مقالات

ليس دفاعاً عن الملك ..

التاج الإخباري – كتب خير أبو صعيليك
لست بصدد الدفاع عن الملك، فهو بموجب المادة الثلاثون من الدستور مصون من كل تبعة و مسؤولية كما ان اوامره الشفوية او الخطية لا تعفي الوزراء من مسؤولياتهم كما نصت المادة التاسعة والاربعون من الدستور. ولكن ما دفعني لكتابة هذه السطور ما يتناقله البعض من تحميل الملك مسؤولية ما يجري و يصور البلاد على انها مرتع للفساد لا تحتكم الى قوانين وان الفوضى هي التي تسود الموقف.

لا احد ينكر سوء الاوضاع الاقتصادية ولا احد يتشدق بأن الاردن خالٍ من الفساد ولا احد يخفي حاجة البلاد الى اصلاحات سياسية وادارية هيكلية، ولكن من الخطأ الفادح والظلم البين ان يتحمل الملك وحده مسؤولية كل هذا.

الملك ليس سبباً في جائحة كورونا التي فتكت و ما زالت باقوى الاقتصاديات العالمية ، والاردن ليس استثناءاً.
والملك لم يكن سببا في الازمة الاقتصادية العالمية التي حدثت سنة ٢٠٠٨ و نتج عنها اخفاض معدلات النمو الاقتصادي.
ولم يكن الملك سبباً في احداث الربيع العربي وما نتج عنها من انقطاع امدادات الغاز رخيص الثمن وتدفق اللاجئين الذين شاركونا لقمة العيش.
والملك ليس سببا في اضطراب الوضع السياسي في العراق وما نتج عن ذلك من اغلاقات للحدود التجارية والمنافذ بين البلدين لفترات طويلة، كما ان الملك ليس هو من فرض العقوبات التجارية على سوريا وقطع اوصال التجارة معها.

و الملك لم يكن سبباً في وصول الرئيس الامريكي السابق الى السلطة والذي وضع يده بيد نتنياهو وهندس مع نسيبة تحالفات جديدة في المنطقة تحمل مشروعاً جيوسياسياً يتعارض مع نهج الهاشميين واحرار الامة ، حتى بلغ الامر بحياكة الدسائس والمؤامرات لاقصاء الاردن عن تسجيل موقف عروبي قومي وطني .
الملك اقر بحاجة البلاد الى الاصلاح السياسي وبادر بدعوة الشباب للانخراط في العمل العام والتعبير عن وجهه نظرهم، والملك هو من اصدر اوامره للحكومة الحالية بمراجعة القوانين الناظمة للحياة السياسية في البلاد وفي مقدمتها قانون الانتخاب.
و الملك هو اول من اشار الى ضعف الادارة العامة وحتى قبل حادثة السلط وعلق نجاح الاصلاح الاقتصادي على شرط الاصلاح الاداري.
الملك لم يكن اقصائياً وحتى في الوقت الذي انقلب فيه العالم اجمع على الاخوان المسلمين ما زالوا يحتفظون بتمثيل في البرلمان الاردني يقارب ٩٪؜ من مجمل مقاعده.
ولا يمكن القول ان الفضاء السياسي الاردني ضاق عن احتمال المعارضة، لانها غير موجودة اصلاً ، فمفهوم المعارضة هي تلك التي تحمل مشروعاً بديلاً قابلاً للتطبيق وهو ما لم يتوافر حتى تاريخه.

الملك ضرب بيد من حديد على الفساد واصدر القضاء احكامه باسم الملك بسجن وزراء وقادة اجهزه بل وطال ذلك احد انسباء الاسرة الحاكمة في سابقة نادرة على مستوى العالم.

الملك انسان ولكنه تحمل ما لم يحتمله احد من الاشاعات والفبركات التي طالته و زوجته واهل بيته، وكان يطل علينا كل مرة مبتسماً رغم مرارة ما يسمع من نفر احترف النميمة و الوهم لغايات الحصول على منصب او مكسب.

لن ادعي ان الاردن يشكل انموذجاً مثالياً فريداً و اعتقد ان الملك كذلك فالجميع يشعر بحاجة البلاد الى الاصلاح السياسي و الاقتصادي والاداري وتكثيف جهود محاربة الفساد و وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ولكن الحقيقة الماثلة للعيان هو استحالة تحقيق ذلك دون تكاتف الجميع ومغادرة حالة العدمية المسكونة في قلوب وعقول نفر قليل ذو صوت عال .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى