بلغت مستويات قياسية غير مسبوقة تستدعي التوقف عندها وبذل أقصى الجهود للحد منها، مشيراً إلى أن السلوك الحكومي حالياً يشير إلى التوجه نحو مزيد من الاقتراض هذا العام بحجة إطفاء بعض الديون وتسديد الأقساط والفوائد المترتبة عليها.

وأضاف أن الحكومة ووفق برنامجها المالي تتجه لاقتراض 6 مليارات دينار، ما يؤدي الى ارتفاع كبير في حجم المديونية العامة الداخلية والخارجية، ويعرض الوضع الاقتصادي للمزيد من المخاطر. (الدينار يساوي 1.41 دولار).

وقال إن على الحكومة التوقف عن سياسة الاقتراض سواء محلياً أو خارجياً، والعمل على إيجاد حلول ناجعة ومن ذلك تخفيض حجم الإنفاق الحكومي.

 ولفت إلى إمكانية تحقيق وفر بحوالي 700 مليون دينار عبر تقليص النفقات خاصة فيما يتعلق بالكلف التشغيلية ومتطلبات الإنفاق على المباني الحكومية والخدمات اللازمة لها.

وأضاف النائب السعودي أن الحكومة ورغم أنها تسعى للاقتراض لسداد ديون وفوائد مستحقة، إلا أن ارتفاع حجم الدين العام يبعث على القلق ويتطلب تحسين الوضع الاقتصادي الذي يعاني من تحديات كثيرة، لافتاً إلى المشكلات التي لحقت بالأردن نتيجة للظروف الإقليمية الدولية وجائحة كورونا وتداعياتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى