سوريا بين الحصار والدّمار.. صرخاتُ استغاثة للعالم (تقرير شمولي)

التاج الإخباري - عدي صافي / فرح منقار
هزة أرضية أفجعت سكان الجنوب التركي والشمال السوري؛ خلّفت آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المفقودين والمحتجزين أسفل رُكام المباني التي سقطت على رؤوس ساكينيها.
الزلزال الذي سجل 7.8 درجة على مقياس ريختر، وضرب حوض المتوسط فجر الإثنين بتوقيت العاصمة الأردنية عمّان، لفتَ أنظار العالم أجمع نحو الجنوب التركي، والشمال السوري الذي لا زال يُعاني أهله من ويلات حربٍ داميةٍ مستمرة منذ ما يزيد عن عقدٍ من الزمن.
وخلّفَ الزلزال حتى هذه اللحظة ما يزيد عن 4.544 قتيل 26.725 مصاب في تركيا، وفق إدارة الكوارث والطوارئ التركية، كما خلّفَ ما يزيد عن 950 قتيل وأكثر من3000 مصاب، وفق الدفاع المدني السوري.
مشاهد مؤلمة
أطفالٌ ظمآنين تحتَ رُكام الشمال، هناك، حيثُ البرد، والموت، وحسب، رضيع يطيرُ الآن في السماء، عجوز ميتَة تعتصرُ حجرَ المبنى؛ علّها تتمسكُ بحياةٍ أحبتها، أُمّ تَلّطمُ خدّها بعدَ أنّ مَشّطت طِفلتها واختارت بُكلَتَها بكلِّ رَجاءِ، ورجالٌ يبكونَ على مجدِ آباءٍ، كانَ أقصی نومِهِمْ سِنَةٌ؛ لِرَعيِ النّومِ في الأبناءِ، هذا هو المشهد الذي تلتقطه كاميرات الصحافيين، في الشمال السوري المنكوب.
العمارات سقطت فأسقطت قلوب المتعاطفين من كل صوبٍ وحدب، ما جعل العالم أجمع يلتفتُ إلى حجم الكارثة الإنسانية التي وقعت في البلدين، لكن هذا الأمر لم يمنع السياسة من التدخل والحدِّ من المساعدات الإنسانية لسوريا؛ الخاضعة تحت ظلم الحصار الدولي، وفق متتبعين للمشهد.
سوريا من الحصار إلى الدمار
الظلام الدامس وقلّة المعدات والإمكانيات زادت من حجم الكارثة في سوريا، وأجبرت الرجال الذينَ سكنَ صوتَ دقّ المعدات في عقولهم، ينادونَ على المحتجزين كما ينادونَ أحبّاءهم، ويسمعون أنينهم الخافت، يعطونهم ماءً ليرتوي بهِ ظمأهم الذي ارتشفَ منذُ وقوع الزلزال، الخوفَ والغُبار، والقلق الذي لا ينتهي، وفق ما أظهرت المشاهد الملتقطة في الأراضِ السورية.
المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية سامويل وربيرغ قال ليس هناك أي شيء على الإطلاق في قانون قيصر والعقوبات الأمريكية يمنع المساعدات الإنسانية والطارئة والأدوية عن الشعب السوري.
وتابع "الولايات المتحدة لا تمنع ولن تمنع أي بلد من تقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري".
الوضع المأساوي دفع السوريين لإطلاقِ صرخات استغاثة دولية لرفع الحصار عنهم ومدّهم بالمساعدات اللازمة، كالمعدات والأليات، وليس فقط المواد الطبية وما يتبعها، حتى وصلَ الأمر برجال الإنقاذ إلى رفعِ حجارةٍ وزنها أطنان بأيادٍ تنزفُ دماً؛ نظراً لغياب المعدات اللازمة لمثل هذه العمليات.
تكاتف شعبي عربي
الشعوب العربية بمختلف أطيافها أطلقت نداءات من خلال تغريدات عبر موقع تويتر، طالبت خلالها بدعم سوريا خلال المحنة التي تمر بها، مشيرين إلى أن دعم ضحايا الزلزال لا يصنف كدعم للنظام السوري القائم، والذي لا تربطه علاقات ودية مع أغلب البلدان العربية؛ على أثر الأزمة السورية وتبعاتها.
الناشطة اللبنانية نوال بريّ قالت في تغريدة خاصة بها:
اذا تعاطفت الدول مع الشعب السوري ما معناتها عم تتعاطف مع النظام..واذا بعتت طواقم ع تركيا فلازم تبعت ع سوريا يلي هي احوج بظل الظروف يلي عايشها الشعب السوري..النظام شي والشعب المعتر يلي في المئات تحت الانقاض بعدهن شي تاني..الشعب السوري مظلوم بالداخل وبالخارج وبكل شي!الله يكون معكن!
— Nawal Berry - نوال برّي (@berrynawal) February 6, 2023
فيما ناشد رئيس مكتبة قطر الوطنية د. حمد الكواري في تغريدة له الدول العرب لدعم سوريا:
عشت في سورية لسنوات وأحببت شعبها الطيب ، والملتزم بعروبته والمتسامح بين طوائفه
— Hamad Al-Kawari (@alkawari4unesco) February 7, 2023
والمحب للغة العربية
والمتضامن مع قضايا العرب وبالذات فلسطين
لا يستحق إطلاقا ما يتعرض له من محنة سياسية واقتصادية وأخيرا مأساة الزلزال
كونوا معه ايها العرب
إنه جدير بالدعم#ادعموا_سورية
صرخة نداءٍ سورية للعالم أجمع
السوريون ومعهم العرب أطلقوا هاشتاج "سوريا تستغيث"، وآخر "رفع الحصار عن سوريا"، طالبوا خلالهما برفع الحصار الدولي عن سوريا ويمدِّ يدِّ العون لها، مرفقين مشاهد مؤلمة للضحايا أسفل ركام المباني، ومدى صعوبة الأوضاع في المنطقة التي وصفت بالمنكوبة.
وجاء في بعض التغريدات التي رصدتها "التاج" التالي:
يا الله على هذا المشهد.. دموعي ما وقفت من أمس?.. الله يعطي كل شخص يساعد أهل #سوريا و يكافح حتى ينقذ هذه الأرواح البريئة التي تستحق أن تعيش.. لحظة انتشال طفلة على قيد الحياة من بين الأنقاض??❤️?#سوريا_تستغيث #زلزال_سوريا pic.twitter.com/9Bcf8b983C
— dalal safi (@AnchalPokhriyal) February 7, 2023
الامارات تكسر الحصار الخانق على سوريا #ارفعوا_الحصار_عن_سوريا
— 3li?? (@AD__UAE_) February 7, 2023
اعانكم الله
???? pic.twitter.com/InHXgB0J9P
فنانون سوريون يطالبون برفع العقوبات عن سوريا
ردت الممثلة السورية شكران مرتجى على تغريدة كتبها الرئيس الأميركي جو بايدن أعرب فيها عن حزنه الشديد للفاجعة التي حلت على سوريا وتركيا بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة.
وكتبت شكران:”بينما يراقب فريقك كارثتنا ، لا يزال مئات الأطفال عالقين تحت الأنقاض”.
وفي رد سابق على وزراة الداخلية الأمريكية على تويتر قالت مرتجى: "ارفعوا العقوبات عن سوريا ماتفعلونه لايمت للإنسانية بصلة لانريد هباتكم لانريد منكم إلا حقنا الطبيعي ارفعوا العقوبات ياسادة الديمقراطية والإنسانية".
أرفعوا العقوبات عن سوريا ماتفعلونه لايمت للإنسانية بصلة لانريد هباتكم لانريد منكم إلا حقنا الطبيعي أرفعواالعقوبات ياسادة الديمقراطية والإنسانية #سوريا_تستغيث #ارفعوا_العقوبات_عن_سوربة #SSOS
— shoukranmortaja?? (@shoukranmortaj1) February 7, 2023
وكتب الفنان السوري معتصم النهار على تويتر، "محاصرة بلد منكوب فعل تخجل عنه الشياطين".
محاصرة بلد منكوب
— معتصم النهار | Moa'tasem Al Nahar (@AlNaharMoatasem) February 7, 2023
فعل تخجل عنه الشياطين#SSOS #SyriaNeedsHelp #syriaearthquake #supportsyria
وكذلك الممثلة السورية أمل عرفة غردت قائلة "هذه الكوارث بحاجة لتقنيات ووسائل غير متوفرة في بلادنا.. المتوفر لدينا فقط لهذه اللحظة الحزن وتوزيع شهادات الوطنيات وسحب شهادات الإنسانية ساعدوا الشعب السوري وارفعوا الحصار عن سوريا.
هذه الكوارث بحاجة لتقنيات ووسائل غير متوفرة في بلادنا…
— Amal Arafa (@AmalArafaa) February 7, 2023
المتوفر لدينا فقط لهذه اللحظة الحزن وتوزيع شهادات الوطنيات وسحب شهادات الإنسانية? ساعدوا الشعب السوري و #ارفعوا_الحصار_عن_سوريا https://t.co/HHCIfQT6i8
كسر الحصار الدولي والهبوط في دمشق
دول عديدة لبّت النداء وكسرت الحصار الدولي تمثلت بالمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والجمهورية العراقية، والجزائر، مصر والعراق، وايران وقطر وروسيا، كما وتعهد الإتحاد الأوروبي بإرسال مساعدات دولية لسوريا وتركيا على حدِّ سواء.
الأردن
وجه جلالة الملك عبد الله الثاني حكومة المملكة لتقديم مساعدات لأسر الضحايا والمصابين في تركيا وسوريا في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين، حسب ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الإثنين.
الأردن يرسل 99 منقذاً و5 أطباء إلى سوريا وتركيا #عاجل https://t.co/M5RALFUHqP pic.twitter.com/EOLISMj9fD
— التاج الإخباري (@altajnews2) February 7, 2023
الإمارات العربية المتحدة
وجه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قيادة العمليات المشتركة ببدء عملية "الفارس الشهم2" لدعم الشعبين السوري والتركي، عقب ما خلفه الزلزال من أضرار لحقت بالدولتين.
وأقلعت الاثنين، أول طائرة مساعدات إماراتية من العاصمة أبوظبي إلى مطار أضنة جنوب تركيا تقل فرق البحث والإنقاذ والطواقم والمعدات الطبية.
"الفارس الشهم 2" الإماراتية.. تفاصيل عملية دعم تركيا وسوريا#مصدر_للأخبار #زلزال_تركيا pic.twitter.com/olzRDuNK3h
— مصدر (@MSDAR_NEWS) February 7, 2023
المملكة العربية السعودية
وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتقديم الدعم والمساعدة لكل من تركيا وسوريا بعد الزلزال المدمر الذي وقع أمس الاثنين وخلف آلاف القتلى والجرحى، من خلال بعث فرق إنقاذ وتسيير جوي إغاثي يشمل مساعدات طبية وإنسانية بصورة عاجلة.
عاجل:
— أخبار السعودية (@SaudiNews50) February 7, 2023
مركز الملك سلمان للإغاثة:
خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وجها بشكل عاجل بتوفير الدفء والمواد الغذائية والمخيمات والأدوية للمتضررين بسوريا وتركيا.
العراق
أعلن الهلال الأحمر العراقي الاثنين عن تقديمه مساعدات لسوريا وتركيا إثر الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب التركي وتأثرت فيه مناطق سورية.
وأكد أن 60 طنا من المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية جاهزة لإرسالها إلى سوريا، مشيراً إلى أن "المساعدات الإنسانية التي يقومون بإرسالها بالتنسيق وبدعم الحكومة العراقية".
عاجل إنطلاق الاسطول صوب سورياhttps://t.co/9pQHtHxrSz pic.twitter.com/2ofn9teopC
— قناة العهد (@ahadtv) February 7, 2023
الجزائر
وسارعت الجزائر بتقديم المساعدات من خلال ارسال طائرات مجهزة بكافة الإحتياجات اللازمة لتقديم العون.
وصول الفريق الجزائري الثاني لفرق البحث والإنقاذ إلى سوريا من أجل المساهمة قي عمليات الإغاثة لإخواننا المتضررين من الزلزال الذي ضرب المنطقة.
— hafid derradji حفيظ دراجي (@derradjihafid) February 7, 2023
#زلزال_تركية_سوريا pic.twitter.com/koA4l3HqjR
فرنسا
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين إن فرنسا "مستعدة لتوفير مساعدة عاجلة للسكان" في تركيا وسوريا بعد الزلزال العنيف الذي أودى بالمئات في البلدين. وكتب ماكرون في تغريدة "تردنا صور فظيعة من تركيا وسوريا بعد زلزال بقوة غير مسبوقة. نتعاطف مع العائلات التي خسرت أفرادا".
اليونان
تحدث رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين لتقديم "مساعدة فورية" لتركيا. وجدد رئيس الحكومة "رغبة اليونان في مساعدة تركيا على الفور" وقدم "خالص تعازيه"، بحسب بيان مقتضب أصدره مكتبه، فيما تشهد العلاقات بين هذين البلدين الجارين والخصمين التاريخيين توترات شديدة اتسمت خلال الأشهر الماضية بتصريحات نارية بين الزعيمين.
روسيا
قالت الرئاسة السورية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصل هاتفيا بنظيره السوري بشار الأسد وقدم تعازيه في قتلى الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد الإثنين وتعهد بإرسال فرق إنقاذ ومساعدات.
وسارت دول عربية واخرى اوروبية عديدة على ذات النهج حيث سيرت مصر وقطر مساعدات إلى سوريا سعياً للمساعدة.
الأمم المتحدة بدورها أكدت خلال تغريدة عبر حسابها الرسمي أنها تحشد لتقديم المساعدة لسوريا وتركيا فور وقوع الزلزال.
The UN is mobilizing emergency response teams to help victims in Türkiye and Syria following Monday's massive earthquakes.
— United Nations (@UN) February 7, 2023
Latest update from @UNOCHA: https://t.co/AW2An601Dx pic.twitter.com/TevDawkRaH
السخرية من الآلام
الصحيفة الفرنسية شارلي إيبدو عادت لتستخدم حجة الحرية في سبيل استفزاز مشاعر الآخرين، فبعد سوابقها المتمثلة بنشر صور مسيئة لنبي المسلمين محمد قبل سنوات وما خلفه فعلها من غضب في العالم الإسلامي، عادت ونشرت صورة تعبيرية تظهر المبانِ المهدمة في سوريا وتركيا في اشارة إلى عدم ضرورة ارسال دبابات غربية لإسقاطها.
وتالياً الصورة:
صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية تضع عنواناً ساخراً على #زلزال_ترکیا: (لسنا حتى بحاجة لارسال دبابة". pic.twitter.com/ejSMW20sdP
— نحو الحرية (@hureyaksa) February 7, 2023
الحصار الدولي على سوريا.. ماذا يعني؟
وتخضع الجمهورية السورية لحصار دولي متمثل "بقانون قيصر" والذي اقرته الولايات المتحدة الأمريكية قبل سنوات؛ على اثر الحرب القائمة داخل الأراضِ السورية.
ودخل "قانون قيصر" حيز التنفيذ في 17 حزيران/ يونيو عام 2020. ويفرض بموجب هذا القانون، عقوبات جديدة على أي جهة تتعامل مع الدولة السورية أو تقدّم لها التمويل، أيّاً كانت أشكاله، وفي مجالات عدة، خاصة تلك التي تتعلق بمشاريع البناء والهندسة، وصناعة الطاقة، وقطاع النقل الجوي. وهذا يعني أن هناك 3 قطاعات اقتصادية أساسية ستكون تحت تهديد عقوبات البنك الفيدرالي الأميركي، وهي التجارة الخارجية عبر منع توريد ما تحتاج إليه المؤسسات السورية، من تجهيزات وقطع غيار. إضافة للاستثمار المحلي أو الأجنبي المشترك أو الداعم لسوريا خاصة مجالات البناء والهندسة والطاقة والقطاعات المتعلقة بالتمويل والذي يشمل القروض والمساعدات والحوالات المالية.
وبحسب محللين اقتصاديين، فإن هذه العقوبات المالية هي بمستوى عال من الخطورة. فبالتوازي مع محاولات تجفيف كل الحوالات المالية الخارجية، تسعى الإدارة الأميركية إلى منع وصول أي مساعدات مالية أو قروض، وإلى تقييد عمل المؤسسات المصرفية الرسمية، بما في ذلك قدرتها على تمويل المستوردات ومنح التسهيلات الائتمانية.
ويذكر أن زلزالاً ضرب بقوة 7.8 درجة تركيا وسوريا في ساعة مبكرة من صباح أمس الاثنين ودمر آلاف المباني، ومن بينها العديد من البنايات السكنية والمستشفيات، وخلف آلاف الجرحى والمشردين.
