أخبار الأردناهم الاخبار

التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق المستقلة في موضوع تبادل لقاحات “فايزر” مع الجانب الإسرائيلي

التاج الاخباري- بتاريخ 21/6/2021 قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة للتدقيق في موضوع تبادل لقاحات فايزر بين الصحة الفلسطينية والصحة الاسرائيلية، مشكلة من كل من:
د. عمار الدويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان رئيسا
د. نظام نجيب ممثل عن اتحاد المستشفيات والمراكز الاهلية والخاصة
د. سلوى النجاب ممثل عن مؤسسات المجتمع المدني في القطاع الصحي
د. باسم خوري ممثل عن الصناعات الدوائية في فلسطين
ممثل عن منظمة الصحة العالمية[1]

جاء قرار تشكيل اللجنة استجابة لمطالب العديد من الجهات، بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني، التي دعت إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للوقوف على حقيقة موضوع تبادل اللقاحات، في أعقاب الجدل الكبير الذي حصل في الشارع الفلسطيني بعد التصريح الصحفي الرسمي الاسرائيلي ظهر يوم الجمعة 18 حزيران 2021 الذي يعلن تسليم السلطة الوطنية الفلسطينية دفعة أولى من مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا شارفت مدة صلاحيتها على الانتهاء، مقابل حصول اسرائيل على شحنة قادمة من اللقاحات المخصصة لوزارة الصحة الفلسطينية من شركة فايزر. وقد تلا هذا التصريح توضيحات وردود صحفية من وزارة الصحة، ثم تنظيم مؤتمر صحفي أعلن فيه الناطق باسم الحكومة ووزيرة الصحة قرار “رئيس الوزراء بإلغاء الصفقة وإعادة اللقاحات” بعد ان تبين أنها “غير مطابقة للمواصفات”.

لقد أثار الإعلان المفاجئ عن صفقة التبادل، والذي جاء للأسف من الجانب الإسرائيلي، وما تلاه من تصريحات متتالية ومتضاربة من وزارة الصحة الفلسطينية، العديد من التساؤلات المشروعة لدى المواطنين الفلسطينيين، كما انه أثر بشكل سلبي على ثقة العديد منهم بموضوع اللقاحات (في ظل ضعف الثقة باللقاحات بشكل عام) والمنظومة الصحية الفلسطينية، الامر الذي قد ينعكس سلبا على اقبالهم على عملية التطعيم وبالتالي على الصحة العامة في فلسطين. وأشيعت حول صفقة التباد

[1] بعد التواصل مع ممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين الدكتور ريتشارد بيبركون من قبل رئيس اللجنة لتسمية ممثل عن المنظمة، فقد تم التوافق على ان يكون دور ممثل المنظمة استشاريا لاعضاء اللجنة، وليس عضوا كاملا في اللجنة وذلك نظرا لدور منظمة الصحة العالمية واستقلاليتها.

من اجل القيام بالمهمة المكلفة بها بموجب قرار مجلس الوزراء، قامت اللجنة بالخطوات التالية:

  1. معاينة شحنة اللقاحات على حاجز بيتونيا وذلك يوم الاثنين الموافق 21/6/2021 قبل إرجاعها الى الجانب الإسرائيلي، وعدّ اللقاحات، والاطلاع على تاريخ صلاحيتها، وتوثيق ذلك بالصور (ملحق رقم 7).
    2.  لقاء معالي وزيرة الصحة الدكتورة مي الكيلة بتاريخ 23/6/2021. وقد قدمت الوزيرة كل ما لديها من معلومات وأوراق بما في ذلك اتفاقية التوريد الأصلية مع شركة فايزر، واتفاقية ترتيب التبادل الموقعة مع شركة فايزر، واتفاقية او مذكرة التفاهم بخصوص التبادل الموقعة مع وزارة الصحة الإسرائيلية. إضافة الى المراسلات بين الوزارة والشركة، وبين الوزارة ووزارة الصحة الإسرائيلية، وعدد من المذكرات الداخلية ذات العلاقة.
  2. لقاء الدكتور كمال الشخرة، مدير عام الرعاية الأولية في وزارة الصحة ومسؤول ملف كورونا في الوزارة، والمكلف بالتواصل مع الصحة الإسرائيلية بهذا الخصوص (بتاريخ 23/6/2021(.

. لقاء الدكتور ياسر بوزية (بتاريخ 24/6/2021) مدير عام الصحة العامة في الوزارة.

  1. كما التقت اللجنة بتاريخ 28/6/2021 بالسيد باسم ملصة مدير اداري في دائرة الرعاية الأولية، الذي قام باستلام شحنة فايزر على حاجز بيتونيا بتاريخ 18/6/2021.
  2. والتقت اللجنة بتاريخ 28/8/2021 بالسيد خالد الخاروف قائم بأعمال رئيس قسم التطعيمات والاوبئة، الذي استلم الشحنة في مقر الوزارة بتاريخ 18/6/2021.
  3. الحديث مع المستشارة القانونية للوزارة الأستاذة أروى التميمي (عبر الهاتف بسبب سفرها خارج البلاد).
  4. لقاء الوزير حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية بحضور وكيل الوزارة السيد أيمن قنديل (بتاريخ 28/6/2021).
  5. كما التقت اللجنة بدولة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية بتاريخ 3/7/2021.
  6. جدير بالذكر أن اللجنة التقت لوقت قصير (دون تخطيط او ترتيب مسبق) مع المبعوث الأمريكي السفير  “مايكل راتني” بتاريخ 28/6/2021 في مكتب الوزير حسين الشيخ، وجرى نقاش غير رسمي مقتضب معه حول الموضوع.
  7. ونظرا لأهمية بعض الاتفاقيات خاصة الاتفاق بين الصحة الفلسطينية وشركة فايزر بخصوص التبادل، والاتفاق بين الصحة الفلسطينية والصحة الإسرائيلية، فقد تمت ترجمتهما الى اللغة العربية بدعم مشكور من الهيئة المستقلة لحقوق الانسان.  

جاءت فكرة التبادل من مستوى فني من الجانب الإسرائيلي حسب ما ظهر للجنة، إذ جاء العرض من قبل المسؤولين في وزارة الصحة الإسرائيلية لمسؤول ملف كورونا في وزارة الصحة الفلسطينية في أحد الاجتماعات الثنائية، وذلك في أواخر شهر ابريل بداية شهر أيار 2021 (التاريخ غير محدد بالضبط).[1]تبرر وزارة الصحة قبول العرض الإسرائيلي بان التبادل يحل مشكلة فجوة محتملة في توريد لقاح فايزر خاصة في شهري 6 و 7/2021. فوفقاً لاتفاق التوريد الموقع مع الشركة بتاريخ 4/5/2021 لا يوجد ضمانات لتوريد اللقاح في شهر تموز تحديدا، لان اتفاقية التوريد حددت ان توريد الدفعة الثانية سيتم بالربع الثالث والدفعة الثالثة بالربع الرابع، دون ايراد جدول زمني مفصل يوضح تاريخ وصول الكميات، لكن في العادة تقوم الشركة في بداية كل شهر بإرسال جدول توريد مفصل يغطي كل شهر بشهره.
ورأت الوزارة ان هناك حاجة للتبادل نظرا للحاجة لتوفير اللقاح في شهر حزيران وتموز قبل موسم عودة المدارس والجامعات للدوام، ومن اجل الوصول الى المناعة المجتمعية والتي تقتضي تطعيم ما لا يقل عن 60% من المواطنين.
عرضت الوزيرة فكرة التبادل على رئيس الوزراء وثم ذكرت الموضوع في مجلس الوزراء في أحد اجتماعات المجلس في بداية شهر أيار 2021، وقد وافق رئيس وأعضاء مجلس الوزراء على

[1]  في البيان الرسمي الصادر عن الوزارة بتاريخ 18/6/2021 تمت الإشارة الى ان الفكرة جاءت من شركة فايزر، وهو ما تستبعده اللجنة بناء على ما توفر لديها من أوراق وشهادات.

وبعد عدة لقاءات ومراسلات مع شركة فايزر، وافقت الشركة على تبادل اللقاحات، أعدت صيغة اتفاق ثلاثي (tripartite agreement) من اجل توقيعه بين الشركة، ووزارة الصحة الفلسطينية، ووزارة الصحة الإسرائيلية.
بعد تأخير لأكثر من شهر (أرسل النص المقترح من الشركة بتاريخ 6/6/2021) وبسبب اعتراض الجانب الإسرائيلي على ايراد عبارة دولة فلسطين في الاتفاقية الثلاثية، تم التوافق على عمل 3 اتفاقيات منفصلة:
–       مذكرة اتفاق “تبادل للقاحات فايزر بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية” ووقع بين شركة فايزر ووزارة الصحة الفلسطينية أصالة عن نفسها ونيابة عن حكومة دوله فلسطين بتاريخ 17 حزيران، 2021 (النص الرسمي باللغة الإنجليزية ملحق رقم 2، والنص العربي المترجم ملحق رقم 3).
–       اتفاقية بين الصحة الفلسطينية والصحة الإسرائيلية سميت “اتفاقية توريد لقاحات” وليس اتفاقيه “تبادل” للقاحات كما نصت اتفاقيه مع شركه فايزر (النص الرسمي بالإنجليزي ملحق رقم 4، والنص العربي المترجم ملحق رقم 5).
–       مذكرة اتفاق بين شركة فايزر والصحة الإسرائيلية (غير متوفرة للجنة لكن تفترض اللجنة ان هذه الاتفاقية مماثلة لاتفاقية الشركة مع الصحة الفلسطينية).
وعلى خلاف اتفاقية التوريد الأصلية الموقعة بين وزارة الصحة وشركة فايزر بتاريخ 4/5/2021، لم يتم عرض الاتفاقيتين الموقعتين في 17/6/2021 على مجلس الوزراء، او مراجعتها وتدقيقها من قبل المستشارة القانونية للوزارة أو من قبل هيئة الشؤون المدنية .

وقبل تاريخ مذكرة هذا الاتفاق، قد اشترتها واستلمتها من فايزر إسرائيل («الجرعات الموردة من إسرائيل»)، (ب) وفي المقابل، وفي تاريخ لاحق وبكميات (يَرِد كل منها على النحو المفصَّل في المذكرة)، تورِّد وزارة الصحة الفلسطينية، دون مقابل، إلى وزارة الصحة الإسرائيلية الجرعات من منتج لقاح (BNT162b2) والتي اشترتها وزارة الصحة الفلسطينية من شركات صادرات فايزر بموجب اتفافية التوريد إلى فلسطين بتاريخ 4/5/2021.
 
ولم تلزم الاتفاقية وزارة الصحة الفلسطينية او الإسرائيلية بكامل الكمية، وإنما نصت على أنه “يكون العدد الأقصى للجرعات الموردة من إسرائيل والعدد الأقصى للجرعات المستبدلة من فلسطين، مليون وثلاثمائة وتسع وتسعين ألف وثلاثمائة وعشرين (1,399,320) جرعة لكل منهما، ويُشترط مع ذلك أن يساوي عدد الجرعات المستبدلة من فلسطين عدد الجرعات الموردة من إسرائيل والتي جرى نقلها بالفعل من وزارة الصحة الإسرائيلية إلى وزارة الصحة الفلسطينية على الوجه الذي تجيزه مذكرة هذا الاتفاق وبناءً على الشروط والأحكام التي يقررها.”

ولم يرد في هذه الاتفاقية أية إشارة حول تاريخ صلاحية الجرعات التي يفترض ان يتم توريدها من الصحة الإسرائيلية. لكنها أشارت إلى أنه “ومن أجل تقليص احتمالية مشاكل جودة المنتج التي يمكن أن تنشأ في سياق نقل الجرعات الموردة من إسرائيل أو الجرعات المستبدلة من فلسطين أو مناولتها، تكون الجرعات الموردة من إسرائيل والتي تنقلها وزارة الصحة الإسرائيلية إلى وزارة الصحة الفلسطينية في طبليّات مرتبة حسب مضاعفات العدد الكلي من منتج لقاح (BNT162b2) على النحو الذي سلمته فايزر إسرائيل لوزارة الصحة الإسرائيلية (بمعنى طبليات تضم 195 قارورة، وتحوي بمجموعها 1170 جرعة) وتكون الجرعات المستبدلة من فلسطين والتي تسلَّم إلى وزارة الصحة الإسرائيلية في طبليات بمضاعفات العدد الكلي من منتج لقاح (BNT162b2). ولغايات توخي الوضوح، لا تُنقل الطبليات الناقصة  ]أي طبليات جزئية[ من وزارة الصحة الإسرائيلية إلى وزارة الصحة الفلسطينية أو تسلَّم لوزارة الصحة الإسرائيلية.”
 
ويتطرق البند السابع الى تخزين الجرعات ومناولتها وينص على:  “بعد امتلاك الجرعات الموردة من إسرائيل، تحتفظ وزارة الصحة الفلسطينية بالجرعات الموردة من إسرائيل وتتولى مناولتها والمسؤولية الحصرية عنها بما يتوافق مع أحكام اتفاقية التوريد إلى فلسطين كما لو أن هذه الجرعات قد ورّدتها شركة صادرات فايزر مباشرة إلى وزارة الصحة الفلسطينية بناءً على اتفاقية التوريد إلى فلسطين”. أي يجب أن تلتزم وزاره الصحه الفلسطينيه بكافه الشروط الوارده في الاتفاقيه مع فايزر من حيث النقل والمناوله والتخزين.

وحتى تعفي شركة فايزر نفسها من أية مسؤولية تتعلق بموضوع نقل الجرعات، فقد نصت الاتفاقية على أنه “لا تتحمل شركة فايزر أي تبعة أو مسؤولية عن نقل وتوزيع الجرعات الموردة من إسرائيل من نقطة التسليم (على النحو المبين في اتفاقية التوريد إلى إسرائيل، والمحددة حاليًا في مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب) إلى مواقع التسليم المصرح بها، بما فيها نقاط الاستخدام وبما لا يقتصر عليها.”
 
كما نصت الاتفاقية أيضا على أنه “تقر وزارة الصحة الفلسطينية وتوافق على أن شركة فايزر وفايزر إسرائيل وشركة صادرات فايزر وكل شركة من شركاتها الحليفة لا تتحمل أي مسؤولية أو تبعة مهما كانت فيما يتعلق بالجرعات الموردة من إسرائيل أو الجرعات المستبدلة من فلسطين، بما يشمل ودون الاقتصار على أي سرقة أو تقلبات في درجة الحرارة أو أضرار من أي نوع يصيبها أو تأثير ضار يمس جودتها بسبب المناولة أو التخزين أو عندما تكون في حوزة وزارة الصحة الإسرائيلية أو وزارة الصحة الفلسطينية أو في أثناء نقلها من وزارة الصحة الإسرائيلية إلى وزارة الصحة الفلسطينية أو نتيجةً له.”
 
كما تقر وزارة الصحة الفلسطينية وتوافق على أن شركة فايزر لا تقدم أي إقرارات أو ضمانات أيًا كان نوعها لوزارة الصحة الفلسطينية فيما يتعلق بالجرعات الموردة من إسرائيل. ولا تترتب على الشركة أي التزامات أيًا كان نوعها أو طابعها، سواء كانت صريحة أم ضمنية، بموجب اتفاقية التوريد إلى إسرائيل فيما يتعلق بالجرعات الموردة من إسرائيل.
 
وحول آلية الدفع، فأنه لا يوجد اية تعامل مالي مباشر بين الصحة الفلسطينية والإسرائيلية، وانما تتم جميع الدفعات من خلال شركة فايزر. فحسب مذكرة الاتفاق “تقدم وزارة الصحة الفلسطينية لشركة فايزر إشعارًا خطيًا عندما تستلم هذه الجرعات الموردة من إسرائيل من وزارة الصحة الإسرائيلية، ويتضمن هذا الإشعار تواريخ وأماكن استلام هذه الجرعات وكمية الطبليات والقوارير وعدد الجرعات المسلمة من الجرعات الموردة من إسرائيل وأرقام المجموعات أو الدفعات من تلك الجرعات الموردة من إسرائيل. ويقدَّم هذا الإشعار في غضون يوم عمل واحد بعد استلام الجرعات الموردة من إسرائيل من وزارة الصحة الإسرائيلية.”
يذكر ان الاتفاقية خضعت لمراجعة من قبل مدير عام الصحة العامة وطلب ادخال تعديلات عليها تتعلق بعدم إلزام فلسطين بكامل الكمية، وترك موضوع تحديد تاريخ الصلاحية وجدول التوريد للاتفاق بين الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي).

بشكل عام فقد صيغت الاتفاقية بهدف حماية شركة فايزر من اية تبعات او مسؤوليات قانونية تترتب على أي خلل في تنفيذ عملية تبادل الجرعات، بحيث لا تتحمل الشركة اية مسؤولية قانونية او غير ذلك عن اتفاقية التبادل، ويقتصر دورها على الموافقة على المبدأ، وتسليم الجانب الإسرائيلي عدد جرعات مماثل للعدد الذي تورده الصحة الإسرائيلية للصحة الفلسطينية بشكل فعلي وتقبله الصحة الفلسطينية. واشترطت أن تلتزم وزارة الصحة الفلسطينية بكافة الشروط الواردة في الاتفاقية مع فايزر من حيث النقل والمناولة والتخزين.  

تم توقيع هذه الاتفاقية من قبل وزيرة الصحة بتاريخ 17/6/2021 أي قبل يوم من توريد الجرعات من قبل الصحة الإسرائيلية. سميت هذه الاتفاقية اتفاقية توريد لقاحات مع أن النص تحدث عن “تبادل” للقاحات (النص الرسمي بالإنجليزي ملحق رقم 4، والنص العربي المترجم ملحق رقم 5). وهذا بحد ذاته يعتبر مخالفة لاتفاقية الصحة الفلسطينية مع شركة فايزر (وربما الصحة الإسرائيلية) حيث لا يجوز توريد اللقاحات الا من الشركة.
وعلى غرار مذكرة الاتفاق بين الصحة الفلسطينية وشركة فايزر، فقد تم الاتفاق على تبادل حتى مليون وثلاثمائة وتسع وتسعين ألف وثلاثمائة وعشرين (1,399,320) جرعة تكفي لتطعيم 699,660 فرد؛ “وأنه لغايات تفادي الشك، يكون هذا هو العدد الأقصى من اللقاحات المتبادلة”. أي ان هذه الاتفاقية أيضا لم تلزم الصحة الفلسطينية بكامل اللقاحات.
كما أن هذه الاتفاقية لم تتضمن اية ترتيبات مالية مباشرة بين الصحة الفلسطينية والصحة الإسرائيلي وانما اكدت على الترتيبات المنصوص عليها في مذكرة الاتفاق بين الصحة الفلسطينية وفايزر، وأضافت عليها أنه في غضون ثلاثة أيام من كل شحنة من شحنات الجرعات المخزنة، تدفع السلطة الفلسطينية لشركة فايزر كامل ثمن عدد الجرعات المخزنة التي تم شحنها كما لو كانت قد شُحنت بموجب اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر.
 
وحول تاريخ صلاحية الجرعات، نصت الاتفاقية بشكل واضح على أنه “تقرّ السلطة الفلسطينية بأن كلًا من الجرعات لها تاريخ محدد لانتهاء صلاحيتها إما في نهاية حزيران/يونيو 2021 أو نهاية تموز/يوليو 2021”.

وأعفت الاتفاقية وزارة الصحة الإسرائيلية عن اية مسؤولية عن الجرعات، حيث ورد في الاتفاقية أن وزارة الصحة الفلسطينية “تقبل تلك الجرعات المخزنة في حالتها الراهنة اعتبارًا من تاريخ النفاذ ]أي نفاذ الاتفاقية[ «على ما هي عليه» و«في مكانها»، وفيما بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تتحمل جميع المخاطر المرتبطة بإعطاء اللقاح في الإقليم، والجرعات المخزنة على وجه التحديد. وعند حيازة الجرعات المخزنة وبعدها بموجب هذه الاتفاقية، تقبل السلطة الفلسطينية بأن تُحوَّل كامل المسؤولية فيما يتعلق بالجرعات المخزنة وجميع التبعات المترتبة عليها، سواء كانت معروفة أم غير معروفة، ثابتة أم طارئة، فيما يتصل بالجرعات المخزنة من إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية وأن تتحملها السلطة الفلسطينية.”
 
كما نص البند 2 والخاص بالتسليم على ما يلي: “يوافق الطرفان بصفة معقولة، وخطيًا، على نقاط التبادل لتسليم شحنة واحدة أو أكثر من شحنات الجرعات المخزنة حالما يصبح من الممكن عمليًا بصورة معقولة بعد تاريخ النفاذ؛ شريطة أن تضمن السلطة الفلسطينية وقبل أي شحنة أن (1) كل موقع يستوفي الشروط المحددة في اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر لغايات تخزين اللقاح (2) وأن كل موقع يُعَدّ موقعًا مصرحًا به ومؤهلًا لاستلام اللقاح بموجب اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر؛ وتتولى السلطة الفلسطينية حيازة الجرعات في الوقت المتفق عليه وتتحمل المسؤولية عن النقل المتواصل بموجب الشروط التي تقتضيها ممارسات التوزيع الجيدة ووفقًا لاتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر.
 
كما تنص الماده 2.4 (ب) من الاتفاقيه على ما يلي: “عند تسليم الجرعات المخزنة للسلطة الفلسطينية، تخزن السلطة الفلسطينية الجرعات المخزنة وتتناولها على الوجه الذي تحدده اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر وعلى نحو يمتثل امتثالًا صارمًا للتعليمات التي تنص عليها شركة فايزر لضمان ثبات  (stability)وجوده  وفعالية (Integrity) للجرعات المخزنة وسلامتها وتلتزم بأي إجراءات إضافية بشأن التسجيل والموافقة والتنازل والتخزين والنقل وشروط قبول المنتج المبينة في اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر، على النحو الذي ينال رضا شركة فايزر بناءً على تقديرها الحصري.
كما نصت على أنه تتنازل السلطة الفلسطينية عن جميع المطالبات التي قد تنشأ لديها في مواجهة إسرائيل والوكالات التابعة لها ومن يخلفها ومسؤوليها ومستخدَميها وموظفيها وممثليها وشركائها ووكلائها ومورّديها وبائعيها والمتعاقدين معها والمتعاقدين معها من الباطن بشأن إصابة أي شخص أو وفاته أو ضرر يلحق بالممتلكات تتكبده السلطة الفلسطينية أو أي أشخاص يقيمون الادعاء عن طريق السلطة الفلسطينية، والذي ينشأ عن اللقاح أو الجرعات المخزنة أو يتأتى منها، أو إعطاؤها، بما يشمل ما يتماشى مع قانون تأمين ضحايا اللقاحات لسنة 1989″ (قانون إسرائيلي). 
 
وفي ذات السياق نصت الاتفاقية أيضا على انه “توافق السلطة الفلسطينية على تعويض إسرائيل والوكالات التابعة لها ومن يخلفها ومسؤوليها ومستخدميها وموظفيها وممثليها وشركائها ووكلائها ومورديها وبائعيها والمتعاقدين معها والمتعاقدين معها من الباطن، بما يشمل ودون الاقتصار على شركة فايزر («الأطراف الذين يتلقّون التعويض») وتبرئتها من المسؤولية عن وفي مواجهة أي وجميع المطالبات أو الأضرار أو الخسائر أو التكاليف أو المصاريف أو الاحكام، بما فيها الأتعاب والمصاريف المعقولة المستحقة للمحامين والمحاسبين (بمجموعها، «الخسائر»)، التي تُفرض على الأطراف التي تتلقى التعويض أو تتكبدها أو يُدَّعى بها عليها، والتي تنشأ عن أو تترتب على نقل اللقاح المورّد إلى السلطة الفلسطينية بموجب هذه الاتفاقية أو تخزينه أو توزيعه أو شرائه أو ترخيصه أو التبرع به أو الاستغناء عنه أو وصفه أو إعطائه أو تقديمه أو استعماله، وبما يشمل في كل حالة ودون الاقتصار على أي خسائر ترتبط بالادعاءات التي يقيمها سكان الإقليم، سواء كانت وفقًا لقانون تأمين ضحايا اللقاحات لسنة 1989 أم لا. ولغايات تجنب الشك، لا يسري قانون تأمين ضحايا اللقاحات لسنة 1989 على استعمال الجرعات المخزنة أو إعطائها.”
 
وتسجل اللجنة عددا من الملاحظات الجوهرية على هذه الاتفاقية:

  1. لا تعكس الاتفاقية تكافؤاً في العلاقة بين الطرفين، وبها انتقاص للسياده الفلسطينيه وتعطى يدا عليا لإسرائيل، وهو ما يشكل خطأ سياسي. وهذا يظهر، على سبيل المثال، من خلال ما يلي:
    أ. تلزم الاتفاقية (المادة 5) وزارة الصحة الفلسطينية تقديم تقارير للجانب الإسرائيلي في حين لا يوجد ما يلزم الصحة الإسرائيلية بتقديم تقارير للفلسطينيين حتى حول شحن الجرعات او تاريخ تخزينها.
    ب. في حال وجود أي خلاف في تطبيق الاتفاقية تكون محكمة تل ابيب المحكمة المختصة ولها اختصاص قضائي حصري (المادة 8-4(، ولا يوجد أي بند خاص بالتحكيم.
    ج. القانون المطبق على الاتفاقية هو القانون الإسرائيلي (المادة 8-5) ” تحكم هذه الاتفاقية قوانين دولة إسرائيل، دون إنفاذ مجموعة القوانين المتعلقة بتنازع القوانين.”
    د. تعفي الجانب الإسرائيلي من اية مسؤولية عن اللقاحات (المادة 6)
    . لا تتضمن الاتفاقية جدول توريد (يوجد جدول توريد لكنه غير معبأ)، وبالتالي غير معلوم كم عدد الجرعات التي تنتهي في شهر حزيران والعدد الذي ينتهي في شهر تموز.
  2. تتضمن الاتفاقية شرط سرية (المادة 8/1) ” يوافق كل طرف على أنه لن يفصح عن أحكام هذه الاتفاقية لأي طرف ثالث دون الموافقة الخطية من الطرف الآخر، باستثناء الوكالات التابعة لكل طرف، أو حسبما يشترطه القانون، وفيما عدا الإفصاح لمستشاريه القانونيين بموجب التزام بشأن السرية.”
  3. تلزم الاتفاقية وزارة الصحة الفلسطينية بجدول دفع لشركة فايزر مختلف عن جدول الاتفاق مع الشركة (المادة 3) .
  4. في اتفاقية وزارة الصحة الفلسطينية مع شركة فايزر الموقعة بتاريخ 17/6/2021 بخصوص التبادل، من حيث النقل والمناوله والتخزين تشير المادة (7) إلى أن تعامل الجانب الإسرائيلي في اللقاحات يجب ان يكون وفق شروط الاتفاقية بين وزارة الصحة الفلسطينية وبين فايز، لكن هذا البند غير موجود في الاتفاقية بين الصحة الفلسطينية والصحة الإسرائيلية. بمعنى أخر ان الاتفاقية مع الجانب الإسرائيلي غير متناسقة بشكل كامل مع الاتفاقية مع شركة فايزر، خاصة من حيث شروط السلامة في التوريد.
     
    في المقابل، نجحت وزارة الصحة في إلزام الجانب الإسرائيلي بإدخال تعديلات على الاتفاقية في مسألتين جوهريتين: الأولى ان الصحة الفلسطينية مسؤولة عن توزيع اللقاح في “الإقليم” أي في الضفة الغربية وقطاع غزة دون أي تدخل من الجانب الإسرائيلي، في حين أن الجانب الإسرائيلي كان يصر على استثناء قطاع غزة من الاتفاقية. والثانية، أن الاتفاقية مع الجانب الإسرائيلي لا تلزم الوزارة بكامل الكمية المنصوص عليها، وانما اعتبرت العدد هو الحد الأقصى الذي يمكن تبادله.

بعد توقيع الوزيرة الاتفاق مع شركة فايزر بحضور مدير عام الصحة العامة، ومن ثم الاتفاقية مع الصحة الإسرائيلية من خلال مدير عام الرعاية الأولية مسؤول ملف كورونا في الوزارة، مساء يوم   الخميس 17/6/2021، وقام الجانب الإسرائيلي بتوريد أول شحنة من اللقاحات وصلت حاجز بيتونيا بعد ظهر يوم الجمعة 18/6/2021، علماً بان وصول الشحنة كان مقررا أن يتم في ساعات الصباح. وقد قام باستلام الشحن من الجانب الفلسطيني مدير إداري في دائرة الرعاية الأولية، بتكليف من مدير عام الرعاية الأولية مسؤول ملف كورونا في الوزارة، ووقع على شهادة استلام ومن ثم تم نقل الجرعات إلى مقر الوزارة في رام الله حيث استلمها القائم بأعمال رئيس قسم التطعيمات، وتم توزيع الكمية على المحافظات وارسالها في ذات اليوم.
 
وبناء على معاينة اللجنة للقاحات وأيضا ما توفر لها من معلومات من خلال المقابلات والاطلاع على الأوراق، تسجل اللجنة الملاحظات التالية على عملية استلام اللقاحات.
 
1.    لم تلتزم اسرائيل بالبند رقم 2 بالاتفاقية مع الصحة الفلسطينية، خاصة من حيث مخالفة البند الذي ينص على أنه “يوافق الطرفان بصفة معقولة، وخطيًا، على نقاط التبادل لتسليم” اللقاحات، أي ان الصحة الإسرائيلية خالفت أحد الشروط الرئيسية في الاتفاقية الموقعة بينها وبين السلة الفلسطينية بان قامت بالتسليم في موقع غير متفق عليه كتابة.
2.    تأخر التسليم لأكثر من 4 ساعات مما أدى الى اضطرار الاشخاص المدربين على الاستلام إلى ترك موقع التسليم والعودة الى منازلهم، وبالتالي لم تتم معاينة اللقاح لدى استلامه من الجانب الإسرائيلي على حاجز بيتونيا قبل نقله حسب الاصول، كما لم يتم عمل أية فحوصات للجرعات، وانما تم استلام الجرعات من قبل موظف اداري ليست لديه الخبرة او التأهيل اللازم لاستلام أدوية او لقاحات.
لم تراع عملية التسليم ما ورد في الاتفاق الموقع بين وزارة الصحة الفلسطينية والصحة الإسرائيلية بشأن ضمان “وقبل أي شحنة أن (1) كل موقع يستوفي الشروط المحددة في اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر لغايات تخزين اللقاح (2) وأن كل موقع يُعَدّ موقعًا مصرحًا به ومؤهلًا لاستلام اللقاح بموجب اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر” كما نصت الاتفاقية؛ علماً بأن الموقع الذي جرى فيه التسليم، وهو حاجز بيتونيا، لا يستوف على الاطلاق هذه الشروط. أي أن الصحة الإسرائيلية خالفت شرطاً رئيسياً في الاتفاقية 1.    الموقعة بينها وبين الصحة الفلسطينية بان قامت بالتسليم في موقع غير مؤهل خلافاً لاتفاقية وزارة الصحة الفلسطينية مع فايزر.
2.    لم يتم التقيد قطعياً بالبند الخاص ب “النقل المتواصل” لضمان الجوده  بموجب الشروط التي تقتضيها ممارسات التوزيع الجيدة ووفقًا لاتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر”.
3.    لم تلتزم اسرائيل بالمادة 2.4 (ب) من الاتفاقية والتي تنص على ما يلي: “عند تسليم الجرعات المخزنة للسلطة الفلسطينية، تخزن السلطة الفلسطينية الجرعات المخزنة وتتناولها على الوجه الذي تحدده اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر وعلى نحو يمتثل امتثالًا صارمًا للتعليمات التي تنص عليها شركة فايزر” ولم بتم الالتزام بشروط “التخزين والنقل وشروط قبول المنتج المبينة في اتفاقية السلطة الفلسطينية-فايزر، على النحو الذي ينال رضا شركة فايزر بناءً على تقديرها الحصري”. فقد سلمت اسرائيل اللقاحات وقد تمت اذابتها thawing من درجة حرارة (-70) مئوية (وهي درجة حفظ الجرعات في الثلاجات عالية التبريد)، ووصلت الجرعات الى حاجز بيتونيا وهي مخزنة على درجة (بين 2-8 مئوية) بينما تنص الاتفاقية مع شركة فايزر وتشير المعلومة على كرتونه اللقاح بوضوح ان التخزين يجب أن يكون بين ناقص 60 وناقص 80  وهذا مخالف لأسس ممارسات التوزيع الجيدة المتعارف عليها دولياً. 
4.    كتب على الكراتين أن المرسل له هو معسكر عوفر! أي لم يتحلى الجانب الاسرائيلي باللياقة الادبية بذكر السلطة او وزارة الصحة الفلسطينية على اللاصق على الكراتين المسلمة للصحة الفلسطينية. وبالإضافة لكونه مسيء للسلطة، فانه يتعارض أيضاً مع اسس ممارسات التوزيع الجيدة المتعارف عليها دولياً والتي توجب مطابقه شهادات الارسال مع المعلومات على  اللاصق على الكراتين المسلمة.
5.    تم استلام 93,600  جرعة (80 طبلية tray في كل جرار 1170 جرعة).
6.    جميع اللقاحات تنتهي صلاحيتها في شهر حزيران 2021 (وحسب شركة فايزر ومنظمة الصحة العالمية تكون صالحة للاستخدام حتى اخر يوم في شهر حزيران)
7.    لم يقدم الجانب الإسرائيلي أية معلومات او توثيقات مكتوبة حول تاريخ تذويب الجرعات (إخراجها من الثلاجة عالية التبريد) او سلسلة التبريد التي مرت بها بعد إخراجها من الثلاجة عالية التبريد. ولم يتم تسليم معلومات من مسجل بيانات/مجسات لمتابعة درجة الحرارة  (Data Logger)، وهذا يتعارض مع اسس ممارسات التوزيع الجيدة المتعارف عليها دولياً في نقل الأدوية والطعومات ويخالف حتى ما تمارسه اسرائيل عند توزيعها للقاح على المراكز عندها.

1.    وزارة الصحة الفلسطينية كانت على علم (قبل الاستلام) بتاريخ صلاحية اللقاح، كما أنه لدى الاستلام كان التاريخ واضحا للمسؤولين في الوزارة بما في ذلك الوزيرة.
2.    عند وصول الجرعات الى مقر الوزارة في رام الله، تم استلامها رسميا من قبل القائم بأعمال رئيس قسم التطعيمات، والذي استلم اللقاح وفق بروتوكول التوزيع، وليس بروتكول استلام اللقاحات، مفترضا ان الاستلام على حاجز بيتونيا تم حسب الأصول، وقام بمعاينة الجرعات وتسجيل حالتها في تقرير دون فيه درجة حرارة تبريد الجرعات لدى الاستلام. كما قام بتوزيع الجرعات على حسب المحافظات وارسالها الى المديريات، وفق خطة التوزيع المعدة لهذا الغرض. ولم تتم اية معاينة لاحقة للجرعات او فحص لها بعد ذلك.
3.    بسبب علم الوزارة المسبق بأن اللقاحات تنتهي صلاحيتها في شهر حزيران، وبالتالي فإن المدة المتاحة لتوزيع الجرعات على المديريات ومراكز التطعيم هي فترة قصيرة، تم اعداد خطة لإعطاء الجرعات للمواطنين قبل نهاية شهر حزيران، بما يضمن استنفاذ الجرعات قبل انتهاء مدة الصلاحية. لكن لا تستطيع اللجنة التأكيد أن هذه الخطة كانت واقعية وقابلة للتنفيذ خلال مدة عشرة أيام، خاصة في ظل الاقبال الضعيف على التطعيمات في العديد من المناطق.
4.    بعد قرار رئيس الوزراء الغاء صفقة التبادل، تم جمع جميع الجرعات الموردة من الصحة الإسرائيلية (وعددها 93,600  ) من مديريات وزارة الصحة، واعادتها الى الجانب الإسرائيلي عبر حاجز بيتونيا، لكن الجانب الإسرائيلي لم يوقع على الاستلام، حسب ما افادنا مدير عام الرعاية الأولية في الوزارة.
 
وعليه، فإن اللجنة، وبسبب غياب مسجل البيانات (data logger) لدى تسليم اللقاحات، أو على الأقل وجود أي توثيق اخر بديل يوضح تاريخ اخراج الجرعات من الثلاجات عالية التبريد، وسلسلة التبريد التي مرت بها من لحظة استلامها من شركة فايزر إلى أن وصلت إلى الجانب الفلسطيني، فإن اللجنة ترى أن هذه الطريقة تخالف بشكل جوهري معايير التوزيع الجيد (Good Distribution Practices) والمنصوص عليها في جميع الاتفاقيات المتعلقة بلقاح فايزر بما في ذلك اتفاقيات التبادل. وبالتالي فإن اللجنة لا تستطيع تأكيد مأمونية الجرعات المستلمة، وتحذر من استعمالها. وتعتبر اللجنة ان استلام الجرعات بالشكل والطريقة التي تمت بها يشكل مخالفة جسيمة من قبل المسؤولين عن متابعة الموضوع .

للدفعة الأولى من لقاحات “فايزر” التي تم استلامها مساء اليوم من إسرائيل والمقدّرة بـ 90 ألف جرعة، فقد تبين لنّا أنها غير مطابقة للمواصفات الواردة بالاتفاق، وعليه فقد أوعز رئيس الوزراء محمد اشتية إلى وزيرة الصحة بإلغاء الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي حول تبادل اللقاح وإعادة الكمية التي تم استلامها اليوم إلى إسرائيل”.
وأضاف ملحم: “أكد رئيس الوزراء رفض الحكومة تلقي لقاحات تشارف صلاحيتها على الانتهاء كما جاء في بيان المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، وعليه فإن الحكومة تنتظر توريد اللقاحات من الشركة الأم على دفعات وفق الاتفاق المبرم معها بالشراء المباشر، والذي تم تسديد ثمنه مسبقًا للشركة”.
بدورها اشارت وزيرة الصحة في المؤتمر الصحفي إلى أن ” وزارة الصحة لم تكن على علم مسبق بأن مدة صلاحية اللقاحات لدى الجانب الإسرائيلي شارفت على الانتهاء، مؤكدة أن الهدف من وراء التفكير بإبرام صفقة كهذه هو الوصول إلى المناعة المجتمعية بتطعيم ما لا يقل عن 70% من أبناء شعبنا، قبل العودة للمدارس والجامعات في آب/ أغسطس المقبل”.[1]وبمراجعة البيانات الصحفية المختلفة وبناء على ما جمعته اللجنة من معلومات، فإن اللجنة ترى ما يلي بخصوص الأداء الإعلامي المتعلق بموضوع تبادل اللقاحات:

  1. لم يكن هناك اية تهيئة مسبقة للرأي العام الفلسطيني او إفصاح مناسب حول طبيعة هذه الصفقة وكيف تمت.
     2. أول خبر سمعه الفلسطينيون عن الصفقة كان من البيان الصحفي الإسرائيلي المشترك الصادر عن وزارة الصحة ووزارة الدفاع ومكتب رئيس الوزراء في دولة الاحتلال، والذي صدر بصيغة تحمل إهانة للشعور الوطني الفلسطيني.
  2. التصريحات الصحفية الصادر عن وزارة الصحة للرد على البيان الإسرائيلي كانت متضاربة، ما ترك اثرا سلبيا كبيرا لدى المواطنين وأثار لديهم الشكوك حول موضوع التبادل، وفتح المجال لتأويلات وشائعات كثيرة.  ففي البداية أعلن بيان الوزارة بأن اللقاحات تم فحصها وأنها آمنة ومطابقة للمواصفات، لكنها الوزيرة تراجعت عن ذلك وذكرت في المؤتمر الصحفي انه بعد فحص الجرعات تبين أنها غير مطابقة للمواصفات.

النتائج والاستنتاجات
مسؤولية سلطة الاحتلال
·       ترى اللجنة أنه كان يفترض أن يتم تحميل إسرائيل بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال مسؤولية توفير لقاح مضاد لفيروس كورونا للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن اسرائيل تجاهلت مسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه المواطنين الفلسطينيين، ومارست الابارتهايد الصحي ضدهم.

  1. إدارة ملف التبادل
    ·       ترى اللجنة ان فكرة التبادل عندما طرحت في شهر نيسان وبداية أيار 2021، كانت فلسطين بحاجة الى تسريع عملية توريد اللقاحات نظرا لعدم التيقن من إمكانية شركة فايزر من توفير لقاحات في شهري تموز وأب 2021، وقد كان المستوى السياسي على علم بموضوع التبادل، وكذلك دخلت أطراف دولية على الخط لتشجيع الفكرة لما اعتبرته بادرة لإعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
    ·       تركت جميع التفاصيل الفنية والإدارية والقانونية لوزارة الصحة تديرها بشكل منفرد، وهذا يشكل خللا جوهريا في إدارة ملف من هذا الحجم والحساسية والتعقيد من الناحية الفنية والسياسية والقانونية وكان يفترض في الجهات السياسية خاصة مجلس الوزراء وهيئة الشؤون المدنية استمرار متابعة الموضوع وعمل المراجعات اللازمة لمسودات الاتفاقيات (خاصة الاتفاقية مع الصحة الإسرائيلية) وتدقيقها من الناحية القانونية والسياسية، وهو ما لم يحصل.
    ·       ماطل الجانب الإسرائيلي في المفاوضات ولم يبد أي حساسية او اهتمام لاحتياجات الفلسطينيين الصحية، وتجاهل خطورة الحالة الوبائية في الضفة الغربية وقطاع غزة في شهري نيسان وايار 2021، لم يعط موافقته النهائية على التبادل إلا في منتصف شهر حزيران عندما أصبح هو بحاجة الى التخلص من اللقاحات التي شارف تاريخ صلاحيتها على الانتهاء.
  2. الحاجة للقاحات وتوقيع اتفاقية التبادل
    ·       ترى اللجنة، انه لم يكن هناك أي مبرر او حاجة، سواء من حيث الحالة الوبائية في فلسطين او من حيث توفر عدد كاف من الجرعات في مخازن وزارة الصحة، لتوقيع الاتفاقية مع الجانب الإسرائيلي بالشكل المستعجل الذي تم به أو قبول جرعات تنتهي صلاحيتها خلال اقل من أسبوعين (شهر حزيران).

·       كما ترى اللجنة ان التوقيع على اتفاقيات التبادل، خاصة اتفاقية الصحة الفلسطينية مع الصحة الإسرائيلية، اتسم بالاستعجال وعدم الاخذ بعدد كبير من الملاحظات الفنية الجوهرية التي قدمها مدير عام الصحة العامة وأوصى بعدم التوقيع عليها بشكلها الحالي. وترى اللجنة ان الاتفاقية تضمنت شروطاً مجحفة بحق الفلسطينيين وغير متكافئة وتعفي الجانب الإسرائيلي من المسؤولية عن الجرعات، ولا تتضمن ادراج ملاحق توضح جدول التوريد، وتتضمن إشكاليات قانونية وسياسية أخرى أشار اليها التقرير.
·       في المقابل، تم إدخال تعديلات على مسودة الاتفاقية بناء على طلب وزارة الصحة في مسألتين: الأولى ان الصحة الفلسطينية مسؤولة عن توزيع اللقاح في “الإقليم” أي في الضفة الغربية وقطاع غزة دون أي تدخل من الجانب الإسرائيلي، في حين أن الجانب الإسرائيلي كان يصر على استثناء قطاع غزة من الاتفاقية. والثانية، أن الاتفاقية مع الجانب الإسرائيلي لا تلزم الوزارة بكامل الكمية المنصوص عليها، وانما اعتبرت العدد هو الحد الأقصى الذي يمكن تبادله.
 

  1. تنفيذ عملية التبادل
    ·       كذلك ترى اللجنة أن عملية تسليم اللقاح من الجانب الإسرائيلي يوم 18 حزيران 2021، لم تراع البروتوكولات الفنية والدوائية المتعارف عليها، والمتبعة لدى وزارة الصحة الفلسطينية او الإسرائيلية، وأيضا خالفت بشكل جوهري أحكام الاتفاقية الموقعة بين الصحة الفلسطينية والصحة الإسرائيلية، واتفاقيات الصحة الفلسطينية مع شركة فايزر، وكان فيها استهتار وعدم شفافية من الجانب الإسرائيلي في التعامل مع موضوع نقل اللقاحات.
    ·       كما ترى أن عملية الاستلام من قبل الصحة الفلسطينية لم تكن حسب البروتكولات الفنية المعمول بها في استلام المواد الطبية الحساسة. حيث تم تكليف شخص بالاستلام وهو غير مختص وليست لديه الخبرة او التأهيل اللازم، ولم يتم طلب التوثيقات الضرورية التي تضمن سلامة وأمان الجرعات. وبسبب غياب مسجل البيانات (data logger) لدى تسليم اللقاحات، أو على الأقل وجود أي توثيق اخر بديل يوضح تاريخ اخراج الجرعات من الثلاجات عالية التبريد، وسلسلة التبريد التي مرت بها من لحظة استلامها من قبل الصحة الإسرائيلية من شركة فايزر إلى أن وصلت إلى الجانب الفلسطيني، فإن اللجنة ترى أن هذه الطريقة تخالف بشكل جوهري معايير التوزيع الجيد (Good Distribution Practices) والمنصوص عليها في جميع الاتفاقيات المتعلقة بلقاح فايزر بما في ذلك اتفاقيات التبادل. وبالتالي فإن اللجنة لا تستطيع تأكيد مأمونية الجرعات المستلمة، وتحذر من استعمالها. وتعتبر اللجنة ان استلام الجرعات بالشكل والطريقة التي تمت بها يشكل مخالفة وتقصير جسيمين من قبل المسؤول عن متابعة الموضوع.
    ·       تؤكد اللجنة للمواطنين أن جميع الجرعات التي استلمت من الجانب الإسرائيلي بتاريخ 18/6/2021 تم ارجاعها كاملة بتاريخ 21/6/2021 ولم يتم استخدامها في الأرض الفلسطينية.
  2. الإدارة الإعلامية
    كما ترى اللجنة ان الإدارة الإعلامية لموضوع نقل اللقاحات اعتراها العديد من الإشكاليات والتناقضات، حيث لم يتم اعلام المواطنين الفلسطينيين عن اتفاق التبادل بشكل مسبق، وكانت الردود الرسمية مرتبكة وقدمت معلومات غير دقيقة ومتضاربة بعد صدور بيان رسمي إسرائيلي (ترى اللجنة ان البيان الاسرائيلي يهين الشعور الوطني الفلسطيني)، الامر الذي أثّر سلبا على ثقة المواطنين ليس فقط بموضوع التبادل، وانما باللقاحات وعملية التطعيم بشكل عام.
  3. الجانب المالي:
    ·       لم تتضمن اتفاقيات التبادل (سواء بين الصحة الفلسطينية وشركة فايزر، او بين الصحة الفلسطينية والصحة الإسرائيلية) اية تعاملات مالية مباشرة بين حكومة فلسطين والطرف الإسرائيلي.
    ·       بناء على ما ورد في مذكرة الاتفاق مع شركة فايزر بتاريخ 16/7/2021 وأيضا في الاتفاق بين وزارة الصحة الفلسطينية والإسرائيلية، لن تكون هناك تبعات مالية على الخزينة الفلسطينية نتيجة عدم استكمال عملية التبادل لباقي الجرعات.
    ·       بالنسبة للجرعات التي تم استلامها ومن ثم ارجاعها، ترى اللجنة انه بسبب مخالفة الجانب الإسرائيلي لشروط الاتفاقية يجب التأكد من عدم قيام شركة فايزر بتوريد أية جرعات من حصة فلسطين إلى الصحة الاسرائيلية مقابل الجرعات التي تم استلامها ومن ثم ارجاعها (وعددها 93,600 جرعة). وهذا بحاجة الى متابعة قانونية من قبل الحكومة الفلسطينية.
    ·       كما تؤكد اللجنة أنه لن يكون هناك فجوة في توريد التطعيمات حيث ان شركة فايزر باشرت بتوريد الدفعة الثانية من الجرعات منذ بداية شهر تموز الجاري، وبالتالي لن يكون هناك خطر على الصحة العامة بسبب نقص اللقاحات.
     
     
  4. التوصية بعدم استكمال التبادل:
    ·       وبناء على جميع ما ذكر، تؤكد اللجنة على توصيتها التي رفعتها الى رئيس مجلس الوزراء بموجب كتاب خطي بتاريخ 30 حزيران 2021 (ملحق رقم 6) بضرورة عدم استكمال عملية التبادل وعدم استلام أية لقاحات إضافية من الجانب الإسرائيلي لاعتبارات فنية تتعلق بالصحة العامة، إضافة الى اعتبارات سياسية وقانونية تم توضيحها في التقرير.
  5. اتفاقية فايزر الاصلية:
    ·       تود اللجنة التأكيد ان اتفاقية التوريد الأصلية مع شركة “فايزر” في 4/5/2021 تمت حسب الأصول القانونية السليمة، وجرت مراجعتها من الدائرة القانونية، وصدر قرار بشأنها من مجلس الوزراء، وأن هذه الاتفاقية حصلت على سعر مميز للجرعات الامر الذي وفر على الخزينة العامة ملايين الدولارات.
     
  6. المساءلة والمحاسبة واستخلاص العبر:
     
    ·       أشار التقرير الى العديد من المخالفات والتقصير وضعف المتابعة والتنسيق من قبل مستويات عدة سياسية وادارية، وعليه توصي بضرورة ان تكون هناك مساءلة ومحاسبة لجميع من قصر او أهمل او لم يقم بما تتطلبه مهامه الوظيفية، وان يتم استخلاص العبر من أجل تلافي الأخطاء التي حصلت والتي أشار اليها التقرير.
    ·       تؤكد اللجنة أن هذا التقرير ليس بديلا عن أي تحقيقات جنائية أو قضائية أو أي تحقيقات إدارية داخلية قد تقوم بها الجهات الرسمية المختصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى