مقالات

الحالة الاستثنائية !

التاج الاخباري- كتب – مهند أبو فلاح– في الاول من آيار / مايو من العام ٢٠٠٣ و بعد أسابيع قليلة من احتلال القطر العراقي الشقيق أصدر بول بريمر الحاكم الأمريكي المعين من قبل إدارة الشر في البيت الاسود قرارا بحل الجيش العراقي و ما أسماه ايضا اجتثاث البعث الحزب الحاكم في العراق على مدار خمسة و ثلاثين عاما .

تفكيك مؤسسات الدولة العراقية العميقة هو الفعل الذي أقدم عليه الغزاة الامريكان و الإنجليز في الحالة العراقية الفريدة من نوعها و الاستثنائية جاءت بعد حملة شيطنة غير مسبوقة في التاريخ تعرض لها النظام الحاكم في بغداد منذ بواكير عهده ، ففي مطلع العام ١٩٦٩ للميلاد و في أعقاب تنفيذ أحكام الإعدام بحق ١٤ يهوديا عراقيا أُتهمِوا بالتجسس لحساب الكيان الصهيوني في كل من بغداد و البصرة بعد تفكيك احد عشر شبكة تجسس تعمل لصالح الموساد الصهيوني شن ليفي اشكول رئيس وزراء الكيان الصهيوني الحاكم في تل أبيب آنذاك هجوما عنيفا على القيادة العراقية البعثية .

اتهم اشكول حكام العراق الجدد الذين وصلوا إلى سدة الحكم في السابع عشر من تموز من العام ١٩٦٨ بالسعي الجآد لإحياء أمجاد بابل القديمة المرتبطة في أذهان الصهاينة الغاصبين بالقضاء على مملكة يهوذا و سبي أجدادهم من اليهود الغابرين من بيت المقدس الى بلاد الرافدين على يد نبوخذ نصر ملك بابل ، و لم يتأخر رد حكام تل ابيب الفعلي على أرض الواقع .
لقد شن المتمردون الانفصاليون الأكراد في شمال العراق هجوما بقذائف الهاون ( المورتر ) على مصفاة النفط الرئيسة في البلاد الواقعة في منطقة بيجي على بعد ٤٠ كيلومترا شمالي مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس أحمد حسن البكر رحمه الله تعالى ، و اعترف الصهاينة لاحقا عبر كتاب الموساد في العراق لشلومو نكديمون ان هذا الهجوم الغادر قد تم الاعداد و التحضير له بمساعدة خبراء و مستشارين من الموساد الصهيوني تسللوا إلى داخل الأراضي العراقية انطلاقا من ايران المجاورة .

وبعد اسبوع واحد من الهجوم على مصفاة بيجي الذي حدث في ٢٤ نيسان / أبريل من العام ١٩٦٩ القى الرئيس العراقي أحمد حسن البكر خطابا ناريا في تجمع جماهيري حاشد اقيم بمناسبة عيد العمال العالمي في العاصمة العراقية بغداد في الاول من آيار / مايو و اقسم بالله انه لن يكون مسلما و لا عربيا ان نسي الموقف النذل لهؤلاء الذين شنوا الهجوم على مصفاة البترول .

الهجوم على مصفاة بيجي جاء في وقت كان فيه الجيش العراقي منهمكا حتى النخاع في مواجهة العدو الصهيوني انطلاقا من داخل الأراضي الاردنية مقدما دعما لوجيستيا للمقاومة الفلسطينية و موفرا لعناصرها الغطاء اللازم للوصول إلى منطقة الأغوار الشرقية عبر تزويدهم بالأوراق الثبوتية اللازمة و البزات و الهويات العسكرية العراقية و متعرضا لاعنف الغارات الجوية الصهيونية .

إن الحقيقة التي يتوجب على الأجيال الشابة من أبناء امتنا العربية المجيدة ان تدركها جيدا بعد مرور ما يزيد على ١٨ سنة على قرار بول بريمر حل الجيش العراقي و سن قانون اجتثاث البعث هو ان هنالك فارقا كبيرا و هائلا بين مؤسسات الدولة العراقية السابقة التي أقامها هذا الحزب العقائدي الايماني الرسالي في القطر العراقي و بين تلك الأنظمة في الوطن العربي التي طالتها رياح ما سُمي بالربيع العربي من قبيل انظمة الخرطوم و القاهرة و تونس ، و الا كيف نفسر لجوء الادارة الامريكية و حليفتها البريطانية في لندن إلى غزو العراق و احتلاله بشكل عسكري مباشر بتعاون و تواطؤ إقليمي من النظام الرسمي العربي ؟؟؟!!!!! و جلب طوابير العملاء المرتزقة على ظهور الدبابات من مراتع الخيانة و أوكارها في طهران و دمشق و غيرهما و تصفية رموز نظام البعث و في طليعتهم سيد شهداء هذا العصر و الزمان الرفيق القائد المجاهد صدّام حسين المجيد و عدم الاستعانة بأي من معاونيه ليكون بديلا له بخلاف ما جرى عليه الحال في الأقطار العربية السابقة الذكر ، ما يؤكد بلا ما يدع مجالا للشك أو الريب ان البعث العربي الشرعي الاصيل كان و ما يزال و سيبقى بإذن الله العلي القدير عنوان النقاء و الطهر الثوري و المعبر و المجسد الحقيقي لامال و تطلعات شعبنا العربي في الوحدة و الحرية و الاشتراكية العربية الانسانية رغم كل محاولات تشويهه التي شكلت ممارسات النظام الحاكم في دمشق العامود الفقري في ذلك الأمر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى