مقالات

لعناية وزير التربية والتعليم ..

التاج الإخباري – جاءنا كتابكم المؤلم الذي إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على سخرية القدر وبشاعة الموقف ، وأنتم تَسخَرون منا كباراً وتستهزؤون بأبنائنا صغاراُ ..
كتابكم الموشح بالتابلت ، كمكرمة تربوية شعارها الاستعباد وترويض المواطن صغيراً لينقاد لكم كبيراً دون أدنى معارضة .. وأنا استعرض كتابكم ، ادركت الحقيقة وهي :

إن هدفكم اخبار العالم بأننا دولة ترعى التعليم من خلال توزيع التابلت على الطلبة ليتسنى لهم متابعة المنهاج الدراسي بما يكفل سير العملية التعليمية ، فأنتم بذلك تخدعون انفسكم قبل ان تخدعون الجوار ودول العالم المتقدم عنا الف فرسخ فلكي وعشرات السنوات الضوئية .

معالي الوزير ..

قبل ان أدخل معك بالتفاصيل، هل لك ان تخبرنا عن مصدر هذه الاجهزة؟
ومن فاز بالعطاء ؟ ولصالح من هذه الصفقة الرابحة في الدنيا والخاسرة بين يدي الواحد الديان ؟

معالي الوزير ..

وقبل ان اخوض معك في فحوى كتابك المبتور، هل انت من كتب هذا الكتاب الاشبه بعقد النكاح الفاسد الذي لا يرتب اي اثراً شرعياً ؟
كيف سولت لك نفسك صياغته وانت تدرك جيدا انك وزير للتربية والتعليم في الاردن وليس في سويسرا او الفاتيكان ؟

والان يا معالي الوزير تقبل مني الملاحظات التالية :

أولاً : كيف تضع شروطاً لصرف التابلت للطلبة الاردنيين الذين هم في نظر الدستور سواسية ، والتعليم لهم الزامي ، علما بأنك تربعت على عرش التربية والتعليم دون شروط ، ولا ادنى كفاءة تؤهلك لأن تكون وزيرا للتربية والتعليم في ظل وجود كفاءات وقامات وطنية وتربوية مقبولة للشعب ولها القدرة على ادارة العملية التعليمية والسير بها الى بر الأمان على العكس منك تماما ..
ثانياً: من اخبرك يامعالي الوزير أن المعونة الوطنية معيارا للفقر ؟

الم تعلم ان المعونة الوطنية معيارها الواسطة وليس الفقر ، ولو كانت الحاجة وقلة الحيلة هي المعيار لوجدت 95% من الشعب الأردني يتقاضون من صندوق المعونة الوطنية ، واقول جازما ان الفئة الوحيدة المستثناة من المعونة الوطنية هي انت وزملاؤك من الوزراء ورئيس حكومتكم وافراد الحاشية من النواب والاعيان ورؤساء الهيئات ، وخلاف ذلك تحق عليهم النفقة والشحدة على باب المقصف المدرسي الذي اقتطعت اليك نسبة من ارباحه .

فعن أي معونة تتكلم وانت تطارد اطفال الروضة والصف الاول في ارباح اسهمهم في مقاصف المدارس ، وتقتطع لجيبك نسبة من هذا المال الوقف ؟

ثالثاً: تضع معاليك شرطا للحصول على التابلوت بوجود ثلاثة اخوة او اكثر على مقاعد الدراسة ..

فهل تريد لهذا الشعب الكادح ان يتكاثر بالتبرعم لتحقيق هذا الشرط ؟
الم تكونوا بالامس دعاةً لتحديد النسل ؟ واليوم وكأنكم اتيتم لنا بنظرية جديدة مفادها : التابلت واللولب لا يلتقيان .
ثم هل تتصور يامعالي وزير التربية ان يتشارك كل ثلاثة اخوة بجهاز واحد ؟
الايكفي ان ابناءنا شركاء في ثلاثة : الحذاء ، والبنطلون ، والقرطاسية .

رابعاً : أحزنتني يا معالي الوزير وابكيتني ، بل وبهدلتني وانت تشترط ان يكون الطالب في مناطق نائية لا كهرباء فيها ولا انترنت .. يارجل في الدول المتقدمة التي تحترم شعبها ولا تسرق قوت يومهم ، حتى المقابر فيها كهرباء .

الا تعلم يامعالي الوزير اننا نعيش كشعب مكلوم في مناطق نائية او مبيوعة او مؤجرة .. اقسم لك بذلك ، فنحن شعب نعيش الفقر والذل والهوان .. وان كنت تتحدث عن وجود الكهرباء او عدمها كمعيار للمناطق النائية ، فعليك تصحيح معلوماتك ان كان لديك في الاصل معلومة .. هنالك مناطق مظلمة في وسط المدن والقرى ، ليس لعدم وصول الكهرباء اليها بل لانقطاع التيار الكهربائي بسبب تراكم الفواتير والعجز عن السداد .

خامسا : يا معالي الوزير كنت اود أن اقول لك لقد اخجلت تواضعنا ، لكن للاسف لقد اخجلتنا واحرجتنا ونحن التربويون ، وانت تتحدث عن تابلت في مناطق لاكهرباء فيها .. هل اجهزتكم تعمل على الكاز او الجفت او على الكذب والدهلزة ؟
سادسا: حتى لو آمنا بنظرية التابلوت في زمن كورونا ، يبقى السؤال :

هل تصدق بوجود منصات تعليمية حقيقية ؟
هل تؤمن بجدوى منصة درسك ؟
هل ما زلت تصدق وجود طلبة يتابعون المنصة اصلاً ، ويفهمون عليها ويتفاعلون معها ؟

ان كنت تؤمن بأسئلتي السابقة فقد كفرت بحق التعليم .. يا معالي الوزير ..

نحن فرحون جدا بالتعلم عن بعد .. عالاقل تخلصنا من قراراتكم الوهمية الجافة التي لا تراعي ابجديات التعلم .. نحن فرحون جدا وقد تخلصنا من المصروف اليومي لابنائنا ، ذلك المصروف الذي نفكر بجمعه ليلا ، ونبكيه فجرا ، ونتألم على فقده ظهرا ، فحسبي الله ونعم الوكيل عليكم فردا فردا ..

الم تسأل نفسك يامعالي الوزير اين ابناؤنا الطلبة طيلة هذه الفترة ؟
اتظنهم في الملاهي والرحلات ؟
لا يامعالي الوزير .. ابناءنا لايعلمون شيئا عن منصة درسك ودرس الحكومة اللي جابتك .. ابناؤنا نسوا الكتاب والمعلم والطبشورة والسبورة التالفة .. ابناؤنا نسوا الغرفة الصفية التي لا تصلح حتى للبهائم ..
ابناؤنا نسوا حمامات المدرسة المقطوعة من الماء ، وخزان الماء المثقوب والملوث ، وسقف الصف الآيل للسقوط ..
ابناؤنا نسوا كل جميل ولم يتذكروا الا المقصف المدرسي الذي كانوا يتداينون منه بربع دينار ويغيبون في اليوم التالي عن المدرسة خوفا من سداد المبلغ .
ابناؤنا يا تيسير يسر الله امرهم وتوظفوا بحمد الله ..
نعم توظفوا وهم في سن السابعة ودون الرجوع الى ديوان الخدمة المدنية ..
نعم توظفوا في قطاف الزيتون براتب يومي دينارين ونصف مع وجبة غداء تتكون من علبة سردين ونصف حبة ليمون .
نعم توظفوا عتالين للطوب والربس ، على نظام المكافئة ، كل طوبة تحميل وتنزيل بشلن يا معالي الوزير ، نعم شلن يامن تجهل الشلن والبريزة والدينار وام العشرين ، ولاتعرف الا الدولار والجنية الاسترليني .

عذراً معالي الوزير ..

ليس لابنائنا وقت لحضور منصة درسك ، فدوامهم يبدأ من الفجر وحتى العشاء .. اتمنى ان يبقى الدرس درسك ، اما نحن معشر الكادحين فدروسنا تختلف عن دروسكم .. فدروسنا لا تضعها لنا كولينز ، بل دروس عز وكرامة وحرية وضعها لنا الاباء و الاجداد الذين بني الوطن على اكتافهم وصبرهم ، وليس على منصتك والتابلوت بتاعك ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى