مقالات

الذم والقدح والتحقير.. عوداً على بدء

التاج الإخباري – د. أشرف الراعي

في كل مرة نتصفح فيها المنصات الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي حول أية قضية وطنية أو عربية أو حتى عالمية يمكن لنا أن نلاحظ ببساطة العديد من الانتقادات التي توجه بلغة جارحة تتضمن إساءات.. وهذه الإساءات تكون إما بتوجيه الشتائم أو الاتهامات أو التهكم بأي شكل من الأشكال لكل من يبدي رأياً يخالف رأي صاحب التعليق.

صحيح أن الحرية مكفولة وصحيح أن حرية الرأي والتعبير تمثل عصب الكرامة الإنسانية نظراً لكونها من الحريات اللصيقة بشخصية الإنسان وآدميته.. لكنها في الواقع يجب أن تتقيد بحدود القانون، ابتداءً من قانون الجرائم الإلكترونية وليس انتهاء بقانون العقوبات الذي ينظم جرائم الذم والقدح والتحقير.

لكن المختلف هو أن قانون الجرائم الإلكترونية نص على هذه الجرائم جميعها في المادة 11 منه بقولها "يعاقب كل من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 200 دينار"، وهو قانون خاص أي يتعلق فقط بالمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية عموماً. 

وعلى الرغم مما يعانيه هذا النص من اختلال تشريعي لسنا في معرض سرده هنا، لكن على متصفح مواقع التواصل الاجتماعي الالتزام به؛ وهنا يجب على القارئ أو ناشطي المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي أن يلتزموا بحدود النقد؛ فالنقد مسموح لكن الخروج عليه إلى الذم والقدح والتحقير ممنوع، وهو أمر قرره القضاء الأردني، كما قررته محكمة النقض المصرية في أكثر من حكم لها.

الإساءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت لافتة.. لا بل أصبحت هذه المواقع منصات وساحات للشتم والتجريم ظناً من عدد كبير من الجمهور أن الحرية تسمح لهم بالإساءة والانتقاد وإرسال الرسائل الخاصة، بما تحتوي من اتهامات وتجريح .. كلها يمكن أن تذهب إلى رحاب القضاء وتنضبط بضوابطه القانونية؛ فيعاقب المسيء وعندها لن ينفع ندمه.

هذه دعوة مفتوحة إلى كل من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي أن يلتزم بحدود الأدب وقبله القانون.. لأن الإساءات والتجريح جريمة يعاقب عليها القانون .. ويمكن لها أن تبقى في سجله القضائي أبداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى