مقالات

حظر رمضان، رأي استباقي ورفضٌ شعبيٌ مؤكد

التاج الإخباري – كتب عدي صافي- اقترب شهر رمضان المبارك ونحن ما زلنا نعاني من جائحة كورونا، بل ونمر في ازمة اصابات ووفيات حقيقية عكس العام الماضي وبدأت أطراف المعلومات ان صح تعبيري تظهر وتشير الى وجود حظر جزئي خلال الشهر المبارك.

وان صدقت هذه المعلومات وكان الحظر كما يشار يبدأ من قبل اذان المغرب بساعة ولغاية فجر اليوم التالي، اؤكد ان هذا الفعل غير حكيم؛ لأسباب عديدة تخضع للوضع الإقتصادي اولاً والى سيكولوجية المجتمع ثانياً.

سيكون هذا القرار بمثابة الرصاصة الأخيرة في جسد جندي يصارع من اجل البقاء على قيد الحياة واعتذر عن قساوة التشبيه الا انه جاءَ من واقعٍ نحياه اليوم.
المؤسسات الحكومية والخاصة استنزفت اقتصادياً منذ فرض الحكومة السابقة لحظر شامل بدون وجود مبررات حقيقة انذاك، ارهق الجميع وقطع الطريق على اي صانع قرار لفرض حظر شامل له نتائج علمية ملموسة.

ولو فرضنا ان الحظر الجزئي تم اقراره والعمل به خلال الشهر الكريم، هل تتوقعون بأنه سيعطي نتائج مقبولة على المستوى الصحي من اعداد الإصابات والوفيات، وهل تستطيع الحكومة والتي تعاني من عجز غير مسبوق في الموازنة العامة من تعويض المؤسسات المتضررة؟
الإجابة واضحة ولا تحتاج إلى خبراء اقتصاديين لدراستها وتحليلها، عدا عن اننا كمجتمع اردني نملك عادات أصيلة وراسخة لا تستطيع أي حكومة تغييرها في ليلة وضحاها مثل تقديم الولائم للولاية او التجمع عند كبير العائلة في عددٍ من ايام الشهر وغيرها الكثير، وفرض حظر مثل هذا سيؤدي إلى بقاء المذكورين اعلاه في نفس المنزل لليوم التالي بحكم وجود منع للحركة اضافة إلى تجمهر وتكدس المواطنيين للتسوق والتبضع بشكل اكبر بحكم عدم وجود ساعات كافية للتنقل، وهذا الأمر من شأنه ان يزيد من اعداد الإصابات والوفيات بالفيروس.

اما المحال التجارية واخص محلات الملابس والتي يعتبر هذا الشهر احدى مواسمها القليلة خلال العام لن تستطيع تحمل تبعات الإغلاق الإقتصادية لعامين متتاليين وهذا يعني ان هنالك الاف المنشآت ستغلق وهذا بالضرورة يشير الى زيادة اعداد المعطلين عن العمل عدا عن تبعاته الكبيرة على الإقتصاد بحكم ان الإقتصاد عجلة تدور بشكل متماسك وتوقف اي بكرة سيوقف عملية النمو.

الحكومة اليوم يجب ان تضع استراتيجية مدروسة بعناية كبيرة ولا تقبل الخطأ خلال الأيام القليلة القادمة، وهي بالمجمل لا تملك حلولاً غير التي نعرفها، تتمثل بمحاولة فرض اجراءات السلامة العامة بشكل أكبر من خلال القانون اضافة إلى زيادة اعداد الفحوصات وعزل المصابين بشكل يضمن قطع سلسلة العدوى او فرض حظر شامل علمي طويل الأمد او جلب اللقاح وهو الحل الأنسب والأجدر وبالتأكيد فكرة الحظر الشامل غير مطروحة لدى صناع القرار؛ بحكم ان الحكومة لا تملك قدرة على التعويض في ظل وجود اقتصاد شبه منهار ويعاني من قبل الجائحة.

وحتى اكون منصفاً يخوض العالم اليوم حرباً شعواء للحصول على اللقاح، واثبتت الدول الرأسمالية من خلال القوانين التي فرضتها على صناعة اللقاح وتوزيعه ان الإنسانية ما هي إلا كذبة وان العولمة ما هي إلا طريقة لتسخير العالم خدمةً لثرواتهم وسلطتهم، ولأن الحكومة السابقة فضلّت التريث في توقيع العقود مع الشركات المصنعة للقاحات واعتمدت على الوعود التي ثبت بطلانها، من المؤكد اننا لن نحصل على اللقاح بكميات تكفي لخلق حالة من المناعة المجتمعية خلال فترة وجيزة، ويجب على صناع القرار ايجاد حلول ومخارج تنقذنا من على شفير الهاوية.

واحدى الحلول التي اراها منطقية هي جلب اللقاح من دولة جنوب افريقيا والتي ثبت بها ان لقاح استرازينيكا غير فعال في مواجهة الطفرة الإفريقية من الفيروس، وهذا يقدم حلاً يبدو فعالاً من خلال ان تخاطب الحكومة تلك الدولة وتحاول الحصول على اللقاحات المتوفرة لديها، اضافة إلى الضغط بشكل اكبر على اتحاد كوفاكس كي يؤمننا بجرعات اضافية خلال الفترة المقبلة.

وفي النهاية يجب على صناع القرار ادراك ان الحظر الجزئي خلال شهر رمضان لن يكون فعالاً وسبلياته فاقت ايجابياته، وان محاولة الوصول الى الصفر واعتباره غاية ومنى هو ليس إلا حلم لا يمكن تحقيقه؛ فنحن لا نحيى وسط جزيرةٍ نائية مغلقة على باقي البشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى