مقالات

عربيات يكتب عن دلالات حديث الأمير حسن

التاج الإخباري – بقلم د.وائل عربيات

استوقفني حديث صاحب الـسمو الملكي الأمير الحسن بن طلال يحفظه الله صباح الأمس وهو يتحدث على إذاعة حياة اف ام عن هاشم بن عبد مناف جده في غزة والتي سميت غزة باسمه فصارت تدعى ب ( غزة هاشم ) وهو يهشم الثريد في مكه . وذلك في معرض حديثه عن معاناة الشعب الفلسطيني وذلك أثناء الحديث عن جمع التبرعات وتقديم المساعدة للفلسطينيين والمهجرين من خلال جمعية العون الطبي للفلسطينيين والتي هي شقيقة لجمعية العون الطبي في لندن والتي تأسست عام ١٩٨٤ وتعمل على خدمة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى اللذين تم نقلهم إلى جنوب لبنان يأتي هذا الحديث في ظل المأساة التي حلت بغزة وبالشعب العربي الفلسطيني المرابط على أرضه وغير القابل للتهجير ولا للاقتلاع ، في ظل معاناة من فهرس الحرمان المتعدد المرتبط بالتعليم والصحة ومستوى المعيشة بما في ذلك حقهم في المياه النظيفه، والصرف الصحي وغيرها وإذا كان فقراء العالم يعانون من هذا الحرمان المتعدد فإن أهل غزة كما قال سموه يعانون من (التعسف المتعدد) في ظل كارثة إنسانية لم تسلم منها المنظمات الدولية كاليونيسف ووكالة الغوث وغيرها ..

تحدث عن ذلك صبيحة ليلة السابع والعشرين من رمضان ليلة الصفاء والروحانية والتي اكد فيها على ضرورة تعظيم الجانب الروحاني والعودة إلى الذات وضرورة زيادة صفاء النفس مع الخالق ومع الذات في ظل عالم طغت المادية فيه على الروحانية وذلك في ظل العولمة المادية التي أفقدت العالم روحه وروحانيته و صار الهم الأكبر فيها هو زيادة الإنتاج وزيادة الاستهلاك وتعظيم الطبقية في المجتمعات…

هاشم بن عبد مناف الذي ينسب اليه الهاشميون هشم الثريد لأهل مكه في سني مجاعة قومه بمعنى أنه حكم الصفاء والخلق والنبولة في تلك السنين القاحلة ولم يستغل ظرفا لتعظيم امواله مستغلا ظروف بني قومه بل كرس قيما أخلاقية هشم فيها الثريد لقريش واطعم فيها الطعام حتى زال البأس عن قومه فاستحق بذلك أن يكون ( الهاشم )
وهو من سن رحلتي الشتاء والصيف واليه تنسب غزه وقيل اسمه عمرو..

عمرو الذي هشم الثريـد لقومه
قـوم بـمكـة مسنتــيـن عجــاف
سنت إليه الرحلتــان كــلاهمـا
سفر الشتـاء ورحلة الأصيـاف
فكان أول مشروع تمويلي لقومه

واليوم وسمو الأمير يتحدث عن الإطعام في غزة وتخزين المواد التموينية لتقديمها للصامدين ، ليقودنا إلى ما اكده سموه في مسألة الزكاة والتي هي النماء والطهارة ، والطهارة هي صفاء الروح وهي تقابل المادية التي طغت على الصفاء والتي يؤكد فيها الإنسان غيريته تلك الغيرية الفعاله بمعنى أنه للغير وليس للذات فحسب واستخدام كافة اشكال التقانة بمعنى ضرورة تفعيل الوسائل التقنية بما في ذلك فكرة الزكاة الإلكترونية و الحملات المتعددة في الأردن كحملة الحياة الفضلى وحملة لحياة افضل وحملة لنضيء دروبهم هي حملات واقعية على الأرض تحمل مشاريع حقيقيه تكرس مبدأ الغيرية الفعالة في إيصال الزكاةودعم مخيمات اللاجئين وتوفير عيادات الاختصاص لأحوج أهل الارض اليها وهم أهل غزة وفلسطين و اللذين هم اكرم أهل الأرض واعزهم نفسا وأعلاهم هامة وكرامة . وهذا يقتضي أن نلتفت نحن العرب والمسلمين إلى ما دعا إليه سموه منذ عشرات السنين حول ضرورة إقامة المؤسسة العالمية للزكاة والتي تأكدت الحاجة إليها في هذا الزمان.

فمبدأ الإطعام هو مبدأ سُن عند أل هاشم منذ هاشم بن عبد مناف اجتمعت فيه الأصالة والخلق والكرم .

وهنا يعاد التاريخ ذاته في الكروب والمحن والشدائد من حفيد الهاشم ( هاشم ) ، عبدالله الثاني ابن الحسين اللذي هشم الثريد والطعام والكسوة في غزة جده الهاشم ، متحملا أقسى المخاطر ، يتحملها وولي عهده واسرته المؤمنه ،احتسابا لوجه الله تعالى، وحفظا لكرامة الأمه وجهادا في سبيل عزتها ومقدساتها وسعيا نحو وحدة صفها وجمع كلمتها في ظل تشرذم وتشتت للأمة، وصلف ووحشية وقسوة للمحتل وفقدان ضمير لم يشهد له العالم مثيلا ، وعناد واستكبار واضحين ، وصمت وضعف اممي افقد العالم بوصلته وطغى على انسانيته كل ذلك ضمن توازنات دقيقة وغاية في الحساسيةلحماية الامن الداخلي و ردع أي تعدخارجي ، حماية لحدودنا وشعبنا و مراعاة للوضع الاقتصادي و تحملا للضغوطات من كل حدب وصوب . و لا ريب في ذلك ولا عجب فالأردن هو الشقيق لفلسطين و هو آخر نافذة لها على العالم العربي والإسلامي كما أشار سمو الأمير الحسن بن طلال وأن المطلوب من كل صاحب ضمير أن يقوم بأقل الواجب تجاهها ،و هذا ما أكده جلالة الملك بخلقه وكبريائه وتواضع الكبير بأن كل ما قام به تجاه غزة هو أقل الواجب وأنه لا يكفي.

وهنا أقول بأن الواجب الحقيقي الذي يحتمه الضمير والخلق على كل واحد فينا وما تحتمه عليه المسؤولية والمواطنة والوطنية هو حماية الداخل ، حماية نسيجنا الاجتماعي اللذي يغيظ الاحتلال ، ويفوت الفرصة على كل خارج عن حدود الإنسانية والخلق . و حماية وحدتنا الوطنية من أي مساس ، هي حماية لا ننتظر فيها مكافأة اكبر من مكافأة حفظ الوطن ووجود الوطن وكرامة الوطن وحماية أغلى ما لدينا في هذا الحمى العربي الهاشمي الأصيل.

إن من يشككون في المواقف النبيلة الشجاعة الواضحة للعيان لجلالة الملك والتي هي مواقف ثابتة لا ينكرها إلا جاحد أو مكابر و ما كانت إلا انحيازا لأشرف وأعدل قضية عرفها التاريخ ، هي القضية الفلسطينة.

أقول بأن هؤلاء المشككين هم اللذين تؤذيهم هذه المبادئ الراسخات ويرفضون هذا الانحياز الشجاع من جلالته لأمته التي نذره الحسين لها ، ولم ولن يصدر هذا التشكيك من حر شريف بل من الولئك الرافضين لانحيازه لامته وإنسانيته والتي ما كانت يوما إلا استمرارا لوصية الحسين بن علي و ارث عبدالله الأول ودمائه التي سالت على بوابات اقصانا ، ودماء شهداء جيشه العربي على أسوار القدس وتراب فلسطين.

إن اكبر رد على كل مشكك أو متخاذل عن نصرة وطنه وأمته هو وعي شعبنا وإيمانه بصدق هذه الجهود المباركة وتقديرهم لهذا الدور النبيل و الذي سيكتبه التاريخ ويسطره على صفحاته ولو بعد حين.

ولا شك بان اعظم عمل نقوم به اليوم هو أن لا نكون عونا للشيطان على قيادتنا وامتنا.

وان نؤمن ايماناً تاما بان الأردن وفلسطين هما توأمان شهد نهر الأردن على حبهما واخلاصهما ولن يكون نهر الأردن شاهد زور ولن يقبل أن يشهد بالزور عليه فالمحب الحقيقي لفلسطين هو محب صادق للأردن والمحب الوفي للأردن هو محب طاهر لفلسطين ولن يكون غير ذلك ومن لا يحب الأردن لا يهمه أمر الأمه التي نحن أحوج ما نكون لنبذ خلافاتها وجمع كلمتها وعدم النبش في ما جرح منها وأن لا نجعل من التاريخ عبئا على الحاضر فيها.

وفي هذا المقام لا بد من الإشارة إلى الكلمة الطيبة من المرجعية التاريخية للأمه ( الأزهر الشريف) على لسان شيخه الجليل شيخ الأزهر في ليلة القدر.

وهو يتحدث بذات الأمر حول تنازع الأمة وتفرقها وتشرذمها والتي أعجزته عن مواجهة ازماته مواجهة دقيقة وخاصة في فلسطين وأننا لن نستطيع أن نواجه هذا الأمر إلا بتحقيق وحدة العرب وتطبيق سياسة التكامل الاقتصادي وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة ، واستنهاضه علماء الأمة وبأسرع ما يمكن لتحقيق وحدة علمائية تجمع رموز الإسلام من سنة وشيعة و إباضية وغيرهم ممن هم من أهل القبله يجتمعون بقلوبهم ومشاعرهم قبل عقولهم وعلومهم فيضعوا الحدود ويتجاوزوا الخلافات ويقتدون بالصحابة والتابعين.

وان هذا الاتفاق بين العلماء سوف يثمر اتفاق القادة وسوف يدفعهم لتحقيق المصالح القطرية في إطار المصلحة العربية والاسلاميه وهذا ما أكده سمو الأمير الحسن بضرورة أن نقول كلمتنا كعرب فنحن أهل المشرق لسنا معبرا بل نحن ملح الأرض.

نعم نحن اليوم بحاجة إلى هذه الوحدة اكثر من اي وقت مضى فالعالم اليوم هو عالم التحالفات وأولى التحالفات هو تحالف الأقربين لغة وأرضا ودينا وتاريخا.

وإذا لم نلتفت إلى ذواتنا في إطار علاقاتنا الروحانية وصفائنا الذاتي وسلامنا الداخلي فلن ننجح في تحقيق الحوار الحضاري الذي تجتمع فيه الثلاثية المتكامله من الرخاء المادي والرفاه الروحي والأمن البيولوجيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى