عربي دولي

ارتفاع معدلات البطالة في العراق

التاج الإخباري – تكشف بيانات رسمية ارتفاع معدلات البطالة في العراق إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود، على الرغم من ثروة البلاد النفطية الضخمة التي يبدو أنها لم تسهم في تحسين مستوى معيشة العراقيين نتيجة للفساد وسوء الإدارة ونقص الخدمات الأساسية.

آخر الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي تشير إلى أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، ما ينذر بتفاقم حالة سخط شعبي قد يقود إلى احتجاجات مماثلة للاحتجاجات العارمة التي اندلعت عام 2019 وأدخلت البلاد في أزمة كبيرة.

يتفق المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي على أن نسبة البطالة مرتفعة في العراق مقارنة بما كانت عليه قبل سنوات. ويقول في حديث نقلته قناة “الحرة” إن “جائحة كورونا وما رافقها من تداعيات خلفت أزمة اقتصادية وانكماشا ماليا فاقم من معدلات البطالة والفقر في البلاد”.

ويضيف الهنداوي أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام لتصل إلى 30 في المئة”.

ويتابع الهنداوي أن “وزارة التخطيط تعمل حاليا على الانتهاء من إتمام مسح لسوق العمل العراقية من المؤمل أن يعطي لنا مؤشرات جديدة عن البطالة والفقر”.

أظهر الإحصاء الأخير الذي أجرته الحكومة العرقية لمعدلات البطالة في عام 2020 أن محافظة الأنبار غربي البلاد سجلت أعلى نسبة بطالة بواقع 32.4 في المئة، فيما بلغت النسبة في محافظة كركوك 6.3 في المئة، وهي الأقل مقارنة بباقي المحافظات العراقية.

وبلغت نسبة البطالة في الريف14 في المئة، مقارنة بـ13.2 في المناطق الحضرية.

الأكثر تضررا
الشباب كانوا من بين أكثر الفئات التي تضررت من تراجع الاقتصاد وارتفاع مستوى البطالة، إذ يشير البنك الدولي إلى أن هذه الفئة شهدت ارتفاعا ملموسا بلغ 36 في المئة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتأزمة وتداعيات الوضع الأمني.

ويؤكد البنك الدولي أن العراق يعد من بين البلدان التي يشكل الشباب فيها نسبة عالية من عدد السكان الذين قدر عددهم في عام 2018 بحوالي 38.5 مليون نسمة. وقال إن ما يقارب نصف الشباب في العراق هم دون سن 19 عاما وحوالي الثلث بين 15 و29 عاما.

يقول الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان إن “نحو 160 ألف إلى 170 ألف شاب يتخرجون سنويا من الكليات والمعاهد ولا يجدون فرص عمل”.

ويبين أن “هناك قوى جديدة أخرى تنزل للسوق من العمال العاديين وتصل لما يقرب من 300 ألف إلى 350 ألف، وهم في وضع بائس أيضا لانعدام فرص العمل لهم في السوق المحلية”.

ويشير أنطوان إلى أن العراق يمتلك “قوة شابة ضخمة، لكن هذا يتآكل لأنهم يبقون لمدة سنتين أو ثلاثة من دون إنتاج، وبالتالي يتحولون لقوة خاملة”.

ويقول البنك الدولي في تقرير نشر في مايو الماضي إن العراق “يقف في مفترق طرق وبلوغه نقطة أصبحت فيها الحلول السريعة محدودة”، مشيرا إلى أن “الاقتصاد أضحى بحاجة لتحول جذري إذا كان يُراد له أن يكون قادرا على خلق الوظائف لأعداد الشباب المتزايدة من السكان”.

ويضيف أن “إصدار الربيع لعام 2021 من المرصد الاقتصادي للعراق يقدر أنه بإمكان العراق أن يحصل على مكاسب مالية سنوية قدرها 11 مليار دولار أميركي إذا تم تنفيذ السياسات الداعمة للنمو في القطاعات غير النفطية جنبا إلى جنب مع معالجة أوجه الجمود في موازنته المالية”.

ويرى البنك الدولي أنه “مع وصول أسعار النفط إلى مستوى يتجاوز 60 دولارا للبرميل، أصبح بوسع العراق الشروع في تنفيذ الإصلاحات وتوظيف هذه المكاسب غير المتوقعة في التخفيف من أثر التداعيات المحتملة لمثل هذه الإصلاحات والاستثمار في رأسماله البشري والمادي”.
وفي هذا السياق، يؤكد الهنداوي أن “الحكومة العراقية وضعت خطة للتعافي من تداعيات كورونا، تمتد من عام 2021 إلى 2023 وتشتمل على ثلاثة محاور أساسية”.
المحور الأول، وفقا للهنداوي، يتضمن “تحسين مستويات الاقتصاد ودعم القطاع الخاص والاستثمار الخارجي، والثاني اجتماعي يركز على مجالات الصحة والتعليم والفقر وتمكين المرأة وعودة النازحين، والثالث يتعلق بالتنمية المكانية ويستهدف معالجة الفجوات التنموية الموجود في عموم البلاد”.

لم يكشف الهنداوي عن حجم الأموال التي تحتاجها هذه الخطة، لكنه أشار إلى أنها تحتاج لجهود مجموعة من المؤسسات الحكومية، مضيفا أن موضوع الأموال “متروك للجهة التي سيكون لها دور في تنفيذ الخطة، ومدى توفر التخصيصات اللازمة لذلك من ميزانياتها”.

في المقابل ينتقد الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطون التحركات الحكومية المتعلقة بالتنمية الاقتصادية، ويرى أن “الخطط الموضوعة دائما ما تكون دون المستوى”.

ويتابع أن العبرة ليست في وضع الخطط فقط، بل بمن سينفذها، على اعتبار أن القطاع الإنتاجي الصناعي والزراعي والسياحي في العراق مشلول تماما، وهذا من شأنه أن يرتفع نسب البطالة ويزيد من الفقر”.

ويشدد أنطوان “نحتاج لوضع خطط عملية واقعية لمواجهة البطالة، والسبيل الأساسي لذلك هو القطاع الخاص”، لافتا إلى أن هذا القطاع مشلول الآن وفي وضع بائس”.

ويختتم بالقول إن “ميزانية العراق ارتفعت مؤخرا وزادت أسعار النفط وخف العجز لكن القطاع الخاص لا يزال يعاني والمشاريع متوقفة، لأن المناخ الاستثماري غير ملائم لعمل القطاع الخاص”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى