أخبار الأردن

وداعا..الكاتب والمخرج “محمد الشواقفة”…فارس الكلمة…والفن الجريء

التاج الإخباري – الكاتب والمخرج “محمد الشواقفة”…هو “عزيز نسين الأردن”،شكل حالة استثنائية، في الثقافة الاردنية، وتحديدا في المسرح اليومي، وفي الأعمال التلفزيونية التي كانت الأكثر استقطابا لجمهور التلفزيون،اضافة الى مقالاته الاسبوعية التي كانت رصاصا على الفساد والمفسدين والمنتفعين، وكل الذين يرون في الاردن مجرد معبر لابتزازه الى ابعد الحدود،حيث لم يهادن ولم يجامل، واضحا وصريحا، لايهاب احد، ولا يضع أي حسابات فوق حسابات الاردن.

دخل الفن قادما من عالم الهندسة، بعد دراسة الفنون في الجامعة ” دراسة ليست لتعزيز موهبته، بمقدار ماكانت مناكفة لاؤلئك الذين يرون ارتباط حتمية الإبداع الفني بالدراسة الاكاديمية”.

ثنائي “حجازين – الشواقفة”.

كلاهما قادم من أطراف الاردن، ليشكلا في عمان حالة، ستبقى علامة فارقة في الحياة المسرحية، بعيدا عن الدعم سواء من وزارة الثقافة وغيرها، وبالطبع بعيدا عن أي أشكال التمويل المحلي والخارجي، فقط حملوا مشعل الابداع والصدق، فكان الجمهور وفيا لهذا المسرح، الذي كان يحكي هموم الناس،في إطار الكوميديا السوداء، التي تضع المواطن على حد الضحك والبكاء،في رمزية مؤلمة،تخاطب العقل والوجدان، بعيدا التهريج واستدرار اعجاب الجمهور،إنما مسرح بمقترحات جمالية، ولغة وفضاءات مسرحية راقية.

” سمعة في أمريكا، وهاي مواطن، وهاي امريكا،والى من يهمه الامر،ومواطن حسب الطلب، وحاضر سيدي،…” هي ايقونات المسرح اليومي الأردني، في معايشة يومية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا،لم تهادن، ولم تخدع المشاهد،فقد كان الشواقفة يعمل ضمن منهج واضح، سواء بامراض المجتمع، وقصور مؤسسات الدولة عن اداء دورها الوطني،والقيم الدخيلة على المجتمع، من قيم استهلاكية وانبهار الشباب بالغرب،وطرح مسرح” الشواقفة- حجازين” كل المسائل التي كانت تمثل “خاصرة رخوة”، تسلل منها كل الذين عبثوا بمستقبل الاردن،لذلك كان المواطن الاردني يرى نفسه في هذه الاعمال التي ستبقى في الذاكرة الاردنية.

الشواقفة – طبيشات.

في القراءة الواعية فان الفنان “حسين طبيشات” قدم افضل ادوارة تحت ادارة الشواقفة، في مسرحية”العوض بسلامتكو”، بشخصية “العم غافل”،التي قدم من خلالها اسئلة حول “هشاشة المثقفين”، وحول الاسرة، والشباب وبناء الشخصية الوطنية،والهيمنة الاجنبية.

مقاومة التطبيع.

مثلما لم يستجد احدا لتمويل اعماله، فان ” الشواقفة” لم يكن بحاجة الى اي اطار سياسي او تنظيمي ليقول قناعاته في التطبيع والعلاقة مع العدو الصهيوني،وكانت عنده حساسية عالية وردة فعل غير مامونة الجوانب في هذه المسالة التي لاتقبل وجهات النظر،طرح ذلك بوضوح في اعماله المسرحية، وفي مقالاته،فقد كانت بوصلة فلسطين عنده لاتحتمل اي عبث في الاتجاه مهما كانت الظروف، مثلما كانت الاردن لاتقبل القسمة الا على الانتماء الخالص.

لا تجيبو سيرة.

كانت حلقات ” لاتجيبوا سيرة”، تمثل قفزة حقيقية للتلفزيون الاردني ،وسط تراجع جماهيريته، وحققت مشاهدات عاليه،ببساطتها وعفويتها وعمقها،وجسد الفنان “موسى حجازين” ادوارا مختلفة، كلها لها علاقة بانماط وسلوكيات،في كوميديا راقية، وجارحة،وهجاء لامراض المجتمع.

الرحيل.

رحل “الشواقفة” ولديه الكثير،وكان انفكاك ثنائية”الشواقفة- حجازين” واحدة من الخسارات الكبيرة،لكنه يرحل اليوم،ولديه الكثير من هموم واوجاع الاردن،وكانت حياته مليئة بالمواقف المشرفة، حيث الصدق والامانة،والمسؤولية تجاه مهنته وتجاه الناس،واعماله اضحكتنا وقامت بتعريتنا امام انفسنا، وابكتنا على ما اّل إليه وضع الاردن والاردنيين،حيث كانت اعماله تستحضر واقع المواطن والبلد،بكل المرارة والقهر، يطرحها باسلوب ساخر، جسدها بشكل خاص”حجازين”،حيث في الوهلة الاول تضحك،وفجأة تكتشف انه يتحدث عنك وعن واقعك المرير،لتحضر مشاعر الحزن والشجن،وبشكل لا يقدر عليه الا المبدعون.والمفارقة انه لم تكرمه اي جهة..رغم طوابير التكريم.

يرحل “الشواقفة”،وتحضرني ذكريات ومواقف وحوارات،فقد زاملته في العمل في هيئة الاعلام، وسافرنا سويا في رحلة عمل الى ايطاليا، فقد كان شهما ،نبيلا، كريما.

لك الرحمة والمغفرة والجنة بأذن الله…ونعزي اسرتك الكريمة..وكل الاصدقاء والمحبين..وكما قال رفيق دربك الفنان “موسى حجازين” الذي”ابكاني فوق بكائي ..الليلة” وهو يتساءل عنك “ستبقى اعمالك في وجدان الوطن الذي احبك..وبادلته برد الجميل حين قبّلت جبينه باعمالك المسرحية الخالدة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى