تأكيدات السيادة الأردنية المستمرة.. انحياز ثابت لأمن الإقليم
التاج الاخباري – فيما تتكرر تأكيدات السيادة الأردنية الدائمة، بعدم السماح لأي جهة كانت باختراق أجواء الوطن وحدوده، يرى خبراء أن هذه التأكيدات تنطلق من كون الأردن يلعب دورا إستراتيجيا في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها، ولذا فهو ينحاز لهذه المعادلة بدلا من تحويل المنطقة إلى ساحة صراعات وحروب لن يسلم من لهيبها أي طرف.
وكان آخر هذه التأكيدات ما صرح به وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة، الدكتور محمد المومني أمس من رفض الأردن لمحاولات بعض الأطراف في الإقليم لانتهاك مجاله الجوي بخاصة إطلاق المسيرات التي دخل بعضها أجواء المملكة وسقطت منها أجزاء وهياكل داخل الأراضي الأردنية مؤخرا.
Ad
وشدّد المومني على أن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي تقوم بواجبها المقدس في حماية الحدود براً وبحراً وجواً، وتستعين بكافة إمكانياتها لضمان أمن الوطن وسلامة مواطنيه، مؤكداً أنها لن تتردد في تطبيق قواعد الاشتباك تجاه أي جهة تحاول الإضرار بأمن الأردن.
ودعا الأطراف المتصارعة في المنطقة إلى احترام سيادة الدول وتجنب الإضرار بشعوب المنطقة، وإيقاف التصعيد الذي يهدف إلى تحقيق أجندات لا تخدم مصالح الشعوب، وتؤدي إلى تعطيل طاقاتها وحرمانها من فرص العيش بسلام وكرامة وعدالة.
وتعكس التأكيدات الأردنية بعدم السماح بانتهاك مجالها الجوي، التزام المملكة بحماية أراضيها وضمان استقرارها.
ومن هنا، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات إن الأردن يسير في خطة من اتجاه واحد وهو رفض الدخول في الحرب وفقا لتصريحات كافة المسؤولين سواء عن السياسة الخارجية أو حتى عن باقي السياسات بشكل عام.
وأوضح شنيكات أن الموقف الأردني ثابت برفض أي انتهاك للمجال الجوي الأردني سواء من قبل دولة الاحتلال أو من إيران، مبينا أنه يبدو “أن القادم بالنسبة للوضع الإقليمي سيكون فيه المزيد من التوتر ومحاولات استخدام الأجواء لكل دول المنطقة، خصوصا المحاذية للكيان الصهيوني وتحديدا سورية والأردن، وبدرجة أقل مصر والعراق.”
وأكد أن الدبلوماسية الأردنية رفضت زجّ المملكة بالصراع، وهي تراهن على الحل الدبلوماسي وليس لديها نية الانخراط في الأزمة بشكل مباشر، عسكريا أو غيره.
وأوضح أنه “وفقا للنظام الدولي فإن الدول الصغيرة بالمجمل في أي نظام دولي تنأى بنفسها عن الصراعات، وتفضل سياسة الحياد على أي سياسة أخرى، نظرا لأن الدخول إلى جانب طرفي الصراع قد يحمل مخاطر على الأمن الوطني والإقليمي لهذه الدول، وهي مخاطر حقيقية”.
وتابع أن مردّ ذلك هو التخوّف من أن يلقي هذا الأمر حملا كبيرا على الأمن الوطني، وقد يعصف باستقرار هذه الدول لأنها ستصبح فعلياً ساحة للصراع، “وهذا تقييم معظم المسؤولين عن السياسة الخارجية الأردنية”.
وقال شنيكات “إنه ربما يجد صانعو السياسة الخارجية فرصة للضغط على الدول الكبرى، على أمل أن تعيد تقييمها أو مقاربتها للصراع عبر الذهاب للحل الدبلوماسي”.
وأكد أنه حتى هذه اللحظة، فإن الولايات المتحدة لم تتدخل، بل على العكس، ذهبت واشنطن إلى دعم الاحتلال الصهيوني بالأسلحة عسكرياً واقتصادياً وحتى سياسياً بدلاً من أن تذهب إلى تسوية سياسية تنهي الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
وتعتبر السيادة على المجال الجوي حقًا من حقوق الدولة المنصوص عليها في القانون الدولي، وبحسب اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي، لكل دولة الحق في السيطرة على مجالها الجوي.
وبالتالي، فإن التأكيدات الأردنية بعدم السماح بانتهاك المجال الجوي للأردن، تأتي في إطار التزامه بالقوانين الدولية.
وفي ضوء الأزمات المستمرة، قام الأردن بإصدار سلسلة من التصريحات الرسمية التي تؤكد موقفه الحازم بعدم السماح بانتهاك مجاله الجوي.
وأكد الأردن الرسمي، أن أي اعتداء على المجال الجوي الأردني سيتم التعامل معه بحزم، وأن القوات المسلحة الأردنية جاهزة للتصدي لأي تهديد.
وفي هذا الصدد قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور بدر الماضي، إن هذا التصريح الإعلامي من قبل الحكومة يأتي ضمن السياق الذي حاول الأردن تأطيره في الأشهر الأخيرة وهو موجه للقوى الموجودة في الإقليم والتي تتنافس لتحقيق مصالح خاصة.
وأضاف الماضي أن الأردن كان واضحا تماما مع كل الأطراف، سواء الطرف الصهيوني أو الإيراني، والذي يعتبر هو الطرف المحوري والمهم في عملية الاختراقات التي تمت عبر الأجواء الأردنية عبر الجماعات المسلّحة التي تدعمها طهران في المنطقة، وحتى عبر الاستهدافات المباشرة التي تمت في مرتين متتاليتين.
وتابع: “لذلك، فإن الدبلوماسية الأردنية نشطت باتجاه إيران وكذلك تم استقبال وزير الخارجية الإيراني وإيصال أيضا رسالة مهمة وقوية جدا لدولة الاحتلال في هذا الصدد والتي التزمت إلى حد ما بذلك عندما هاجمت إيران مؤخرا عبر الأجواء العراقية والسورية.”
وأشار الماضي إلى أن ما حدث في الأيام الاخيرة يشير إلى أن هناك فرقا كبيرا جدا بين أن تتعامل مع الدولة وتتعاون مع الميليشيات التي تتبع الدولة.
وأوضح أن الإيرانيين ما زالوا يتكلمون بلغتين للإعلام، الأولى هي أنهم ضدّ هذه القضايا، واللغة الثانية يحاولون فيها التنصّل، وتتم عن طريق الميليشيات وخاصة الموجودة في العراق واليمن.
وقال إن الجميع يعلم أن هذه الجماعات المسلّحة تتحرك دائما من قبل إيران.
وعبر عن اعتقاده بأن جميع الطائرات المسيّرة التي سقطت “جاءت من العراق، فهناك فصيلان أساسيان تابعان لإيران هناك، وهما اللذان لا يقومان بالإنصات إلى الصوت لأن الدولة الأردنية لا تستطيع أن تتعامل مع جهات أقل من الدولة”.
وأوضح الماضي أن الحكومة الأردنية تعاملت مع نظيرتها الإيرانية ولم تتعامل مع الحكومة العراقية بهذا الصدد بشكل مباشر؛ لأن الأردن يعلم أن هذه الجماعات غير مرتبطة بالحكومة العراقية بل بالحكومة الإيرانية.
وقال إن هناك اختلافا كبيرا جدا الآن في الداخل العراقي على هذه الأنشطة التي يقوم بها فصيلان أساسيان في العراق بهذا الاتجاه.
وتابع: “لا يوجد أمام الأردن إلا التصعيد الدبلوماسي والسياسي مع هذه الدول الموجودة في الإقليم من أجل وقف مثل هذه الصبيانية تجاه أمن واستقرار دول المنطقة، وخاصة المملكة.”
وأكد أن هناك خيارات تستطيع دول الإقليم والجماعات المسلّحة الموجودة فيه، استخدامها دون أن تؤثر على أمن واستقرار الأردن، “ولكن يبدو أن بعض الميليشيات وبعض القوى المدعومة من قبل أطراف إقليمية دائما ما أرادت أن تجعل من المملكة ساحة للصراع ولعدم الاستقرار؛ لأن المطلوب هو إدخال المنطقة كلها في هذه الدوامة من عدم الاستقرار، والذي يمكن أن يخدم أجندة معينة”.
وختم الماضي حديثه قائلا: “نريد التزاما أخلاقيا وقانونيا وسياسيا من الدول الراعية لمثل هذه الميليشيات من أجل وقف مثل هذه العمليات، ووقف استخدام القضية الفلسطينية كمشجب”.
الغد