مقالات

كان غير شكل الزيتون …….

التاج الإخباري – الدكتور محمد أبو عمارة

ركبت السيارة متوجهًا نحو المدرسة و إذ بصوت فيروز ….
كان غير شكل الزيتون….. كان غير شكل الصابون ….. و حتى إنت يا حبيبي مش كاين هيك تكون ….
فعلًا كان غير شكل الزيتون …. ففي الطفولة كانت شجرة الزيتون تعني لي تلك الشجرة دائمة الخضرة ( حسب ما درسنا في المدرسة ) وعندما كبرنا قليلًا صارت دلالة على التعب لأننا كنا نذهب مع بعض الأقارب لقطف الزيتون .. و كان بالنسبة لنا عملًا شاقاً لأننا في ذلك الوقت كنا نفضل اللعب على القيام بأي شيء اخر …..

و عندما كبرنا قليلًا. ارتبط الزيتون بموضوعين (كبس الزيتون ) الذي كنا نمارسه مع والدتي حيث كنا نشتري الزيتون من السوق و تصرّ والدتي أن نقوم بالبيت ب (دقه) أو ( تحزيزه ) بالسكين قبل أن نقوم بكبسه و وضعه في أوعية لينضج و يصبح صالحًا للأكل مع الليمون و الفلفل !!!!
و كنا هنا نستمتع في دق الزيتون باستخدام المطرق إن توفرت .. أو غالبا باستخدام الأحجار بعد غسلها جيدًا!!!
و بعد ذلك كنا نستمتع بأن نشتري زيت الزيتون الأصلي –قطف السنة – مع أنني لم أكن أميز طعمه عن القديم و لكننا كنا نؤيد والدي و والدتي عندما يظهرون إعجابهم بطعم الزيت (الطازة) .
وكبرنا أكثر لنقرأ أن هناك العديد من العائلات تعيش فقط على موسم قطاف الزيتون و عصره …
و كبرنا أكثر وأكثر لنعرف أن شجرة الزيتون ترمز للوطن و هي مزروعة في ذهن كل منا و تدل على التشبث بالأرض و حبها.
و يذكرنا وجودها دومًا بفلسطين و نردد دوما( باقون ما بقي الزعتر و الزيتون ….)
فعلًا فيروز كان غير شكل الزيتون …
كلما تغير العمر ، تغيرت دلالات الزيتون …و لكنه دومًا لا يذكر إلا و يرافقه ذكرى جميلة …
و تكمل فيروز …. كان أوسع هالصالون …. و كان أشرح هالبلكون … و هنا خطرلي عندما زرت بيت جدي بعد سنوات طوال .. و كم وجدته صغيرا … هنا كنا نلعب و نركض…. وهنا كانت تجتمع العائلة …. الكل مع الأبناء و الأحفاد …
و أسأل نفسي !!! أين كنا نجلس !!؟ و كيف لهذا البيت الصغير أن يتسع لكل هذه الأعداد …. و لا أجد مبررا فيزيائيا لذلك !!!!
فعلًا فيروز … لا أدري ما هي الخلطة السحرية و لكن وبالحب … كان أوسع هالصالون ……و كان أشرح هالبلكون …
أكملت طريقي مستمتعا بالأجواء الشتوية و صوت فيروز … مسافرًا إلى الماضي الجميل عبر كلمات و موسيقى و خيال .

بقلم الدكتور محمد ابو عمارة
رئيس جمعية الكُتّاب الأردنيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى