تقارير التاج

دعوات العصيان.. من يدعم غزة ومن يختبئ خلف شعاراتها لزعزعة استقرار الأردن؟

التاج الإخباري – حنين زبيده

يشهد المشهد السياسي والاجتماعي في العديد من الدول، ومن ضمنها الأردن، تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة الحراك الشعبي، مدفوعًا بجملة من التحديات الاجتماعية والسياسية، إذ برزت في خضم هذا الحراك، دعوات متكررة لتنفيذ “عصيان مدني” كأداة ضغط شعبية تهدف إلى إحداث تغيير ملموس من أجل كسر الجمود الرسمي ورفض للصمت أو التواطؤ مع المجازر المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.

ورغم موقف الأردن الثابت والمشرّف، لم تتوقف بعض الجهات عن إطلاق دعوات لزعزعة الأمن الداخلي، وكأن الأردن وحده يتحمّل مسؤولية ما يجري في غزة.

اليوم، تُطرح دعوات للعصيان المدني في بلد لم يكن طرفًا في إشعال الحرب، بل كان ولا يزال يسعى بكل طاقته لإيقافها ودعم أهلها.

وهنا يُطرح السؤال المشروع: من يقف خلف هذه الدعوات؟ ومن المستفيد من تحويل وجهة الغضب إلى الداخل الأردني، بدلًا من توجيهه نحو العدو الحقيقي؟

من جانبها، وجّهت بعض الأطراف السياسية في الشارع الأردني أصابع الاتهام إلى بعض التيارات الإسلامية، متهمةً إياها بالوقوف خلف دعوات العصيان المدني، مستغلة المأساة الإنسانية في غزة لخلق حالة من الفوضى وزعزعة الاستقرار.

وفي هذا السياق، تُشير مصادر مطّلعة إلى أن بعض الجماعات الإسلامية تحاول، بشكل مباشر أو غير مباشر، استغلال الظرف الإقليمي لزعزعة الأمن الداخلي، أو على الأقل حرف المسيرات السلمية عن مسارها الحقيقي، عبر بث الشعارات المستفزة ومحاولات لشيطنة الحراك الشعبي الداعم لغزة.

وقد تبين، بحسب المعلومات التي وصلت “التاج”، أن الأفراد الذين تم ضبطهم من قبل وزارة الداخلية إثر ترديدهم هتافات مسيئة للأجهزة الأمنية في مسيرات الجمعة، ينتمون بشكل أو بآخر إلى هذه الجماعات، التي دأبت على توظيف كل حدث مفصلي لزرع الفتنة وتحقيق بعض الاجندة التي قد تتجاوز حدود التضامن الحقيقي للأردن مع القضية الفلسطينية.

وفي خضم هذه الدعوات، فإن الأردنيون يدركون جيدًا أن هذه الدعوات ليست سوى محاولات من بعض الأطراف لزعزعة الامن الداخلي في المملكة لاسيما أن الأردن كان ولا يزال في مقدمة الدول الداعمة للفلسطينيين بالإضافة إلى أن قضية الأردن الأولى هي فلسطين.

وعلى الرغم من أن فلسطين هي قضية الأردن والاردنيين الأولى إلا أن الأردنيين يواجهون بوعيٍ شعبي بخبرتهم ووطنيتهم، دعوات العصيان المدني؛ لأنهم يرفضون أن تكون هذه القضية بوابةً لاختراق الأمن الداخلي أو النيل من استقرار الأردن، فالأردنيون، أوعى من أن ينجروا خلف دعوات مشبوهة كهذه.

إن محاولة تحميل الأردن وزر حرب “لا ناقة له فيها ولا جمل”، رغم مواقفه المشرفة، ليست سوى جزء من محاولات تشويش وتشويه، الهدف منها النيل من استقرار الدولة وتحويل البوصلة عن مسارها الصحيح.

فالحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن الأردن ليس هو من أشعل فتيلة الحرب، ولا يملك مفاتيح إيقافها، ولو كان بوسع الأردن إنهاء العدوان على غزة بمفرده، لما توانى لحظة، وهو الذي لم يدخر جهدا في دعم الفلسطينيين منذ اللحظة الأولى؛ لكن هذه الحرب لا تحسم بالشعارات ولا بالعصيان المدني داخل حدود دولة داعمة، بل تحتاج إلى تحرك دولي واسع وضغط عالمي موحّد.

إن الاصطفاف الشعبي خلف الدولة والقيادة في هذا الظرف الحساس ليس خيارًا، بل واجب وطني وأخلاقي، فالأردن، ملكًا وحكومةً وشعبًا، لم يتوانَ يومًا عن مناصرة فلسطين، وما يقدمه اليوم من جهود ومواقف هو امتداد طبيعي لتاريخه العروبي المشرف، وأي محاولة للمساس بهذا الاصطفاف لن تُقابل إلا بالرفض الشعبي والتصدي الصارم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى