اهم الاخبارعربي دولي

من اللبنانيين إلى اللبنانيين: ينعاد عليكم بالكهرباء والبنزين والأدوية

التاج الاخباري- “ينعاد عليكم بالكهرباء والبنزين والأدوية”.. عبارة تداولها رواد مواقع التواصل في لبنان للسخرية من الحال الذي استقبلوا به عيد الأضحى.

الظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيين لم يمروا بها حتى في ظل الحرب الأهلية، ومع ذلك، وكما اعتاد اللبناني أن يسرق الفرح من عزّ الوجع، يحاول بقدر المستطاع ألا تمر هذه المناسبة دون أن يسعد بها ولو بالحد الأدنى.

التحضير للعيد هذه المرة ليس كما في الأعوام السابقة عند الغالبية العظمى من اللبنانيين، فأسعار الملابس والحلوى وصلت إلى أرقام خيالية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وتدهور الليرة اللبنانية وانعكاس ذلك على القدرة الشرائية.

عدد كبير من العائلات تراجعت عن شراء كسوة العيد للأولاد، بعضها تمكن من تأمينها عن طريق أصحاب الأيادي البيضاء، والبعض الآخر يئن داخل جدران منزله بسبب عجزه على اسعاد أطفاله.

رغم كل المعاناة، وضع البعض همومه جانباً، وخرج مع عائلته في محاولة للترفيه عن أنفسهم من ضغوطات الحياة التي أثقلت كاهلهم، منهم من قصد الكورنيش البحري في بيروت بأعداد قليلة، ومنهم من اختار أماكن أخرى.

المواطنة اللبنانية هدى عيتاني قالت إن “الظروف المادية لا تسمح لها بالتوجه مع أولادها الـ3 إلى مطعم، ولكي لا تفسد فرحة العيد عليهم قصدت الكورنيش البحري”.

وأضافت: “سيتمكن الاولاد من اللعب، ويفرحون بارتدائهم ثياب جديدة، وبعدها سنقصد البيت لتناول الغداء، فهذه المرة لن نقوى على تناوله في مطعم”.

وعن شراء الحلويات، لا سيما المعمول كما جرت العادة في لبنان قالت “عيتاني”: “بالتأكيد لا، فسعر الدزينة منه يحتاج إلى ميزانية، من هنا استعضت عنه بقالب حلوى جهزته بنفسي”.

من جانبه أكد محمد سرحال أن عدم توفر المحروقات حال دون قيامه بنزهة مع ولديه في مكان بعيد عن العاصمة.

وقال: “كنت أتمنى أن نقصد الجبل لزيارة أقارب لي، لكن أخشى أن ينفد البنزين من السيارة واضطر إلى الوقوف في الطابور من جديد، لذلك اختصرت الأمر وقصدت حرج العيد”.

وأضاف: “الوضع صعب، ولأول مرة أضطر إلى شراء سكاكر العيد من إحدى العربات، وشعرت بغصة عندما سألني ابني عن سبب عدم ذبح خروف هذا العام كما جرت العادة، أخفيت الحقيقة عنه متحججاً بأن اللبنانيين لم يقصدوا الحج بسبب فيروس كورونا ومن هنا لا داع لذلك الآن، وهو لا يعلم أنني يصعب عليّ شراء كيلو من اللحوم وليس خروفا”.

وبعدما كانت طرابلس (شمالي لبنان) من أكثر المدن التي يمكن أن يستمتع بها الإنسان في المناسبات الإسلامية، مثل رمضان، عيد الفطر والأضحى، والمولد النبوي، فهذه المرة الأولى، كما قالت ميادة سعيد التي “تشعر فيها بالصدمة من استقبال العيد بهذا الحال”.

وأضافت: “العيد يبدأ عندنا قبل 5 أيام لكن أن نصل إلى يوم عرفة من دون الشعور بذلك فهذا يدل على حجم المأساة التي نعيشها”.

وقالت: “هذه السنة لا أجواء عيد، طرابلس تحتفل على استحياء، لا حركة ولا مظاهر للبهجة، المحال أقفلت في الأمس قبل صلاة المغرب بعد أن كانت تستمر باستقبال الزبائن حتى الفجر، فلا كهرباء ولا بنزين، كما ان الأولويات اختلفت، بالكاد يؤمن المواطن قوت يومه وحاجاته من الدواء، لذلك القلة منهم استطاع شراء الحلوى، والطوابير التي كانت أمام محال بيعها انتقلت الى طوابير الذل على البنزين وغيره”.

وتابعت: “مؤلم هذا العيد، فعلا بأي حال عاد الينا، بعض الميسورين يحاولون المساعدة لكن لا أحد يمكنه القفز عن الواقع، وبعد أن كانت طبخ العيد عادة اجتماعية في طرابلس، لا سيما ورق العنب الذي تفوح رائحته في الأجواء، فقدنا ذلك اليوم، باختصار لا عيد في هذه المدينة”.

في بلدة إيزال – الضنية شمالي لبنان، أبى المغتربون من أبناء الضيعة إلا أن يدخلوا البهجة على قلوب الأطفال والعائلات الفقيرة، وبحسب ما قاله الناشط طارق أمون “عدد كبير من المغتربين تبرع بالمال لشراء خراف وعجول وتوزيعها على المحتاجين، وبالفعل اشترينا 70 خروفاً و10 عجول، كما وزعنا المال لشراء كسوة العيد للأطفال، اذ أصرينا بفعل الأخيار أن تكون هذه المناسبة مميزة لا تنغصها الظروف الاقتصادية الصعبة، ومع ذلك لا يمكننا القول أن العيد يمر بشكل طبيعي عليّنا”.

الصورة ليست مشابهة في كل لبنان، ففي الوقت الذي لا تملك فيه عائلات القدرة على شراء حتى ساندويش شاورما لغداء العيد، مطاعم عدة قصدها الرواد، وهم في غالبيتهم من السواح والمغتربين الذين اتخذوا من العيد فرصة لقصد لبنان وتمضية بعض الوقت مع الأهل والأصدقاء.

وقال فارس، أحد المغتربين في أوروبا: “لبنان يختلف كثيراً عما كان عليه في السابق، الصدمة تبدو على وجوه الناس، الجو العام يشعرك بأن هناك غصة وإن كنت تملك المال، فحتى الخروج إلى المطاعم والسهر وسط الازدحام ليس إلا هروباً من حالة الحزن المختبئ داخلنا على وطن لم نعتده كذلك”.

ومع كل ما يحدث، يؤمن اللبنانيون أن النفق المظلم الذي يمرون فيه سيخرجون منه عما قريب أقوى وأصلب، وسيكملون حياتهم كما يحلمون أن تكون، وبالطريقة التي يفضلونها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى