مقالات

من المسؤول عن برامجنا ومسلسلاتنا؟

التاج الإخباري – بقلم : احمد السلايطة
أدى تغير سلوكيات بعض البرامج والمسلسلات المعروضة على الشاشات الأردنيه في الآونة الأخيرة إلى شيوع حالة من الإحباط واللامبالاة والاضطراب النفسى والرغبة في الانعزال والانطواء لدى غالبية أفراد المجتمع الأردني المتابع لهذه البرامج والمسلسلات وحقيقة الأمر نلاحظ في أفكار هذه البرامج بأنه.. لا أحد يطيق أحدا.. الكل يشكو من الكل.. وكل من يشكو يرى أنه على حق وعلى صواب وأنه المظلوم.. والمشكو في حقه على باطل وهو المخطئ والظالم.. مما يؤدي إلى تشويه الشخصية الاردنيه لدى المتابعين من الخارج لهذه السلسه من البرامج المعروضه وهنا يعتقد المتابع بأن الشخصيه الأردنيه قد تغيرت ولم تعد تلك الشخصية المتسامحة المتصالحة مع نفسها.. المحبة للخير وللغير.. المسارعة لمد يد العون لمن يستنجد بها أو يحتاج مساعدتها.. المتدينة باعتدال.. المنفتحة على مختلف الثقافات. حقيقة أنني أرى بأن هذه السلسه من البرامج قد غيرت سلوكياتنا في كل الأماكن.. وفى كل المواقف.. ففى الشارع.. يصطدم بك الشخص.. بقصد أو بدون قصد.. أو يتسبب لك في أذى متعمدا أو غير متعمد.. وعندما تنظر اليه مستفهما أو مستغربا.. ترى في عينيه تحفزا وقد يتعدى عليك باللفظ أو بالضرب.. بعدما كان من قبل.. يعتذر ويبدى أسفه في أدب.. وأيضا.. ازدادت حالات السب والشتم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي متأثرين بما يعرض من بعض البرامج التي ظاهرها كوميدي وباطنها سلوكيات سيئه .. كما تتأثر غالبية الشعب بالتصرفات من الممثلين وهذا ينعكس سلباً على الشوارع العامه وينتج عنه مصطلح أسميه «الأنمالية» أى أن كل شخص يقول «وأنا مالى».. بعد أن كانت شهامة الأردنيين هى المعهودة في هذه المواقف.. يهبون لنصرة المظلوم والدفاع عنه واسترجاع حقه.. وسلوكيات المرور التى هى عنوان تحضر الشعوب.. نرى العجب في الشوارع والطرق من قائدى بعض السيارات من مشاحنات وتشابك بالأيدى احيانا واستعراض للقوة والنفوذ.. في وسط الشارع.. معطلين خلفهم عشرات السيارات بلا مبالاة.. ولا مراعاة لظروف الآخرين.. بخلاف السير عكس الاتجاه والانتظار في الممنوع.. وإلقاء المخلفات والقمامة في الشارع.. وغير ذلك من التصرفات التى جعلت بعض شوارعنا من أسوأ شوارع العالم مروريا وسلوكياوخاصة في المدن المزدحمه والأسواق المكتظة بالناس . وفى المواصلات العامة مثلاً .. غابت المروءة والنخوة عند البعض .. فنجد شابا في مقتبل العمر يجلس على مقعد أو سيدة تجلس طفلها على مقعد بجوارها.. وهناك شيخا متوكئ على عكازه أو سيدة مسنة أو سيدة حامل.. يقفون أمامهم.. يكادون يسقطون فوقهم من حركة وتوقف الباص.. وهم يشيحون بوجوههم عنهم وكأنهم لا يرونهم.. بخلاف تمزيق جلود الكراسى وتكسيرها وغيرها من السلوكيات المذمومة. وفى العمل أيضاً .. يتسابق البعض للإضرار بالجميع.. حتى ولو لم يكن هناك عائد أو فائدة من هذا الأذى والضرر.. وبعد أن كان العاملون في أى مكان متحابين مترابطين كأنهم أسرة واحدة.. شاعت بينهم الآن الفرقة والبغضاء والكراهية والحسد.. وتراجع التزامهم وإتقانهم للعمل. وفى بعض الأسر.. ضعفت الروابط الأسرية.. وغلبت الأنانية عليهم.. وضاعت الحقوق بينهم.. وأصبحت المشكلات بينهم.. أكثر مما هى بينهم وبين الأغراب.. وغابت المعاملة الحسنة والإيثار وصلة الرحم.. كما تراخت قبضة الآباء عن أبنائهم وغابت رقابتهم عليهم.. فساءت أخلاقهم وفسدت تربيتهم. وطبقة العمال والفنيين والمهنيين.. الذين رفعوا أجورهم.. ولا يتقنون عملهم.. والتجار الذين زاد غشهم وجشعهم.. مما أدى إلى زيادة الأسعار والغلاء الفاحش بدون مبرر.. الفلاح والمنتج يرفعان الأسعار على تاجر الجملة.. وتاجر الجملة يرفع الأسعار على تجار التجزئة.. وتجار التجزئة يرفعون الأسعار على المواطن.. والمواطن يئن تحت ضغط قلة دخله وضعف قوته الشرائية.. وإذا سألت عن السبب.. يقولون.. البنزين زاد.. الدولار ارتفع.. الصنف قليل.. الحكومه بدون رحمه.. مع أن البنزين والدولار والصنف والحكومه أحيانا ليسوا سببا للزيادة في كل مرة. وفى العموم زادت الشائعات والمعلومات المغلوطة ووجدت من يصدقها ويساعد في انتشارها.. والفهلوة التى أصبحت سمة لمعظم تعاملاتنا.. وعدم احترام كبار السن ورفع الصوت والتطاول عليهم.. وانتشار الألفاظ الخارجة البذيئة والنابية التى تخدش الحياء والذوق العام وعدم الالتزام بالقوانين.. والتسول بطرق فجة.. والزعرنه في الشوارع.. وانتشار تجارة المخدرات.. وغيرها من المظاهر والظواهر السلبية التى لم يكن لها وجود من قبل.. أو التى كانت موجودة ولكنها لم تكن بمثل هذا الظهور والسفور. لقد مرت الأردن بأزمات وصعاب وشدائد.. أشد وأقوى مما نمر به الآن.. ونجحت في التعامل مع كل ما مر بها وتغلبت عليه.. ولم تتغير هويتها.. ولم تتبدل شخصية الأردني الشهم المتمسك بمبادئه وقيمه.. المحافظ على عاداته وتقاليده.. رغم التنوع الدينى والعرقى والثقافى والاجتماعي.. حيث اندمجت قيم وعادات أبناء المدينة والريف والبادية.. وتعايش المسلمون بجانب المسيحيين وأصحاب الديانات والمذاهب الأخرى.. ولا وجود لكلمة أغلبية وأقلية أو طائفة أو مذهب أو عرق. نحن في حاجة إلى استعادة هويتنا وشخصيتنا الأردنيه الأصيلةمن خلال بث برامج ومسلسلات تناسب عاداتنا وتقاليدنا .. وإحياءها .. وإيقاظ مبادئنا وقيمنا.. وتوريثها لأبنائنا.. لينقلوها لأحفادنا.. وتظل متوارثة بينهم إلى أن تقوم الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى