مقالات

كي لا يصبح التواضع أُحجية في سلوكِ النُّخب

التاج الاخباري– د. طلال طلب الشرفات- قد اتخذنا من النِّضال شرعة ومنهاجاً من أجل اجتثاث أي فكر أو كيان سياسي أو اجتماعي أو مهني يحاول الاعتلاء على الدولة أو الاستعلاء على مؤسساتها؛ حينها كُنّا نُصرّ على نهوض الرفعة الوطنية، وتكريس سيادة الدولة، واحترام أدوار المؤسسات، وعقلنة الحراك الحزبي والنقابي والاجتماعي في حدود ثوابت المصلحة الوطنية العليا، وبما لا يخل بموجبات الاستقرار وحماية السلم الأهلي وسيادة القانون دون إسراف أو تقتير.

فالاستقواء السياسي المشار إليه مرفوض وإن استند على منطلقات ديمقراطية أو خيارات قطاعية أو شعبية بعيداً عن الاعتبارات الوطنية خالصة؛ وعليه فإن استعلاء النخب على الدولة والمؤسسات الذي يبرز بين حين وآخر يثير الاشمئزاز، ويعيد إلى الأذهان حالة التَّسول التي يمارسها هؤلاء طلباً للفت الأنظار حتى إذا أشغلوا تلك المواقع انقلبوا على واقعهم ومؤسساتهم والوطن، ومارسوا حالة مقيتة من النّشوز الوطني واتخذوا مظهراً مؤلماً من مظاهر مغادرة مساحات الثِّقة التي مُنحت لهم، والتي توجب الانخراط في واجباتهم دون استعلاء أو كبر .

إن مشاهدة جلالة الملك المفدى منذ ان تسلم المسؤولية الأولى في الوطن كابراً عن كابر في ممارسات حكم واقعية ومشاهد حقة في التفاني لخدمة الوطن والأمة يلفت نظرنا إلى القائد القدوة؛ فهو قدوتنا الأولى في الوطن في انحيازه الدائم للفقراء في كل حلٍ وترحال، وللشهداء في كل عنفوان أو مناسبة،وللبسطاء في كل قرية أو مدينة أو بادية أو مخيم، وكل ذلك بأرفع معاني التواضع والإنسانية والنبل والرفعة.

تلك الأخلاق الهاشمية والسلوك الملكي الاستثنائي في إدارة الحكم وقيادة الشعوب تفرض على هؤلاء – أياً كان موقعهم – أن يغادروا مظاهر الكبر النخبوي إلى ساحات العمل الجاد من أجل إعلاء بنيان الوطن، والتخلي السريع عن الحرد السياسي المكشوف بلجم الذات ونزع الفردية والتذاكي والعودة الى مساحات التضحية والعمل، أو ترك المواقع لمن هم أكثر جدارة بها جهداً ووطنية وتفان، فنحن في وطن يأنف الاستعلاء النخبوي، والكبر الطبقي، والإهمال المتعمد للواجبات الوطنية المستحقة عليهم بحكم المواقع التي يشغلونها ويكبرون بها .

ونحن ندخل المئوية الثانية من عمر الدولة؛ علينا أن نقتدي بأخلاق الهاشميين الذين رسخوا مفهوم الأخلاق والحرص الوطني منذ التأسيس، وأن نتمثل بشمائلهم ومعهم كوكبة من رجالات الوطن المخلصين الذين لم يلامسوا حواف الكبر، وعفن الأنانية بل كانوا وقوداً لمصلحة الوطن وثقة القيادة، وانحصر اختلافهم مع أقرانهم في أدوات وآليات أسلوب إدارة الشأن العام، وطريقة الحكم وليس وفق مقتضيات أنانية إشغال الموقع العام.

وبيت القصيد هنا هو أنه عندما يعهد لشخص ما مهمة أو واجب بموجب ثقة شعبية أو رسمية عليه أن يدرك بأنه خادم للشعب، وليس وصيّاً عليه، وأن التوأمة الخالدة بين الأردنيين والهاشميين تقوم على مبادئ ناجزة أقلها أن الوطن فوق الجميع، وأن الخدمة العامة شرف، والكبر السياسي خيانة للثقة والتراب، وتنكرا لدماء الشهداء والمخلصين، وأن الكبار هم المنتمون للتراب الطهور والقيادة الهاشمية، وهم أولى بان يخلدهم التاريخ بأحرف من نور.

حمى الله وطننا الحبيب وقائدنا الانسان وشعبنا النبيل من كل سوء …!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى