صحة

لماذا النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية؟

التاج الإخباري – في إنجاز حديث، كشف فريق طبي دولي بقيادة علماء من جامعة ستانفورد عن جزء كبير من الغموض المحيط بأمراض المناعة الذاتية، والتي تؤثر في الغالب على النساء.

ومن خلال الدراسة التي نُشرت في مجلة “Cell” العلمية الأمريكية، يسلط العلماء الضوء على أهمية جزيء يسمى Xist الموجود بشكل أساسي لدى النساء، في تفاقم هذا النوع من الأمراض، بحسب تقرير لصحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية.

واستعرضت الدراسة تأثير أمراض المناعة الذاتية، التي تشمل أكثر من 100 مرض مثل مرض الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي، على ما يقرب من 50 مليون أمريكي، حيث تمثل النساء ما نسبته 80 في المئة من الحالات.

وتنتج هذه الأمراض عندما يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الأنسجة السليمة عن طريق الخطأ؛ ما يؤدي إلى حالات مزمنة وغير قابلة للشفاء في كثير من الأحيان.

تشير النتائج التي توصل إليها فريق البحث إلى أن جزيء Xist، المسؤول عن تعطيل أحد الكروموسومات X لدى النساء لمنع الإفراط الكبير في إنتاج البروتين، يشكل أيضًا أثناء عمله مجمعات جزيئية غريبة مرتبطة بالعديد من أمراض المناعة الذاتية.

وبرغم أن الكثير من الأبحاث أجريت على الفئران، إلا أن الدراسات البشرية كشفت أن مجمعات Xist الجزيئية (المكونة من الحمض النووي الريبوزي (RNA) المتشابك مع البروتينات) تؤدي إلى استجابات كيميائية تتوافق مع أمراض المناعة الذاتية.

غير أن اكتشاف الدور المهم لجزيء Xist في تحفيز الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، لا يفسر بشكل كامل سبب إصابة الرجال أيضًا بهذه الأمراض، ولا يفسر أيضا الاختلافات في انتشار المرض بين الرجال، كما هو الحال في مرض السكري من النوع الأول. ومع ذلك، يمثل الاكتشاف خطوة محورية للأمام في فهم الآليات الأساسية لهذه الأمراض.

من جانبها، كانت النظريات السابقة أشارت إلى التأثيرات الهرمونية أو وجود كروموسوم X ثانٍ، كعوامل محتملة في التفاوت القائم بين الجنسين عندما يتعلق الأمر في الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.

رغم ذلك، فإن نتائج الدراسة تعتبر مهمة من ناحية تسليط الضوء على أهمية دور الجزيء Xist، في تطور أمراض المناعة الذاتية.

وفي خضم التجارب التي أجريت، قام الدكتور “هوارد واي تشانغ” كبير مؤلفي الدراسة وفريقه العلمي، بإدخال تعديل جيني على الفئران الذكور، لإنتاج جزيء Xist ولاحظوا بعد ذلك أن هذه الفئران أصبحت أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، لا سيما مع وجود المحفزات البيئية.

وقد دعمت الأبحاث البشرية هذه النتائج، مؤكدة وجود مجمعات Xist الجزيئية، والأجسام المضادة الذاتية في المرضى الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية.

وترى “واشنطن بوست” أن دلالات هذا البحث تذهب إلى ما هو أبعد من فهم آليات المرض، فهو يفتح آفاقًا لتطوير أدوات تشخيصية جديدة يمكن أن تتيح الكشف المبكر عن أمراض المناعة الذاتية.

إن طرق التشخيص الحالية، التي تم تطويرها منذ عقود من الزمن، قد يتم إما دعمها أو استبدالها قريبا باختبارات وفحوصات أكثر دقة تعتمد على الفهم المكتشف حديثا لدور جزيء “Xist”.

وفي نظرة نحو المستقبل، يتوقع الباحثون والأطباء إمكانية التوصل إلى علاجات مبتكرة نتيجة لهذا الإنجاز. وفي حين أن التقدم الكبير قد يكون على بعد سنوات من الآن، إلا أن العقود الأخيرة شهدت بالفعل تقدمًا كبيرًا في معالجة أمراض المناعة الذاتية والتعامل معها؛ ما أدى إلى إطالة أعمار الأفراد المصابين.

تكمن أهمية الدراسة ليس فقط في مساهمتها بالمعرفة العلمية، بل أيضا في تأثيرها على الأفراد المصابين بأمراض المناعة الذاتية، حيث تؤكد “ستيفاني بوكسوفيدن” وهي مريضة مصابة بمرض التصلب المتعدد على أهمية مثل هذه الأبحاث في إعطاء الأمل للمرضى. 

وتختتم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن اكتشاف دور جزيء Xist في الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، هو بمثابة علامة بارزة في هذا المجال؛ كونه يقدم رؤى جديدة حول آليات المرض والطرق المحتملة لتحسين التشخيص والعلاج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى