مقالات

مطعوم الحصبة وقانون الجرائم الإلكترونية

التاج الإخباري – د. أشرف الراعي

من الضروري إيقاف الأصوات التي تبث الرعب في قلوب الناس. فقد زاد الأمر عن حدوده ضرراً بمصالح البلد والناس. آخرها ما يجري الحديث حوله من مطعوم الحصبة، وما يمكن أن يخلف من آثار على صحة أطفالنا؛ فما شهده البلد خلال الأيام الماضية من تراشق عبر المنصات الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل إعلام "صفراء" ونشر للإشاعات والأكاذيب والأقاويل، يستدعي وقفة تعيد الأمور إلى نصابها، عبر التطبيق الأمثل لقانون الجرائم الإلكترونية، الذي جاء في الأساس لضبط هذه الممارسات.

كَذَبَت العديدُ من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية. وتداولت شائعات كان يمكن لها أن تضر بالبلد بأكمله. خصوصاً وأن دور وسائل الإعلام الموثوقة بدأ يتراجع من الانتشار الكبير للوسائل الرقمية، وهذه قصة تستدعي من الحكومة أيضاً دعم الصحف والمواقع والإذاعات ووسائل التلفزة الوطنية، حتى تقوم بدورها التوعوي بكل احترافية، وحتى يستقي المواطن المعلومة منها، وليس من حسابات "غير موثوقة أو معروفة".

اليوم نحن إزاء تطبيق نص المادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، الذي نص على معاقبة كل من قام قصدا بإرسال، أو إعادة إرسال، أو نشر بيانات، أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو تقنية المعلومات، أو نظام المعلومات أو الموقع الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي أخباراً كاذبةً بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن (5000) دينار ولا تزيد على (20000) دينار، أو بكلتا العقوبتين.

وليس هذا فحسب، بل تلاحق الجرائم التي أشرنا إليها من قبل النيابة العامة دون الحاجة الى تقديم شكوى أو ادعاء بالحق الشخصي إذا كانت موجهة إلى إحدى السلطات في الدولة أو الهيئات الرسمية أو الإدارات العامة أو إلى أحد أعضائها أو إلى أي موظف عام أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب ما أجراه بحكمها.

إذن، لا بد للأردن اليوم من صحافة حرة قادرة مواجهة هذا السيل من الشائعات.. وهذه مسؤولية أخرى على الحكومة في رفع القيود التي تكبل العمل الصحافي مع ضرورة تعزيز المهنية والالتزام بمنظومة أخلاقية وقانونية تحترم الحقائق والآراء المختلفة، لكن الواقع للأسف يقول غير ذلك، فلا الصحافيون قادرون اليوم على ممارسة عملهم بحرية ومهنية والأسباب في ذلك عديدة أهمها عدم وجود دعم لمؤسساتهم، ولا الحكومة عززت من دورهم في مواجهة السيل الجارف من الشائعات في بعض القضايا، ومطعوم الحصبة مثالاً.

ختاماً. ما يسعى إليه الناس معلومة موثوقة تبدد مخاوفهم، وهو ما يتطلب تعزيز الحرية الصحافية وإعادة البوصلة إلى الإعلام الوطني المهني الحر الملتزم القادر على الخوض في مختلف التفاصيل بحرفية ومهنية، عبر دعمه، كما أن على المؤسسات الصحافية أن تعمل على تطوير أدائها وتعزيز منظومة العمل فيها من أجل واقع صحافي أفضل، يرقى إلى رؤية جلالة الملك في هذا الإطار، وهو الذي دعا ويدعو دوماً إلى صحافة حرة مستنيرة قادرة على توفير المعلومة الصحيحة ولا شيء غير ذلك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى