مقالات

الأزمات الإجتماعية ، ومستقبل المجتمع .. إلى أين؟.

التاج الاخباري-نور الدويري– الحادثة وفاة الرضيعة، وقتل الطفلة، وعمليات الإنتحار الأخيرة بين المسببات والأسباب… والأختلافات في وجهات النظر بالصور الذهنية الإعلامية من مسلسلات، ونصوص …حتى ظاهرة الركبة، نشطاء تيك توك وغيرها … فأين يجب أن يقف المجتمع اليوم ؟

كثرت الحوادث التي تخطف الأنفاس، وتشد على الأعصاب مؤخرا، فما كدنا نستوعب حادثتي انتحار ، لنقرأ خبر قتل قريب لطفلة ، ثم وفاة رضيعة في السيارة نسيتها أمها، تنمر طلبة المدارس … هواجس نفسية للمراهقين والشباب على التطبيقات الإجتماعية، كوارث إجتماعية تظهر على السطح ويبدو أننا نتجه لاعتياد هذه المشاهد، إذا لم نعي كمجتمع بأكمله المسببات والأسباب، لأن هذه الحوادث وأن بقيت فردية ستساهم بشكل او باخر بالتأثير والتأثر على الانساق الإجتماعية، وتساهم بتعويد المجتمع على أنماط وسلوكيات إجتماعية غريبة عنه .

المسببات ، فاصلة تربط جملة (الفروق بين فسيولوجيات المرأة والرجل وسط متطلبات الحياة الحديثة ) .

لابد أن نعي مظاهر الحداثة الملزمة للمجتمعات عموما كضريبة الحضارة والعولمة وهو أمر لا مفر منه، لكن بالتأكيد يجب أن يستوعب العقل الواعي، المكونات الحقيقة للمجتمع، ويرفض رفضا تاما للمساواة غير المنطقية بين الرجل والمرأة، رغم أن ظروف الحياة الحديثة صنعت ماكينات إنسانية تعمل بلا حساب لضوابط فسيولوجية المرأة والرجل.

إن اتساع رقعة الخلاف بين الرجل والمرأة تعول لعدة أسباب وهي التي جعلت العلاقات الإجتماعية ولا سيما الزوجية تقع فريسة العنف الأسري، والإنفصال العاطفي، والطلاق الرسمي وهي :

١/ تحجيم دور الزوج ومنحه صلاحيات أقل مسؤولية تحت شعارات المساواة، أو المساندة الحياتية.

٢/ عدم فهم المساحة الشخصية لكلا الزوجين، وهي الحاجة الطبيعية لكل طرف ان يملك مساحة صغيرة يمارس فيها هواية ما او لقاء اصدقاء دون ان يغرق فيها او تؤثر على حياته الاسرية وعلاقته بشريكه.

٣/ سبق الطموح العملي على الأسري لزوجة تحديدا، شئنا أم ابينا الدور الأساسي للمرأة بعد الزواج أسرتها وزوجها، وتقديم اي مسؤولية عليها دون وعي وتنظيم أولويات سيتسبب بكارثة اسرية، وهذا لا يعني أن لا تمارس الزوجة طموحها العلمي والعملي لكن يجب ان ينسق مع ظرفها الأسري، فالأطفال يحتاجون عناية الأم أكثر من عناية الأب بكثير.

٤/ الإستخدام الخاطى لتطبيقات التواصل الاجتماعي، وجعل الحياة الشخصية مباحة عليها، وجعلها منبر لتنمر اسري او انحطاط أسري اخر، أو إقتحام الخصوصيات، أو تمضية أوقات طويلة عليه، كلها تعني استخدامات خاطئة يجب التوقف عندها كثيرا .

٥/ إختيار الأزواج الخاطئ، لا يزال المجتمع ينتقي الزوجة أو الزوج بناء على محددات ما فالطبقة الغنية مثلا تميل لزيجات ذات مصالح مالية، ومهنية، ونسب يليق بالأسرة، والطبقة الفقيرة تميل لزواج السريع لتخلص من الأعباء التي يشكلها الأبناء ، أما الطبقة الوسطى فيتم إختيار الأزواج بناء على رغبة الأهل أو المهنة.
ومن المؤسف أن حتى خيارات الحب لا تبنى على إتفاق فكري بين الرجل أو المراة إنما تبنى بمعظمها على إعجاب جسدي، يرتبط بالضرورة بنقص عاطفي أو رغبة جنسية، والأصل أن يكون الإختيار توافقي بالأفكار والطموحات والأحلام وهنالك توزيع عادل بما يرضي الطرفين وتتقبله شخصية كل منهما، لأن التعاسة ستكون شعار المرحلة فاما مؤسسة تقوم على التعايش حفاظا على الأطفال او عدم كسب وشم الطلاق، او فض المؤسسة وصولا للطلاق ودخول في معتركات جديدة.

٦/ الظروف الإقتصادية والإجتماعية ، إن الإنهاك الإقتصادي يصنع الات إنسانية تقوم على العمل ثم العمل ثم العمل وتركز على البحث عن مصادر مالية لتحقيق مستقبل إقتصادي ممكن، وهذا أحد الأسباب بوجود أكثر من عشرين مصرف وشركة تمويل في بلد لا يتجاوز عدد سكانه العشرة ملايين، وأكثر من نصفه فتي .

٧/ الصور الذهنية الإعلامية، ومسؤولية الإعلام الغائبة لا شك أننا أمام مخاطر إعلامية بقصد أو بغير قصد، تمكن المجتمع من ان يلتقط معلومات وبيانات تأثر باطنيا فيه وتساهم بتشويش الصحة النفسية والعقلية .

٧/ فلترة التخصصات الأكاديمية ذات الإختصاص التربوي كافة، علم نفس، رياض أطفال، معلم صف …… بالإضافة للصحافة والإعلام حيث يجب أن يتم إعادة النظر في المناهج وآلية القبول، فلا يصح فقط أن يحدد معدل قبول لها إنما يجب أن يتم عمل مقابلات وتقديم طلبات معينة من الطلبة المتقدمين لإنتقاء الطلبة المتوقع منهم أن يتخرجوا لخدمة المجتمع، ويجب أن تقترن بتدريب ميداني طويل أسوة بالتدريب، والدراسة النظرية.

أخيرا من الطبيعي للأسف أن تقع في مجتمع حوادث وظروف مؤسفة خارجة عن المألوف، والقبول الإنساني السوي، لكن هذا لا يعني ان لا نبحث عن حلول مناسبة ، وأننا أمام مسؤولية مجتمعية تعي وقائع الحياة الحديثة وتعيد تأهيل المناهج المدرسية والجامعية، وترعى الحالة النفسية والصحة الجنسية بشكل يناسب مقام مجتمع محافظ، ومتحضر بنفس الوقت لمحاولة إضعاف هذا الغزو الفكري المنحط من أن يسيطر على الثقافة العامة .

كلنا كأفراد وقعنا فريسة النظام الإجتماعي، أو مظاهر العولمة، أو قلة إدراك ما، وهذا هي الطبيعية البشرية، لأن ادعاء المثالية غير واقعي، وان نقول اننا يمكن ان نمثل افراد مثالين، او مجتمع مثالي ضرب من الخيال، لكن يمكن ان نكون جزء من منظومة صحية وأن نبني علاقات واعية ، ونربي أجيال تستطيع حمل رسالة الإنسانية من بعدنا .

حاولت قدر الإمكان إختصار المشكلة الإجتماعية من وجهة نظر إعلامية ، داعية أهل الإختصاص لتكثيف الدراسات وعرض المشاكل من مسببات وأسباب، ومساندة المجتمع بمبادرات توعوية للحد من هذه المشكلات .

والله من وراء القصد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى