مقالات

«عقيدة مونرو».. وعقدة أوكرانيا!

التاج الاخباري- رجا طلب – لم تغادر الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا عقيدة الرغبة في الهيمنة بأبعادها المختلفة «الكولونيالية»، فحتى عندما شاركت بصناعة اتفاق يالطا «مؤتمر المنتصرين» الذي قسم أوروبا والعالم إلى عالمين أحدهما تابع لحلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفياتي والآخر حلف «الناتو» التابع لها كانت تسعى دائماً لتجاوز هذا الاتفاق وخرقه وبناء تكتلات سياسية واقتصادية تضعف المعسكر الشيوعي، ووجدت بعض الثغرات في يوغسلافيا زمن الرئيس جوزيف تيتو بسبب سياسة «التسيير الذاتي» التي ميزته عن موسكو، وبولندا بعد الثورة العمالية بزعامة ليخ فاونسا ورومانيا بزعامة نيقولاي تشاوشسكو الذي كان مقرباً من واشنطن وتل أبيب.

لم تتغير القواعد الأساسية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ بدايات القرن التاسع عشر إلى اليوم رغم تقلباتها في التكتيك الذي فرضه تغيّر الظروف الدولية وتحديداً تغير الظروف المتعلقة باعدائها في أوروبا في تلك الفترة، وأقصد بالتحديد اسبانيا والبرتغال وبحلفائها في أوروبا وبخاصة بريطانيا، ومن أبرز تلك القواعد كانت «عقيدة مونرو» التي تنسب للرئيس الأميركي جيمس مونرو الرئيس الخامس للولايات المتحدة التي أعلن عنها أمام الكونغرس الأميركي في الثاني من ديسمبر من العام 1823 وجوهرها معارضة بلاده لعودة الاستعمار الأوروبي إلى الأميركيتين، واعتبار عودة اسبانيا لمستعمراتها في الأميركيتين خطراً على أميركا.

هذا المبدأ أو هذه العقيدة لم تنبع منذ ذلك التاريخ على أساس دعم التحرر في دول الأميركيتين بل اتضح لاحقاً أنها جزء من عقلية «كولونيالية» لم تسمح لدول بجوارها مثل كوبا أو نيكاراغوا أو حتى المكسيك أو فنزويلا البعيدة في أميركا الجنوبية بالاستقلال أو بناء تحالفات خاصة بها تحقق مصالحها وتحصن أمنها القومي، وهي ذاتها الولايات المتحدة كادت عام 1962 أن تشعل حرباً عالمية ونووية بعدما نشر الاتحاد السوفياتي صواريخ متوسطة المدى في كوبا وهي ازمة «خليج الخنازير» الشهيرة.

واشنطن ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية ورغم عدم مشاركتها الفعلية بالحرب إلا أنها ومن خلال أكبر جريمة بالتاريخ المعاصر ألا وهي القاء قنبلة هيروشيما على اليابان تمارس سلطة الدولة الأعظم، ولهذا أسباب كثيرة من أبرزها الاقتصاد وهيمنة الدولار، واستناداً إلى هذا التاريخ يمكننا اليوم الحكم على سلوك واشنطن في أزمة أوكرانيا.

واشنطن تتحرش وبشكل واضح بروسيا من خلال مد نفوذها المباشر إلى أوكرانيا عبر حلف الناتو، وأوكرانيا تاريخياً بالنسبة للاتحاد السوفياتي السابق أو روسيا الوريث له هي «سلة الغذاء» الأساسية، و«المصنع» الذي تنتج من خلاله أغلب الصناعات من الغذاء إلى الصواريخ، والأهم أنها كانت «سترة واقي الرصاص» الذي يحمي روسيا وجرس الإنذار الأقرب والأهم.

سؤالي هنا أين عقيدة «مونرو» التي يتحدث بها المسؤولون الأميركيون إلى اليوم، ولماذا هي حكر على مصالحهم، وليست حقاً لدولة كبرى مثل روسيا.

هذه هي الولايات المتحدة وهذه هي معاييرها المزدوجة والمتناقضة.

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى