مقالات

الحكومة قُدَّ قميصُها من دُبُرٍ حينما هرولت هرباً من الفساد.. ونواب هم من حاولوا قدَّ قميصها!

التاج الإخباري – كتب محرر الشؤون المحلية

إنَّ النقدَ والرقابة والتوجيه وحتى اقلاقَ راحة المنعمين مهامٌ أساسية فُضلى لقطاعاتٍ كالصحافة، أو لجهةٍ كمجلسِ النواب، شريطة أنّ تكونَ الغاية نبيلة والمآربُ الشخصية غير حاضرة في هذا الفعل. 

هذه الأدوار تُطبقُ بأمانة ولا تُشخصُ الأمور في ثناياها؛ كي تؤتي أُكلُها بفائدةٍ للجماهير، وتعود بالنفع على الدولة ككل، وفي حال بُنيت لتحقيق المآرب الشخصية والمنافعِ المناطقية، واسترضاءً للأقارب والإصدقاء، فإنها ستغدو نقمة لا طائل منها إلا الضرر. 

ما دعاني لذكرِ هذا الكلام، هو الحالة التي لا ينبغي ولا يمكنُ الصمت عنها، والتي باتت مؤخراً الشُغلَ الشاغل للبعض من أعضاء مجلس النواب، أو شريحة من الجماهير الذين ينقدون الإيجابي والسلبي، السوي والمتعرج، النظيف والمتسخ، الفاسد والأمين؛ اما لتحقيق منافعهم أو ارضاءً لشيءٍ ما بداخلهم، غير مستندين إلى حُجّة أو بُرهان، ضاربينَ بعرض الحائط، القانون والحقّ وغيرهما. 

لاحظت مؤخراً حالةً من الهجوم المبطن على مدير عام دائرة الأراضي بالوكالة حسام أبو علي، وأنا هنا لستُ في معرض الدفاع عنه؛ فأفعاله وعمله وخبراته وسمعته هنَّ دفاعه الأول والأخير.

هذا الهجوم بدأ بشكلٍ مشروع إلى حدٍ ما، بأسئلةٍ نيابيةٍ تؤدي دوراً دستورياً بحتّ، تعلقت بالأسباب الموجبة لتوليه هذا المنصب بالوكالة رغم انه يشغل مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات التي تعتبر احدى اهم الدوائر للدولة الأردنية.

ما لفتَ انتباهي وانتباه غيري هو كيفية تناول السؤال؛ حيث تناقل البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي السؤال وكأنه يدلل على وجودِ فسادٍ في مكانٍ ما أو على الأقل شبهة فساد، كما وحاولوا بعثرة الهدف واظهار المدير وكأنه متورطٌ في فعلٍ مجرّم أو غير مرغوب. 

البحث قادني أنا وغيري للتأكد من أنَّ السؤال رُغمَ مشروعيته لم يحقق المراد منه؛ فالحكومة مسؤولة عن ضرورة تعيين مدير عام للدائرة غير أبو علي، إلا أنَّ حسام أبو علي في ذات السياق لم يخطئ أو يرتكب جُرماً، ووفق معلوماتي لم يطلب الإدارة حتى ممن منحه اياها. 

ومما وردَ الينا من معلومات فقد تبين أنَّ أبو علي رفضَ منذ توليه ادارة دائرة الأراضي بالوكالة الحصول على نسبة ٢٥٪ من راتب الإدارة التي منحه اياها القانون، في حال توليه منصبين في ذات الوقت، بل وحتى أنه رفضَ الحصول على قيمة المكافآت التي تمنح له في حال ترأسه للجان المنعقدة في الدائرة، وايضا قام بايقاف المخصصات التي تصرف للجان عن كل اجتماع يُعقد. 

أعجبني الردّ الإذاعي للزميل الأستاذ حسام غرايبة حينما بين أنَّ السبب الرئيسي لتولية أبو علي لدائرة الأراضي جاء بحكم وجود قصص كبيرة ومواضيع يجب حلها، ولأنَّ الأخير أثبت كفاءته إلى حدٍ ما في ادارة دفة دائرة ضريبة الدخل والمبيعات خلال الآونة الأخيرة. 

وبالعودة إلى المآرب الشخصية، وشخصنة القضايا أسفلَ قُبّة الرقابة والتشريع، اننا نجدُ الكثير من القضايا التي يتبين تدليس مقترحيها وبحثهم عن منافعهم الذاتية، مستغلين ايثار البعض من موظفي الحكومة الصمت؛ منعاً لتأزيم الأمور وابتعاداً عن مواجهة السخط الشعبي؛ في ظل تهدم جسور الثقة بين الحكومات والشعب على مدار أعوام. 

قبل أشهر اتهم بعض النواب وزارة الخارجية بالفساد في تعيين بعض الملحقين الدبلوماسيين في الوزارة، مدّعينَ كذباً وجود شركة صهيونية تشرف على تعيين الموظفين الجدد، وحينما كُشفَ السِتار تبين أنَّ بعض ممن شنوا هجوماً أهوجاً كانوا يهدفون لتعيين ابنائهم أو أشخاصاً من معارفهم، ما يعني أنَّ الوزارة قُدَّ قَميسُها من دُبُرٍ حينما هرول القائمين عليها بعيداً عن الفساد، وأنَّ نواباً مشرّعين مراقبين همّ من حاولوا قدَّ قميس الوزارة، في قضيةٍ أشغلت الرأي العام وحمّلت الحكومة سخطاً هائلاً من الناس، الذين لا يدرونَ ما يدور في الغرف المغلقة وعلى سماعات الهواتف. 

ما أقوله وأصبوا اليه، بل وأدعوا لدعمه، هو ضرورة أنَّ يقوم الموظف الحكومي سواءً أكان وزيراً أم مديراً أم غير ذلك، أن يقوم بفضح كل من يشن هجوماً على جهة ما، فقط لأنها رفضت تمرير معاملاته أو تحقيق مآربه، أو تأمين "أحبائه" بوظيفة أو منفعة، بشكلٍ غير قانوني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى