مقالات

علم جديد اسمه صناعة الفشل

أ.د عبد الرزاق الدليمي : الدستور

في عالم العمل التي لا تعرف المثالية أبداً، نجد كثيراً من المواقع يشغلها غيرُ أهلها. ويجهل اغلبنا كيف يصلون أو كيف يستمرُّون بقيادة تلك المواقع، و لولا أننا نرى ذلك بأعيننا لما نكاد نصدق، إننا نرى أمثال هؤلاء ينصرفون نحو تلبية مطالبهم الخاصة قبل اهتمامهم باحتياجات من يعملون بمعيتهم، و عندما تواجههم ضرورة تطوير العاملين بأمرتهم فإنهم لا يحركون ساكنا؛ لأنهم يفتقرون إلى المعرفة و الخصائص الشخصية و المهارات الإدارية اللازمة لتنفيذ ذلك، فالقائد الفاشل عربةٌ معطّلة تحرق الموارد و الزمن و الأعصاب دون نتيجة..

ان القائد الحقيقي هو من يوصلك إلى غاية يصعب أو يستحيل عليك بلوغها منفرداً. لاسيما وإن الألقاب و المناصب الرسمية لا يمكن أن تصنع قائداً؛ فالقيادة فعلٌ و ليست مكانة. في كثيرٍ من الأحوال يفلح بعض المحظوظين في إخفاء ثغرات الضعف لديهم، و يتمكّنون من تمويه الفشل الذريع الذي يضرب أقسامهم تحت كثيرٍ من المبرّرات الخارجية، و يبقون هم فوق الشك و المساءلة.

إن تاريخ العالم مليء بأخبار المسؤولين الفاشلين الذين تسببوا بسوء إدارتهم في جلب الخسائر وإلحاق الفشل بالأعمال التي اضطلعوا بها سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، كما أنه مليء باخبار القادة الناجحين الذين حققوا أهدافا عظيمة في هذه الميادين، قادوا أمما وجيوشا الى قمم النجاح….وهناك بديهية تؤكد إن كل المديرين الناجحين متشابهين ولكن لكل مدير فاشل سبب للفشل خاص به، تماما كالأصحاء والمرضى من الناس؛ فالأصحاء متشابهون في صحتهم بينما لكل مريض مرضه الخاص به.

وفي مقدمة اسباب الفشل للمديرين هو سوء توزيع المهام والواجبات؛ حيث إن عدم التوزيع يجعل العمل كله مركزا في أيد قليلة ويشل ويقيد نشاط العاملين وينتهي الأمر بالمؤسسة الى الفشل الذريع، إذ سيأتي وقت ينوء المدير والقلة الذين معه بحمل أعباء الإدارة كلها فتنتهي المؤسسة .

ومن جهة أخرى فإن التفويض بكل السلطات دون وجود آلاليات الكافية للرقابة يجعل الأمر يخرج من يد المدير شيئا فشيئا حتى ينتهي دوره.

أما القيادة الرشيدة فهي عكس هذا وذاك، تعمل في طريق وسط، فتفوض بقدر وتبقي لنفسها القرارت المؤثرة في عمل الشركة ومستقبلها، كما تحاسب كل مسؤول عن عمله وباستمرار بهمة لا تفتر، وما دام الجميع يرون هذه اليقظة وهذا الإصرار على المحاسبة، فإنهم سيبذلون جهدهم ليضطلعوا بمسؤولياتهم باقتدار.

كما ان كثيرا من المديرين لا يستطيعون عند ترقيتهم أن يتخلوا عن تخصصاتهم السابقة، ولا أن يرتفعوا الى المستوى الجديد من المسؤولية. ومن المديرين من يستطيع أن يلتقط من وسط المعلومات والتقارير التي تصله يوميا مناطق الخطر التي تؤثر على عمله وعلى المؤسسة فيعمل فورا على التصدي لها وايجاد الحلول التي تكفل التغلب عليها، ومنهم من يغفل عن ذلك ويلتفت الى صغائر الأمور.

إن النفس البشرية تهفو عادة الى المديح والى التعلق بالأمور السهلة البراقة، ويوجد أناس دائما يسعون ويساعدون على هذا الاتجاه عند الرؤساء حتى في مواطن الخطر فيزيد جهلهم بما هو حاصل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى