مقالات

القراءة الخاطئة لتصريحات إيهود باراك !

التاج الإخباريبقلم: نادر القاسم 

بمناسبة مرور ذكرى النكبة نشر رئيس وزراء اسرائيل الاسبق ايهود باراك مقالين في صحيفة يديعوت احرونوت العبرية ونشرت مواقع السوشال ميديا بأشكالها المختلفة مقتطفات مما ورد في حديث باراك وتم ربطه مباشرة بنبوءة زوال اسرائيل التي تحدث عنها عدد من رجال الدين وما رافق ذلك
تطبيل نفسي وعاطفي نظرا للظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وجرى الترويج كالمعتاد لدينا نحن شعوب الامة العربية وإلاسلامية بان زوال اسرائيل اصبح قاب قوسين او ادنى بدون جهد ونحن نائمون ممزقون بالمذهبية والعصبية الطائفية القبلية والحزبية دون التدقيق والتمحيص الدقيق فيما قاله ايهود باراك وقراءة مابين السطور من إيحاءات ومرامي خفية ولم يكلف الا القليل جدا من ابناء جلدتنا وعروبتنا نفسه في  العودة لما كتبه ونشره باراك وقراءة المحتوى كاملا وما يرمي اليه
ايها السادة ايهود باراك خبير سياسي
وعسكري مرموق وقائد صهيوني بارز  يمتلك من الخبرة والرؤية الاستراتيجية مخزونا هائلا بحكم المواقع التي شغلها في دولة الاحتلال كرئيس لحزب العمل الاسرائيلي ورئيس أركان جيش الاحتلال ثم وزيرا للدفاع في عدة حكومات وكذلك وزارتي الخارجية والداخلية واخرها رئيسا للوزراء
لم يلقي ايهود باراك الكلام في مقاليه على عواهنه او للتنظير السياسي والظهور الإعلامي كما يحلو لنا في العالم العربي انما قدم قراءة دقيقة لواقع دولة الاحتلال بعد مرور (74) عاما على قيامها واستشرف بخبرته مستقبل الدولة العبرية والمخاطر التي تحيط بها داخليا وخارجيا وسبل مواجهتها ومعالجتها داعيا الشعب الإسرائيلي إلى أخذ العبرة والحذر من دروس التاريخ وخاصة تاريخ الشعب اليهودي على وجه الدقة وذهب رئيس الوزراء الاسبق في مداخلاته الصحفية لسرد تاريخ الكيانات اليهودية وما الت إليه من اندثار بسبب التفرقة وعدم الوحدة محذرا كل اليهود من الطوائف والملل والنحل المختلفة بان الخلافات الحزبية والدينية الداخلية بين الشعب الإسرائيلي والانقسام هو ما سيقودنا إلى أحدى سيناريوهات ما حل بكيانات اليهود سابقا
واضاف وزير الخارجية الاسبق أن التحديات الداخلية في المجتمع الاسرائيلي اخطر على الدولة من التهديدات العسكرية الخارجية قائلا لقد أثبت التاريخ ان الانقسام الداخلي والتحريض الحزبي والطائفي وبث خطاب الكراهية والحقد بين المكونات السياسية والطوائف اليهودية في دولة الاحتلال هي الخطر الوجودي الحقيقي الذي يهدد الدولة وسيؤدي حتما إلى زوالها اذا لم يتم معالجتها والتوحد صفا واحدا في دولة قوية منوها أن الأمم التي لم تستطع أن تتحد وتتوحد في لحظات الاختبار الحقيقي عبر التاريخ اختفت واندثرت للابد
وعند حديثه عن لعنة العقد الثامن عند اليهود قال موضحا لشعب اسرائيل ان اندثار كيان اليهود مرتين عبر التاريخ لم يكتب في السماء عليهم مسبقا بل جاء نتيجة افعالنا وتصرفاتنا تجاه بعضنا نتيجة الامراض الطائفية وكراهية اخوية وتعصب اعمى لمن احتكروا معرفة إرادة الله وأرادو تطبيقها وفرضها الفعلي على الجميع
وزير حرب الاحتلال الاسبق اراد ان يقول للشعب اليهودي أيضا بوضوح وبرؤية الخبير أن نبوءة القضاء عليهم وعلى دولتهم وزوالهم ليست قول هنا ونبوءة وحسابات عالم هناك ولكنها قد تصبح حقيقة اذا استعر الخلاف داخل اسرائيل وما نشاهده من تراشقات سياسية ومغانم حزبية و تباينات دينية عصبية وفكرية لذا علينا تجاوزها للحفاظ على وحدة وكيان الدولة قويا امام كل التحديات 
واضاف ان وحدة الشعب اليهودي داخليا امام الخطر الخارجي هي القوة الحقيقية التي مكنت اسرائيل من العيش والبقاء قوية وهي اللبنة الاساسية التي ستمكنها من البقاء والحياة لعقود مقبلة 
واستطرد ايهود باراك في مقاله بالقول  انه لا يمكن للارهاب حسب وصفه أن يقضي علي اسرائيل ولا حزب حسن نصرالله وداعمته ايران ولا حماس ولا المشروع النووي الايراني ولا العرب والفلسطينيين طالما بقي شعب اسرائيل موحدا وبما لديه من قوى وامكانات عسكرية وتكنولوجية واقتصادية مكنته من السيطرة على مقدرات وسياسات المنطقة والعالم وهي قادرة على هزيمة اعدائها وانه لا مكان لارهابنا وبث الهلع بين مواطني الدولة من اي خطر او عدو خارجي
ختاما كان الأجدر بالشعوب العربية والإسلامية عامة والشعب العربي الفلسطيني أن يستفيدوا ويستخلصوا العبرة والدروس من حديث ايهود باراك ويفهموا ان ملامح دولة الاحتلال في المرحلة القادمة هي العمل على تعزيز القوة والغطرسة والسيطرة الصهيونية على العالم العربي ومحيطه الاسلامي.

كما ان علينا التوقف عند ركائز  القوة التي يتحدث عنها وهي وحدة الشعب والمواطنة والبعد عن التفرقة والانقسام الداخلي واللعب على اوتارها الحزبية والمذهبية وبناء القوة الذاتية على كافة الاصعدة وكلها عوامل تعاني منها امتنا على امتداد الوطن العربي الكبير ولن يكون هناك سبيل للصمود والتقدم للامام بدونها لانها الكفيلة فقط في انهاء الاحتلال الاسرائيلي واستعادة الحقوق المغتصبة وليس احلام المنام بنبوءة هنا وقول هناك لا يعمل الا على فت واضعاف عضد الامة في بناء استراتجية قومية ثابتة لمواجهة كافة مشاريع التصفية للقضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين المركزية
ان الامة العربية والاسلامية اذا لم توحد كلمتها وتجمع شملها وقوتها فانها حتما ستختفي عن منصة التاريخ للابد ولن تنفعها النبوءات لامحالة هذا الدرس الاهم من مقال ايهود باراك الذي يجب التمعن فيه والاستفادة مما أراد قوله لشعب اسرائيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى