مقالات

ضبابية موازنة 2021

التاج الإخباري

سلامة الدرعاوي

تحديات جسيمة تعصف في أذهان مسؤولي الحكومة لدى إعدادهم مشروع قانون موازنة 2021 في ضوء استمرار جائحة كورونا، دون وجود بارقة حل وشيك لهذا الوباء، الذي عصف باقتصاديات العالم وغير كل الفرضيات.
الصعوبة تكمن في إعداد موازنة العام المقبل من عدة نواح، وذلك بسبب عدم القدرة على وضع فرضيات تقترب من الواقع لصعوبة المشهد العام وضبابية المعطيات القادمة.
فالإيرادات الضريبية وان كانت هذا العام ستسجل نموا ملحوظا بسبب الإصلاحات الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي وتوسيع قاعدة المكلفين، إلا ان هذا النمو لن يستمر بنفس الوتيرة في العام المقبل، لأن الاصلاح الضريبي قد اخذ منحناه بشكل طبيعي من جهة، والعام المقبل سيشهد تباطؤا لانه بات من المؤكد ان هناك تراجعا في معظم الانشطة الاقتصادية خاصة، مما سينعكس على التحصيلات الضريبية من ضريبتي الدخل والمبيعات، ويرى بعض المختصين في الجهد الضريبي للدولة ان بقاء الاوضاع على ما هي عليه خلال السنة القادمة قد يؤدي الى تراجع التحصيلات الضريبية بمقدار لن يقل عن 300 مليون دينار، وهو ما يجعل الحكومة امام تحد كبير في كيفية تعويض هذه المبالغ خاصة في ظل التزامها بعدم فرض أي رسوم وضرائب في المرحلة المقبلة.
أما في جانب الإيرادات غير الضريبية والتي من المتوقع ان تسجل انخفاضا في موازنة العام الحالي عن المقدر بواقع مليار دينار على اقل تقدير، فإن هذا الأمر سيستمر في العام المقبل خاصة مع استمرار التوقعات بانكماش الاقتصاد الوطني ومواصلة تسجيله لنمو سالب، علما انه قد ينهي هذا العام بنمو سالب بين (-2،-3 ٪)، وبالتالي سيضاف هذا التراجع مع هبوط الإيرادات الضريبية، مما سيكون له تداعيات سلبية كبيرة على إعداد فرضيات مالية مستقرة في موازنة العام المقبل.
أما المساعدات الخارجية، فإن المضمون وفق اتفاقيات هي المساعدات الأميركية بقيمة 650 مليون دولار كمساعدات اقتصادية، وباقي مساعدات إعلان مكة التي ستنتهي قريبا وبواقع 124 مليون دولار، وباقي المنح غير مضمونة على الإطلاق، وبالتالي ستكون الحكومة في مأزق مسبق قبيل إعداد الموازنة للعام المقبل من حيث بناء فرضيات العجز المالي المتوقع لسنة 2021.
هذا من جانب الإيرادات، أما على صعيد النفقات فإن موازنة العام 2021 ستكون على موعد مع عدة قضايا مرحلة من العام الحالي والأعوام التي سبقت، كما لا ننسى المجهود الصحي الذي هو بأمس الحاجة لزيادة مخصصاته ومواصلة الدعم للقطاع لكي يتسنى مكافحة الوباء ضمن الإمكانات المتاحة، وفي هذا الصدد هو بحاجة لأمرين سريعين، الاول متعلق برفده بالتعيينات اللازمة له من الكوادر الصحية والتمريضية والطبية، وهنا ستضطر الحكومة لمخالفة قراراتها بوقف التعيينات في القطاع العام للعام المقبل ومنح القطاع الصحي استثناء في هذا الأمر، والثاني متعلق بزيادة الميزانية المخصصة للكوادر الصحة ومكافحة الجائحة خاصة في ظل تنامي الأعداد ووصول الجهد الصحي الى مستويات إشغال شبه كاملة.
أمام هذه المعطيات سيكون هناك صعوبات كبيرة في وضع فرضيات قريبة من الواقع، لا بل حتى في تحديد مؤشرات واقعية تمكن الحكومة من المرونة المطلوبة في مواجهة التحديات المستقبلية مع توفير مساحة مالية تمكنها من تلبية اي نفقات طارئة قد تحدث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى