مقالات

فأر اليقطين الذي لم يتمكن من الخروج !!

محمد داودية : الدستور

تجوّل الفأرُ الجائع في الحقل المليء باليقطين الناضج المتورد ذي الألوان الجذّابة.

كان الفأر الهزيل يقرع على صدور اليقطينات، يتحسسها باحثا عن اكثرها نضجا، تماما كما يفعل الرجالُ في معظم ما ينتقون، وخاصة في تحسس البطيخات لانتقاء اكثرها حلاوة واحمرارا.

استقر رأيه على يقطينة فأخذ يتلمظ ويمسح شاربه بلسانه، وهو يمنّي نفسه بوجبة شهية، من لب تلك اليقطينة الناضجة.

أحدث فيها فتحة على مقاس شاربه، ولما دلف الى قلبها، كاد ان يُجنّ مما رأى من وفرة وأطايب.

حَدَّث الفأرُ نفسه: هاهنا يطيب المقام. سأمكثُ في هذه اليقطينة الرخوة حتى آتي على ما فيها، ثم انتقل الى غيرها من جاراتها الناضجات.

مرت على الفأر ايامٌ وهو ينعم بِلُبّ اليقطينة، يزدرده بشهية دون اي عناء.

كان يُحدِّث نفسَه: انا ارتع هنا، في مأمن يقيني شرّ القطط والثعابين والحر الشديد. والمهم انني في مأمن من عيون الرقيب والحارس.

مر وقت قبل ان يلاحظ انه اصبح سمينا، فغمرته الغبطة. لا شك ان مظهره سيصبح اكثر جذبا بعد الهزال الذي ضرب جسمه واوشك ان يسبب له الكُساح.

لاحظ ان القرانب يتحاشينه ويتوددن الى الفئران السمينة الوسيمة.

قال لنفسه: حقا إن الغذاء يصنع الجمال !!

واضاف: حان وقت الانتقال إلى مرتع ثانٍ. فقد جوّفت اليقطينة والتهمت احشاءها بشراهة مفرطة حتى انني لم أُبْقِ منها رمقا. لقد جعلتها كرة ناشفة وقاعا صفصفا.

همّ بالخروج منها الى غيرها لكنه اصطدم بما لم يخطر على بال فأر او فيل.

كانت اليقطينة قد جفّت وانكمشت وضاقت فتحتها. كما انه اصبح سمينا على الفتحة، التي دلف منها وتستعصي عليه الآن !!

مرت عليه ايام وهو رهين محبسه داخل اليقطينة بلا ماء وطعام!!

فقد وزنه الذي اكتسبه. وكسا الهزال وجهه.

حدّث نفسه: لا مفرّ من ردّ ما ابتلعت من هذه اليقطينة اللعينة. لا بد أن يصبح مقاسي من مقاس البوابة التي دخلت منها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى