مقالات

الرياحنة يكتب.. هجرة الأدمغة والكفاءات

التاج الإخباري – بقلم موفق الرياحنة 

لعلنا قبل أن ندخل في صُلب الموضوع ونأتي على الأسباب والآثار السلبية المترتبة عليها والحلول دعونا نعرف ما المقصود بهجرة الأدمغة والكفاءات أو ما يسمى بالحركة البشرية العابرة للحدود .

هذه الحالة تُعرّف بهجرة العاملين من ذوي الكفاءات العالية من العالم العربي إلى الغرب ويعرفوا هؤلاء بأنهم من درسوا للحصول على أعلى الدرجات العلمية أو من يملكون خبرة في مجال أكاديمي معين سواء الطب أو السياسة أو الاقتصاد أو القانون أو في أي مجال تقني او علمي معين. 

وهنا نترك للقارئ حرية التمعن في العنوان من فاتحة البدء إلى ياءِ الخاتمة  ولأن الأمر أصبح يُشكِّلُ ظاهرة تدعونا جميعا للتأمل والتَفَكُّرِ والتَّدبر مَلِيًّا حيث يقول تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في الوطن العربي للعام 2002، إن أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من حَـمَـلة الشهادات العُـليا أو الفنِّـيين المَـهَـرة هم طيور مهاجرة ويعملون في الدول المتقدمة ليُـسهِـم وجودهم في تقدّمها أكثر ويعمِّـق رحيلهم عن الوطن العربي آثار التخلّـف والارتهان للخبرات الأجنبية وعلى الرغم من أن لكل واحدٍ من هذه العقول والأدمغة العربية المهاجرةِ للغربِ أسبابهُ ودوافعهُ الخاصة للهجرة إلاَّ أنَّ هنالك العديد من الأسباب العامة التي تتَـشابهُ في الكثيرِ من الدول العربية والتي يكمُـنُ إجمالها في عدم احترام العِـلم والعُلماء وعدم توفر بيئةٍ مناسبة للبحث العِـلمي والإبداع إضافةً إلى ضعفِ الإنفاق على البحث العلمي. 

ولو أردنا أن نُفَصِّل الأمر لوصلنا إلى نتيجة حتمية أنَّ الأسباب التي تدفعُ العُقول والأدمغة العربية إلى الهجرة هي عدم توافر فُـرص العمل المُـتاحة وتولد الشعور بالإحباط واليأس لدى هذه العقول والكفاءات بالإضافة إلى إهمال الدولة ومؤسَّساتِها والقطاع الخاص لهذه العقول وتخصصاتهم مُجبرين هذه الكفاءات على الإحباط عندما يرون كيف تتِـم الاستعانة بخبراء أجانب لقضايا تتوافر فيها الكفاءات اللاّزمة محلياً.

ومن هذه الأسباب أيضًا ندرة وجود مراكز مجهّـزة للبحث العِـلمي فضلا عن عدم وصول المجتمع العربي إلى مرحلة الرّبط بين النشاط العِـلمي والتكنولوجي ومدى إحتياجاته لهذه الأنشطة وعدم وجود استراتيجيات أو سياسات واضحة ومحدّدة لدى مُـعظم الدول العربية في مجال البحث العِـلمي إضافة إلى ضعف المخصّـصات المالية المرصودة في مُـوازنات معظم الدول العربية من أجل اغراض البحث العلمي ومواكبة كل التطورات.

المجتمعات العربية تزخر بالعديد من قصص هجرة الأدمغة والكفاءات إلى الدول الأجنبية وللأسف الشديد فإنها قد أصبحت ظاهرة مستفحلة كما أن الدراسات والإحصاءات الرسمية وغير الرسمية تُـشيرُ إلى أنها في ازدياد مطَّـرد وليست في تراجع أو تناقص  حتى أصبحت المجتمعات العربية بيئات طاردة للكفاءات والأدمغة العِـلمية العربية وليست جاذبة أو ‏حاضنة. 

وتكشف دراسات للجامعة العربية أن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم الأصلية لدرجة أن الأطباء العرب أصبحوا يمثِّـلون 34% من إجمالي عدد الأطباء في المملكة المتحدة عدا عن الارقام غير المعلنة في أمريكا وكندا وغيرها من الدول الأجنبية.

وهنا نطرح تساؤلاً لعلنا نُنَبِّهُ حكومات الدول العربية إلى مدى خطورة استمرار تجاهُـل نزيف العقول والأدمغة العربية المُـهاجرة إلى الغرب على وجه الخصوص لأنها هي من تدفع الثمن خصمًا من رصيدها الفكري وقدراتها البشرية وأن المستفيد الأكبر من هذا النزوح الجماعي هو الدول الغنية والمتقدمة عموما والغربية منها على وجه الخصوص .

متى سيتم تشجيع هذه الكفاءات والأدمغة على البقاء في بلدانها حتى تسهم في تحقيق الإنجازات العلمية في شتى المجالات، 
سؤال نضعه على طاولة كل ذي ضمير حي ؟!!! متى ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى