مقالات

منصور يكتب: الخوف من الأسوأ

التاج الإخباري – د. عاصم منصور 

الأسوأ هنا هو في النطاق العالمي، وفي المجالات الجيوسياسية والاقتصادية، حيث كثرت الدراسات والتقارير التي تحذر من انزلاق العالم نحو المزيد من التدهور في الصراعات العسكرية، والركود الاقتصادي، وزيادة التضخم ونقص الغذاء وما تجره هذه كلها من مآس وصعوبات يصعب حصرها.

فالحرب الروسية – الأوكرانية، أو حرب روسيا مع الغرب كما يصفها الروس، دخلت عامها الثاني في ظل أجواء حرجة من الناحية الميدانية، ومع حقيقة ماثلة بحرب طويلة الأمد ومرشحة للتصاعد والتدحرج والتوسع، فقد توسعت رقعة المخاوف من استخدام الأسلحة النووية والاستراتيجية، ولم يعد هناك شك في انّ الروس والأوكران يستعدون لحرب طويلة الأمد، ويحاول الممولون والشركاء مجاراتهم أيضا.

وفي مجال آخر تبدو العلاقات الصينية مع أميركا الآن “متوترة” ومرشحة لتأخذ أشكالا متزايدة من “الصراع”، كما أن انفجار الأوضاع في الشرق الأوسط – كما يرجح عدد من المحللين- هو مسألة وقت مع تصاعد الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي ظل وجود حكومة يمينية شديدة التطرف في “إسرائيل”، وكذلك تصاعد الصراع مع ايران، والضربات الخفيفة المستمرة.

في دراسة واسعة نشرتها مؤسسة “راند” المشهورة والقريبة من وزارة الدفاع الاميركية وحملت عنوان “تجنب حرب طويلة – سياسة الولايات المتحدة ومسار الصراع الروسي الأوكراني”، عرض الباحثان مخاطر استمرار الحرب على المدى الطويل، وقدرا أن تجنب الصراع الطويل هو أولوية أعلى بالنسبة للولايات المتحدة، وحذرا من أن استخدام روسيا للأسلحة النووية هو احتمال وارد، وكذلك نشوب حرب بين الناتو وروسيا.

وفي الجانب الاقتصادي أشار التقرير الى “زيادة الضغط على أسعار الطاقة والغذاء، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي الذي يؤثر في اقتصاد الولايات المتحدة ذاتها”. وهذه الأصوات تسمعها في أوروبا التي ظهرت عليها علامات عدم الارتياح من غياب افق لاستراتيجية منطقية لإنهاء الحرب في المدى القصير، وذك رغم “ضخ أكثر من 150 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا من كانون الثاني (يناير) 2022 حتى 15 يناير من هذا العام” وفق معهد كيل للاقتصاد العالمي وهو معهد أبحاث ألماني.

وبات تمويل الحرب يشكل عبئاً على الاوروبيين، الذين ربما بات عليهم أن يمولوا حصتهم من هذه الحرب من خلال سندات خزينة كما فعلت كندا بـ”إصدار سندات سيادة أوكرانيا الأوروبية”، مما يعني زيادة الدين العالمي والأوروبي المثقل بالديون، في حين يؤكد الروس مرة تلو المرة أن معركتهم تقترب من كونها “معركة وجودية” كما كتب الرئيس السابق لروسيا دميتري ميدفيديف في مقال بمجلة ” الدفاع الوطني” بعد أن أشار الى حجم المساعدات الغربية لأوكرانيا أن ” التاريخ يعيد نفسه، وروسيا تواجه مرة أخرى امبراطورية من أعداء متنوعين بعد 80 عاما من انتصارها في معركة ستالينغراد”.

وبالرغم من هذه التحذيرات، جاءت مواقف المسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا متشددة من خلال رفض المبادرة الصينية للسلام، وزيادة العقوبات على روسيا، بل وتحذير من أسمتهم ” الدول الثالثة أو الجهات الفاعلة الدولية الأخرى “من” الالتفاف على تدابيرنا أو تقويضها”.

تقرير مؤسسة راند الأخير خلص إلى مقاربات مختلفة عن مواقف المسؤولين في الغرب حيث وضع “فاصلاً بين مصالح الولايات المتحدة وأهداف أوكرانيا في الحرب”، وخلص إلى ” دعوة الادارة الأميركية إلى اتباع الأدوات المتاحة لتقصير أمد الحرب والضغط باتجاه سلوك يؤدي في النهاية إلى عملية تفاوضية”، وهو مسار يتماشى مع توجهات الرأي العام في الغرب والعالم والذي ما إن خرج من جائحة كورونا حتى وصل الى مرحلة بات يخشى فيها من الأسوأ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى