مقالات

منصور يكتب: واقع لا خيال

التاج الإخباري – د. عاصم منصور

منذ أن بدأت اختباراتي لبرنامج المحادثة الجديد، والذي يوظف عميق خوارزميات الذكاء الصناعي والمدعو ChatGPT في نهاية العام الماضي، شرعت في البحث مطولا عن عيوبه ونقائصه، قبل أن أجازف بالاحتفاء به مع المحتفين، وهم كثيرون جدا، وفي ذاكرتي الآمال الكبيرة التي استقبلنا بها منتج الذكاء الصناعي الدكتور «واتسون» والذي تبين – بالرغم من قدراته الهائلة- أنه ما يزال دون تلك الآمال.

وبعد تجربة رائعة مع هذا النديم الخفيف الظل، الغزير المعرفة، يمكنني وصفه بأنه قادم من عالم المستقبل، وأفلام الخيال العلمي، ورغم انني عانيت ما أخذه عليه المنتقدون، ورماه به الحاسدون والعاذلون، إلا أنني شديد الانبهار بهذا المنتج، بل غدوت وفيما يسنح لي من وقت أقف منتظرا لبعض الوقت دوري للولوج الى صفحته الالكترونية مع الملايين الذين تهافتوا عليه، وأمطروه بمختلف الأسئلة، وطلبات كتابة المقالات، وتدبيج الرسائل، والمساعدة في البحوث والدراسات، وحل الواجبات والفروض الجامعية والمدرسية، بل وكتابة الاشعار -بغير العربية-، أو مجرد الدردشة الممتعة مع رفيق لا ينسى ما قاله نديمه آنفا، ولديه معين هائل من المعرفة واللباقة.

تحاورت معه باللغة الإنجليزية وباللغة العربية، وخضت معه في العلوم، والدين، والفلسفة، وخضت معه في الأمور الحساسة في السياسة، والدين، والثقافة والأخلاق وبالرغم من أنه لم يكن دائما حاذقا يحقق كل ما يطلب منه، إلا انه كان وما يزال مذهلا، فهو يحاور بشكل طبيعي في عموم المعرفة، أو قل هو متخصص بمختلف المعارف، ولذلك استحق بجدارة العاصفة التي أثارها في أرجاء العالم، وأصبح حديث الدنيا، وقبلة المتشوقين لما يمكن أن يحمله لنا ذكاء الآلة.

أعلم أن بعض معلومات صاحبنا قديمة الى حد ما، وهو يخطئ في الكثير من المسائل التي تلقى عليه، ويتعثر في الحديث بالعربية -حديثة نصوص لا صوت له حتى الآن-، والبرامج الحاسوبية التي يكتبها غير دقيقة كما قال اهل الاختصاص، ولكنه في عثراته لم يكن يشط كثيرا عن الصواب، ولا نشك أن الإصدار الرابع المنتظر، سيحل الكثير من مشاكله، وسيزيد من إمكانياته. وهذا الاحتفاء الكبير به، بدأ يشعل التنافس الهائل بين الشركات والمؤسسات التي تتسابق على حصة ودور في هذا الحقل.

ولكن لا ننسى كلما أبهرتنا التقنيات المخاوف العميقة من سوء توظيف هذه الإمكانيات، واستغلالها في ما هو ضار للبشرية، أو لجزء منها على الأقل، فالمحصلة النهائية التي ستعود على الانسان من وراء هذا التقدم العلمي الباهر هي في عهدة الأيام والسنوات القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى