مقالات

الراعي يكتب .. الملكة في حوار “سي إن إن”.. إذ تضع اليد على الجرح

التاج الإخباري – بقلم الدكتور أشرف الراعي – تضع جلالة الملكة رانيا العبدالله دوماً يدها على الجرح تماماً. حوار جلالتها مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية كان مثالاً للذكاء في الحوار الصحافي الوازن.
النقاش المنطقي العقلاني الذي يدين استخدام الأطفال والنساء والشيوخ كوسيلة ضغط في النزاعات المسلحة. إنسانية تخاطب العالم. ونقاش تجاوز حدود المألوف في النقاشات مع الشخصيات ذات الثقل العالمي.
حوار جلالتها حول النساء والأطفال استحوذ على الحصة الأكبر. الإعلام الغربي سلط الضوء على اعتبار جلالتها مع يجري في غزة والصمت الغربي حوله “ازدواجية في المعايير”؛ فالجارديان البريطانية مثلاً ركزت على ذلك، دون أن يعلم محرروها وصحافيوها أن ذلك يأتي أصلاً انطلاقاً من الاهتمام الملكي بالسيدات والأطفال، وهو ما كرسته جلالتها واقعاً منذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني، حفظه الله، سلطاته الدستورية.
الجرح كبير وعميق. والأطفال أصبحوا أشلاء. والنساء إما أرامل، أو ثكالى، أو شهيدات في عداد الضحايا الذي يزيد يوماً بعد يوم، وهو ما أشارت إليه جلالتها بوجع كبير، فالألم شديد والحزن لا يمكن لشيء أن يمحوه، ولا شيء يمكن أن يواجهه سوى إيقاف آلة الموت العبثي الهمجي. هذا الموت الذي أصبح يراه الفلسطيني كل ثانية.
“الصمت يصم الآذان، وبالنسبة للكثيرين في منطقتنا، فإنه يجعل العالم الغربي متواطئاً من خلال دعمهم ومن خلال الغطاء الذي يقدمونه لإسرائيل”، هذه كانت كلمات جلالتها عما يجري؛ فالصمت العالمي المطبق وازدواجية النظر لا يمكن أن تمت للعالم والإنسانية والقانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني بأية صلة.
ما يجري جرائم حرب وإبادة جماعية بكل معنى الكلمة. وهي فصل جديد من فصول كثيرة شهدها الفلسطينيون منذ العام 1948 وحتى اليوم، من مجازر وقتل وتهجير في مواجهة احتلال لأراضيهم وقتل لأطفالهم ونسائهم وشيوخهم وما الصور القادمة من غزة إلا أكبر دليل على ما جرى ويجري من انتهاكات بحقهم، لا لشيء إلا لكونهم يعيشون في هذه البقعة الجغرافية، كما أشرت سابقاً في مقال نشر على موقع “عمون” الإخباري.
لا بد من وقفة عالمية لمواجهة هذا “السعار”. لمواجهة القتل والتدمير الذي يشهده القطاع. بيوت سكنية سويت بالأرض. مساجد هدمت. مستشفيات قصفت وراح ضحيتها آلاف الأطفال الأبرياء. مخابز حرقت بالكامل. صحافيون وعائلاتهم قتلوا. والقادم أعظم، لا سيما وأن الحديث اليوم يدور كله عن اجتياح بري واسع النطاق ما سيعمق الأزمة ويزيد من آثارها.
على العالم ككل أن يتدخل وإلا سنكون أمام مشهد أكثر تعقيداً وأمام أزمة إنسانية ربما ستكون الأكثر ألماً في تاريخنا الحديث. سنكون أمام موت مجاني بكل ما تحمله الكلمة من معنى…. هذه كلها معان ركزت عليها جلالتها وطرحتها من أجل عالم أفضل. عالم يعيش بسلام وأمن. لأن حياة الفلسطيني غالية ومقدرة تماماً كما حياة غيره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى