ثقافة وفن

عرض مسرحي فلسطيني يمزج بين الأسطورة والواقع في مسرح قصر رام الله الثقافي

يزن العدوان – التاج الإخباري

أدركت فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية أهمية الدور المناط بها في الحفاظ على الهوية وإحياء الموروث، فتستلهم عروضها من وحي التاريخ وتقدمه بروح معاصرة ليكون أقرب ما يكون للوجدان مثلما جاء أحدث عروضها الفنية “أشيرة”.

والعرض مأخوذ عن أسطورة كنعانية تقوم فيها الفتاة “أشيرة” بمنح قصفة من شجرة رمان لأهل بلدتها ليزرعوها في حقولهم، ولأنها لم تأخذ إذن الأقدار في ذلك تتم معاقبتها بإرسالها إلى العالم السفلي حيث
تُعذب كي تنسى بلدتها وبيوتها وحقولها، ومن حدث إلى آخر تُدمر البلدة وتُقتلع أشجارها ويُهجر أهلها.

ووضع فكرة العرض الذي قُدم على مسرح قصر رام الله الثقافي، وكتب كلماته وسيم الكردي وهو من إخراج نورا أبو بكر وأنس أبو عون وشارك فيه أكثر من 100 فنان بين راقصين وموسيقيين ومغين وهو يمزج بين فنون الرقص والموسيقى والصور السينمائية.

عمل تاريخي

يحاكي العرض على وقع سرد الحكايات تارة وعلى أغان وألحان موسيقية تارة أخرى ما عاشه الفلسطينيون حديثاً وكأن ما حدث في الأسطورة ما زال قائماً في وقتنا الحاضر.

شاركت في العرض فئات عمرية مختلفة وامتلأ المسرح عن آخره مرتدين ملابس من الفلكلور الفلسطيني بألوانه الزاهية التي صممت لتساعدهم على الحركة التي يتطلبها العرض سواء كان ذلك بشكل جماعي أو فردي.

وقال خالد الغول عضو مجلس إدارة فرقة الفنون الشعبية إن أشيرة “إلهة البحر وربة الخصوبة في الطبيعة والإنسان ومرضعة النبلاء على امتداد السلالات التي خرجت من دم الحكايات ومن رحم الغيم والتي صارت اْمرأة فاتنة وبارعة ومقدسة”.

وأضاف: “وها نحن اليوم نواصل السرد والحكي ونروي على مهل حكاية أشيرة.. في هذا العمل صار من الصعب إدراك الفواصل بين الكاتب والمصمِم والمدرب والراقص والمغني والعازف والملحن ومصمم الديكور والأزياء”.

من جانبه قال وسيم الكردي صاحب فكرة وقصة ونصوص العرض: “منذ كنت أفكر في تقديم عمل لتاريخ ممتد على مدار عشرة آلاف سنة للفلسطينيين وليس فقط الجانب الفلكلوري الذي يمتد إلى 100 أو 150 سنة ماضية”.

وأضاف: “أردت تقديم عمل يعكس الفن المتنوع لحضارات عديدة امتدت على هذه الأرض التي نحن جزء من النسيج المتنوع الموجود فيها لذلك هذا العمل يجب أن يُصنع بطريقة معينة عبارة عن كولاج يجمع النصوص والصورة والحركة العامية والفصحى والصوت الفردي والجماعي والرقص الفلكلوري والمعاصر”.

وقال: “أردنا أن نقدم رحلة تاريخية ولكن ليس عبر صورة نمطية ولكن بصورة مختلقة ترقى إلى العمل الملحمي، هذه تجربة جديدة لفرقة الفنون الشعبية تقدم صور أخرى للمعاني التي يمكن أن يطلقها الجسد”.

واقع اليوم لم يتغير عن الأمس

وقسم القائمون على العمل العرض إلى جداريتين رئيستين ضمت كل منها مجموعة من الرقصات أحياناً بشكل جماعي وأخرى ثنائية أو بعدد محدود من الراقصين والراقصات.

وقال أنس أبو عون الذي شارك بإخراج العمل: “أشيرة الكنعانية مزيج من مجموعة القصص تحاكي واقعنا الفلسطيني، وما يميز هذا العمل أن قصص أفراد في فرقة الفنون موجودة فيه”.

وأضاف: “الواقع اليوم لم يتغير عن الواقع قديماً العرض يستحضر مشاهد من الدمار في قطاع غزة ووجوه راقصي الفنون وهم يحكون القصص”.

وأشار إلى أن العمل على إنتاج العرض استغرق 5 سنوات قبل أن يخرج للجمهور وإن ظل قابلاً للتطوير بعد كل عرض “فلا يوجد هناك نصوص مكتوبة يجب الالتزام بها ولكن نطور في الأداء بعد كل عرض”.

ويطمح أبو عون أن ينتقل في جولة عروض خارجية لهذا العمل الفني بعد جولة العروض المحلية التي بدأت في رام الله وكان مستهلها في يوليو.

أما الراقص نضال الكعبي المشارك في عرض “أشيرة” فهو فخور بهذه التجربة ويرى أن العمل “يحمل كثير رمزيات ويعبر عن حياتنا الفلسطينية”.

وقال لـ”رويترز”: “رغم أنه يتعلق بالإرث الكنعاني ولكن يحكي أكثر عن دور المرأة الفلسطينية ورمزيات في المقاومة”.

وأضاف: “الفنون لها أشكال متعددة ربما تكون الحركة هي الأصعب وما يميز هذا العمل أن النص الأدبي والشعري مبني على الحركة لتعبر عن هذا النص”.

ويعود تاريخ تأسيس فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية لعام 1979 وأنتجت العديد من الأعمال الفنية المتنوعة ويأتي عرض (أشيرة) في ختام عروضها لهذ العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى