مقالات

غنام يكتب .. دروسٌ إعلامية من الزرقاء

التاج الإخباري – كتب الإعلامي ناصر غنام

مرت ليلة الخميس/ الجمعة صعبة على الأردنيين، بعد انتشار خبر وقوع انفجار في مستودع للذخيرة العسكرية تابع للقوات المسلحة الأردنية/ الجيش العربي قرب مدينة الزرقاء. المواقع الإخبارية ومواقع الصحف والعديد من المحطات العربية وصفحات الفيسبوك الشخصية تسابقت لنشر الخبر والصور والفيديوهات.

حتى هذه اللحظة كل شيء يسير في إطاره الطبيعي، فحدثً من هذا النوع لا يمكن اخفاؤه ولا يجدر إخفاؤه بالأصل ..

لكن ما حدث بعد ذلك يستوجب الوقوف وقفة جادة، فحال مواقع الصحف اليومية لم يختلف عن الصفحات الفيسبوكية أو المحطات العربية التي تسابق مراسلوها على طريقة (كوبي بيست) لتداول بيان قديم للأمن العام يفيد بسقوط قتلى وجرحى.

انتشر الخبر كما النار في الهشيم وتداوله الأردنيون على صفحاتهم معربين عن أسفهم ومعبرين عن حبهم للجيش ، لكن حُسن النوايا وحده لا يكفي.

وهنا ومن منطلق المسؤولية أستثني مواقع قليلة تأنت في نشر الخبر، من بينها موقع حرص ناشره وأحد كبار العاملين فيه على الذهاب إلى موقع الانفجار للتأكد من المعلومات المتعلقة به قبل نشر أية تفاصيل، وهنا أُحجم عن ذكر اسم الموقع وصاحبه حتى لا أُتهم بالتحيز له. إن ما جرى يعطينا جملة من الملاحظات يمكن تلخيصها بما يلي :

1. وقوف الأردنيين بتعاطفهم مع مؤسسة الجيش، لكن هذا التعاطف مورس بالشكل الخطأ من خلال نشر معلومات غير صحيحة.

2. ثقافة اللهاث خلف جمع الإعجابات والمتابعات بحجة السبق الصحفي، آن الأوان لوضع حد لها .. وهنا نتحدث عن اتجاهين، الأول لهاث المؤسسات الصحفية وهو غير مبرر وتجب المحاسبة لكل من قام بذلك دون التحقق، والثاني لهاث الأفراد وهو حقيقة واقعة في العالم ولا يمكن وقفها إلا بالتزام المؤسسات الصحفية بالمعايير المهنية والمصداقية لوقف الشائعات.

3. الطابور الخامس كعادته ينتهز أي حدث لتضخيمه ونشر الذعر في المجتمع، وهذا من مسؤولية الأجهزة الأمنية وهي قادرة على ذلك.

4. يجب العلم أن الأجهزة الأمنية تتعامل باحترافية في هذه الحالات، لذلك لا يمكن صدور بيان عن الأمن العام حول حادثة تتعلق بالجيش، والعكس صحيح، وهذه حقيقة على الجميع أن يعيها.

5 . بيان الجيش حتى وإن تأخر قليلاً فإن لذلك أسباباً تتعلق بضرورة التأكد من الأسباب والنتائج، والتصرف السليم في هذه الحالة صدور بيان مقتضب يؤكد الحادثة ويدعو لانتظار التفاصيل وعدم التأخر في نشر التفاصيل لقطع الطريق على الشائعات ومطلقيها.

أعلم أن حُبَ الجيش وأفراده وخوف الناس عليهم كان وراء الانتشار الهائل للخبر والصور والفيديوهات ، لكن كما قلتُ سابقاً فصدق النوايا وحده لا يكفي.

إن كان نشطاء مختلفون على مواقع التواصل قد أخطأوا فإن خطأهم مغفور إن لم يعودوا إليه، أما خطأ وسائل الإعلام فلا يمكن التغاضي عنه فهو خطأ مضاعف وتجب المحاسبة عليه.

الإعلامي ناصر غنام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى