إقتصاداهم الاخبار

لماذا الخوف من الارتفاعات القياسية للذهب؟

التاج الاخباري – لقد كان الذهب تقليدياً هو الاستثمار المثالي، وهو الملاذ الآمن الذي تشتريه عندما تكون خائفاً حقاً، فهل يشير ارتفاع أسعار المعدن الثمين بصورة قياسية إلى 2325 دولاراً للأوقية نهاية الأسبوع الماضي إلى أن المستثمرين يتوقعون مزيداً من المشكلات الاقتصادية في المستقبل؟ أم أن ذلك مجرد رد فعل غير محسوب على التوترات السياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط؟ أو ربما كان السبب وراء ذلك هو الارتفاع الذي شهدته أسعار الأسهم الأميركية، خصوصاً مع اقتراب مؤشر ستاندرد أند بورز 500 من أعلى مستوياته على الإطلاق.

ووصفت الـ”ديلي ميل” هذا الارتفاع بالأمر المعقد، وتقول إن الذهب كان بمثابة نوع من التحوط ضد التضخم، وفي الأجزاء المتقلبة من العالم هو مخزن آمن للقيمة، ولهذا السبب تحتفظ البنوك المركزية الرئيسة بجزء كبير من احتياطاتها في المعدن الأصفر، إذ تمتلك الولايات المتحدة أكبر مخزون على الإطلاق يتخطى الـ8.133 طن من الذهب وفقاً لإحصاء مجلس الذهب العالمي في نهاية العام الماضي.

وتأتي ألمانيا بعد أميركا بـ3353 طناً، تليها إيطاليا بـ2452 طناً، وفرنسا بـ2437 طناً، وروسيا بـ2333 طناً، والصين بـ2235 طناً.

أما بريطانيا، فتمتلك 310 أطنان فحسب، ويرجع ذلك جزئياً إلى قرار رئيس الوزراء الأسبق غوردون براون عام 1999 ببيع نصف ممتلكات البلاد من الذهب، وبما أن متوسط سعر الذهب كان 280 دولاراً للأوقية فحسب في عام 2000، فإن ذلك لم يكن سعراً جيداً للغاية.

عيوب الذهب كاستثمار

ولكن على رغم أن الذهب يوفر بعض الحماية ضد التضخم، فإنه كاستثمار لا ينتج أي دخل وأسواقه متقلبة للغاية في الأقل منذ رفع سعر ربط العملة في الفترة من عام 1933 إلى عام 1970 بما يقارب 35 دولاراً للأوقية.

وارتفع سعر أوقية الذهب إلى أكثر من 600 دولار للأوقية في عام 1980 قبل أن يتراجع إلى أقل من 300 دولار في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، ثم وصل إلى 1825 دولاراً في عام 2011، قبل أن يتراجع إلى 1065 دولاراً في عام 2015، ليعود إلى المستويات القياسية الحالية.

وفي حين أن هناك حجة وجيهة مفادها أن كل من لديه القليل من النقود الفائضة يجب أن يمتلك بعض الذهب، فإن الحد التقليدي هو ألا يمتلك أكثر من 10 في المئة من أصوله فيه.

وقالت الصحيفة البريطانية إن “ما تنبئنا به هذه التقلبات أن التحركات في أسعار الذهب تشكل مؤشراً جيداً للخوف، ليس فقط في شأن التضخم، بل وأيضاً في شأن قدرة المجتمعات على التماسك”.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بالعودة بالذاكرة إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما ارتفع مؤشر أسعار التجزئة إلى ما يزيد على 25 في المئة، كان هناك قلق حقيقي على جانبي المحيط الأطلسي من أننا نواجه تضخماً مفرطاً، ويمكن لكثير من الناس أن يتذكروا ما حدث في عشرينيات القرن الـ20 نتيجة لذلك، وهكذا ارتفع سعر الذهب. وتابعت أنه بعد أن رفع رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) بول فولكر، آنذاك، سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 20 في المئة في يونيو (حزيران) 1981، أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة ستستجمع قواها، وسينتج من ذلك استقرار جديد، لذلك لم يعد الهرب إلى الذهب أمراً ضرورياً، مشيرة إلى حدث مماثل عندما وقعت الأزمة الاقتصادية بعد الانهيار المصرفي في عام 2008، إذ بدا الأمر وكأن أوروبا ستخسر اليورو، إلى أن نطق رئيس البنك المركزي الأوروبي، آنذاك، ماريو دراغي في صيف2012 بالكلمات الشهيرة التي مفادها أن البنك المركزي الأوروبي سيفعل “كل ما يلزم” لحفظ العملة. ثم عاد وانخفض الذهب مرة أخرى، ومنذ ذلك الحين واجهنا ذعراً آخر، إذ بلغ التضخم أعلى مستوياته منذ السبعينيات والثمانينيات، وهي تجربة لم يختبرها معظم العاملين في جميع أنحاء العالم المتقدم، وليس فحسب القوى العاملة، فمعظم المستثمرين المحترفين ليس لديهم خبرة أيضاً، إذ إن متوسط عمر مدير الصندوق الاستثماري نحو 45 عاماً.

وعندما بدأوا العمل قبل 20 عاماً، بدا الأمر وكأن التضخم قد تم التغلب عليه حقاً وكان هذا خطأ، لذا بالنظر إلى تفسير الارتفاع الأخير الذي سجله الذهب باعتباره يتألف من ثلاثة أجزاء، يرتبط بعضها بالخوف.

أولاً، حيث يشعر الناس بالخوف من أن السوق الصاعدة الحالية قد ذهبت إلى أبعد من اللازم، وأنه قد يكون من الحكمة التنويع قليلاً، ثانياً، يشعرون بالقلق من احتمال حدوث نوبة ثانية من التضخم، تماماً كما حدث في الثمانينيات، وثالثاً، ليس من الواضح بعد مدى قدرة المجتمعات الغربية على التماسك في مواجهة الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى