أخبار الأردناهم الاخبارتحقيقات التاجتعليمتقارير التاجخبر عاجل

تحقيق يكشف عن انتهاك حقوقي لمعلمين في الأردن

54 ألف عامل في القطاع الخاص
مخالفات المدارس الخاصة تحتَ مِجهَر نوّاب الأمّة
وزير تربية سابق: سنّ التشريعات سيمنع استغلال المعلمين
العمل: من يَثبُت استغلاله للمعلم ستتخذ اجراءات قانونية بحقّه
الصافي: المُعلم يستغل مادياً ونفسياً في أغلب المدارس الخاصة

التاج الإخباري – عدي صافي 

"نوّقع على عقود فارغة تبقى بحوزة المدارس، واستقالات جماعية وإجازات مُسبقة، ويعلمون بالجولات التفتيشية مُسبقاً"، هذا أبرز ما جاء على لسان مُعلمات يعملن في قطاع المدارس الخاصة في حديثهم لـ"التاج". 

اتهامات واسعة باتت تطال مدارس القطاع الخاص فيما يتعلق بعدم تطبيق العدالة الاجتماعية وغياب ضمان حقوق العاملين من معلمين ومعلمات في غالبية تلك المدارس، مما يستوجب اتخاذ الجهات الرسمية لإجراءات أكثر جدّية في الرقابة والمحاسبة، وفق متتبعون للمشهد. 

"نوّقع على عقود فارغة ونقدم استقالات جماعية" 

أحمد "اسم مستعار" وهو زوج لمعلمة تعمل في القطاع الخاص، قال في حديث لها مع "التاج الإخباري" إنَّ المعلمات ومنّهنّ زوجته يقمن بالتوقيع على عقود تسمى "العقود الموحدة"، بحيث توقع كل معلمة على نسختين، مع العلم أنَّ العقد فارغ ولا يحتوي سوى على "اسم المعلمة" وتقوم المدرسة بتعبئته بالتفاصيل لاحقاً. 

وبين أنَّ المدرسة تحتفظ بنسختي العقد، ومن ثم وقبل نهاية الفصل الدراسي الثاني توقع المعلمات استقالات جماعية بصيغة طلب استقالة يكون من المعلمة نفسها، توضح خلاله أنها أخذت كافة حقوقها مع تقديم شكر للمدرسة، على أنّ تكون هذه الاستقالة بناءً على ظروف خاصة بالمعلم. 

وادّعى أنَّ بعض المدارس الخاصة يُجبرنَ المعلمات على توقيع استقالات مسبقة بتواريخ غير محددة محتواها أن المعلمة تتقدم بطلب إجازة، مشيراً إلى أنَّ من يأخذ أي إجازة يخصم عليه حسب وقت الإجازة، والخصم يكون يوم عمل كامل في الأيام العادية، وفي حال تصادف يوم الإجازة مع يوم خميس تحسب 3 أيام (خميس + جمعة + سبت). 

منال كشت معلمة سابقة، أكدت لـ" التاج" أنها عملت في مدرستين في القطاع الخاص لما يقارب ١٤ سنة، ومنذ أول عقد وقعته معهم كانت التعليمات واضحة للجميع من ناحية ساعات العمل، الإجازات، المسمى الوظيفي، الوصف الوظيفي، آليات التقييم للمعلمات والمعلمين، سلم الرواتب المتبع، آليات الزيادة على الراتب وغيرها. 

وأوضحت أنها حصلت على أكثر من تدريب فيما يختص بالإدارة الصفية وطرق التعلم وغيرها وكانت خاضعة للضمان الإجتماعي، والتأمين الصحي كان اختيارياً؛ (كونها كانت مشتركة بتأمين عائلي مع زوجها آنذاك)، مبينةً وجود حضانة بالمدرسة وهذا الأمر ساعدها كثيراً بعد عودتها من إجازة الأمومة، إضافة إلى وجود ساعة رضاعة لمدة عام. 

أحمد ذكر أنَّ الرواتب كانت 270 يخصم منها مبلغ 20 ديناراً بدل ضمان لبعض المعلمات ليصبح 250 ديناراً، عدا عن خصم 20 ديناراً بدل ضمان + 30 ديناراً بدل تنقل بباص المدرسة لبعض المعلمات ليصبح راتبهن 220 ديناراً، بينما قالت منال كشت إنَّ الرواتب في أول عام كانت أعلى من الحد الأدنى للأجور وخلال السنوات ازداد بشكل منطقي ومناسب وعادل للجميع، عدا عن تمتعها باجازة أمومة عادلة وقت انجاب أطفالها، إضافة إلى وجود معاملة تفضيلية بعض الشيء أثناء الحمل فيما يختص بأماكن المناوبة؛ لتحصل على راحة أكثر. 

وأوضح أحمد أنَّ أبرز المخالفات التي تمارس بحق المعلمات تتمثل في عدم الإلتزام بتوقيت الدوام المحدد من قبل الوزارة لا سيما التوقيت الشتوي، (قبل شهر 4) وفي شهر رمضان كان الدوام يبدأ الساعة 6.00 صباحاً، وتبدأ الجولة الأولى الساعة 6:15 صباحاً، رغم أنَّ الدوام يبدأ الساعة الـ8 في شهر رمضان. 

وأكد أنَّ بعض المدارس تستغل الظروف الاقتصادية للمعلمات بالمدارس الخاصة، وتستغل حاجة بعضهم للعمل نظراً لأنَّ هنالك أرامل تعيل أبناءً لها أو معلمات من حملة شهادات الدبلوم؛ لأن المدارس الحكومية لا توظف إلا حملة الشهادة الجامعية، وهذا ينعكس على عدد جيد من المدارس الخاصة بشكل عام وفق حديثه. 

منال كشت كان لها تجربةً مغايرةً عن أحمد، حيث أوضحت أنَّ العقود كانت سنوية وتشمل إجازة الصيف، والراتب كان مستمراً خلال العطلة الصيفية ولم يطلب منهم أبداً توقيع استقالات في نهاية العام الدراسي، وفي حال رغبَ أي طرف بعدم التجديد كان يبلغ الطرف الآخر قبل بشهر من انتهاء مدة العقد. 

"علياء" اسم مستعار"، بينت في حديث لها مع "التاج الإخباري"، أنها عملت في احدى مدارس الأشخاص ذوي الإعاقة في مدينة إربد، وكانت شاهدة على عدد من الانتهاكات الحقوقية بحق المعلمات والطلبة. 

وأفادت أنَّ الرواتب التي كانت تمنح للمعلمات أقل من الحد الأدنى للأجور بـ130دينار أي أن الرواتب كانت 130 ديناراً، ويخصم على المعلم في حال غيابه 10 دنانير عن اليوم الواحد. 

وتابعت، "كنّا نذهب للعمل أيام السبت، ولا نحصل على عطلة صيفية أو عطلة بين الفصلين؛ كون المدرسة كانت للأشخاص ذوي الإعاقة". 

وأضافت، "لم يكن هنالك مكان يستطيع الأطفال ذوي الإعاقة التواجد به" للإستراحة"، عدا عن أن الطلبة كان يتم نقلهم بمركبة مزدحمة وليس بباص رغم أنهم أطفال من ذوي الإعاقة، وهو ما يستدعي تدخلاً فورياً من المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة بشكل فوري"، وفق رأيها. 

في حين قالت لمى" اسم مستعار" إنها تعمل في مدرسة خاصة في مدينة إربد، وتقوم المدرسة بمنح رواتب تقل كثيراً عن الحدّ الأدنى للأجور، مما دعاها لتقديم شكوى لدى مكتب العمل، والذي سينظم بدوره جولات تفتيشية مفاجئة للتحقق من مدى صحة الشكوى؛ لإتخاذ المقتضى القانوني اللازم. 

"54 ألف عامل في القطاع الخاص.. والعمل: نستقبل كافة الشكاوى" 

ويوفر قطاع المدارس الخاصة أكثر من 54 ألف فرصة عمل منها 34 ألف فرصة عمل لمعلمين ومعلمات، وفق نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني لـ" التاج". 

الصوراني أكد أن النقابة لم تتلقى أي شكوى تتضمن انتهاك لحقوق المعلمات أو المعلمين، إلا أنَّ النقابة وفق حديثه لديها معلومات حول قيام بعض المدارس بتجاوز حقوق العاملين في بعض الأحيان. 

مديرة إدارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم الدكتورة ريما زريقات، قالت لـ"التاج" إنَّ كل أمر يتعلق بالمعلمين هو من اختصاص وزارة العمل وليس وزارة التربية؛ بحكم أنَّ التربية ليس لها صفة وظيفية في شأن القضايا العمالية، موضحةً أنَّ الوزارة وفي حال تأثر الطالب من أي جهة كانت، تتدخل فوراً. 

وحول أسباب توجه غالبية المعلمين إلى وزارة التربية والتعليم، بينت أنَّ ذلك يعود لقيام وزارة التربية والتعليم بمتابعة الشكوى بشكل سري، وما يتسبب بالتخوف لدى بعض المعلمين والمعلمات من التقدم بشكوى لدى وزارة العمل هو امكانية ذكر اسمهم. 

منذر الصوراني أشار إلى أنَّ الدور الرئيس الذي تلعبه نقابة أصحاب المدارس الخاصة حسب النظام الأساسي يتمثل في حماية أصحاب المدارس الخاصة والدفاع عن حقوقهم لدى كافة الجهات الرسمية. 

وأفاد أنَّ الأمر لا يخلو من وجود استغلال لبعض العاملين من قبل مدارس معينة، إلا أنَّ النقابة أوجدت بالتعاون مع وزارة العمل عقد عمل جماعي موحد، حيث أصبح اليوم استخدامه فعالاً ومودعاً لدى وزارة العمل. 

العمل: من يَثبُت استغلاله للمعلم ستتخذ إجراءات قانونية بحقّه 

بدوره الناطق الرسمي باسم وزارة العمل محمد الزيود قال إنَّ دور الوزارة يكمن في التفتيش على كافة المنشآت بشكلٍ دوري بما فيها مؤسسات التعليم الخاص. 

وأوضح في حديث له مع "التاج الإخباري" أنّه يكون هنالك حملات موجهة ومحددة لقطاع التعليم وبشكلٍ مفاجئ؛ وذلك للتأكد من مدى التزام مؤسسات التعليم بقانون العمل ومدى التزامها ببنود العقد الموحد. 

وأكد أنَّ الوزارة تستقبل كافة الشكاوى التي يتقدم بها العاملين في القطاع الخاص، عبر منصة" حماية" التابعة للوزارة والموجودة على موقعها الرسمي. 

وتابع، "في حال ثبوت أنَّ احدى المؤسسات خالفت القانون وبنود العقد الموحد يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المؤسسة، ففي البداية يقوم مفتش العمل بمحاولة حلّ الموضوع بالتراضي بين العامل وصاحب المنشأة، وفي حال عدم التوافق بينهما يتم تحرير الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون، والتي تبدأ بالإنذار، وفي حال عدم تصويب المخالفة خلال مدة الإنذار يتم تحرير مخالفة بحق المنشأة وهذه المخالفات تذهب إلى القضاء؛ ليفصلَ بها".

مخالفات المدارس الخاصة تحتَ مِجهَر نوّاب الأمّة

رئيس لجنة التعليم والشباب النيابية الدكتور طالب الصرايرة أكد لـ"التاج الإخباري"، على ضرورة إعادة النظر في القوانين والأنظمة المعمول بها لضمان حقوق المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة.

وقال الصرايرة إنَّ مجلس النواب كمجلس رقابي يجب أن يعيد النظر في القوانين؛ كي يعامل المعلم في القطاع الخاص معاملة المعلم في القطاع الحكومي؛ لأنَّ القطاع الخاص يمثل الرئة الثانية للجسم التعليمي في الأردن ولا يجوز الإهتمام بجزء وترك الآخر، رغم أنَّ المعلم في القطاع الخاص يؤدي دوراً مضاعفاً عن غيره في المدارس الأخرى. 

وبين أنَّ من أبرز الشكاوى التي تصل للّجنة تتعلق بالأجور التي يتقاضاها المعلمين، بحكم أن راتب العاملين في القطاع الخاص أقل من العاملين في القطاع الحكومي، أما فيما يتعلق بتوقيع المعلمين على عقود فارغة أوضح أن اللجنة لم يصلها مثل هذه الشكاوى. 

وأكد أن القطاع الخاص في التعليم يؤدي دوره، ولا يوجد استغلال للعاملين، إلا فيما يتعلق ببعض الممارسات الفردية فهي لا تمثل الجميع، داعياً من يتعرض للظلم أن يتوجه للوزارة أو للجنة التربية. 

شريم: لجنة المرأة تعمل على جلسات مع معنيين للوقوف على انتهاكات معلمي القطاع الخاص

رئيس لجنة المرأة وشؤرن الأسرة النيابية ميادة شريم قالت إنه وللأسف فإنَّ المعلمة العاملة بالقطاع الخاص تواجهُ عدداً من التحديات، ويجب علينا الوقوف على هذه التحديات التي تقلل من مشاركتها في سوق العمل الأردني. 

وأوضحت في حديثها عبر "التاج" أنَّ أبرز هذه التحديات تتمثل في الفجوة في الأجور بينها وبين الرجل، عدم وجود حضانات، وعقود ال 10 أشهر بدل العقود السنوية والإجازات وغيرهم الكثير. 

وأوضحت أنَّ بعض المدارس لا تلتزم بالحد الأدنى للأجور وما بتشرك المعلمات في الضمان الاجتماعي بالرغم من ان الفقرة ط1 من المادة 16 البند من قانون ترخيص المدارس الخاصة تلزم المؤسسة بتحويل الرواتب الشهرية المستحقة للمُعلم إلى حسابه البنكي أو الى المحفظة الإلكترونية عدا عن ذلك تعاقب المدرسة بعدم تجديد الترخيص. 

وأكدت أنَّ القانون واضح لكن المعلمات لديهنّ تخوف من الشكوى خوفاً من انقطاع رزقهنّ، وبحسب الشكاوي التي تصلنا يتبين ان هنالك مدارس خاصة تستخدم طرق ملتوية بالتحايل والانتقاص من حقوق المعلمين. 

وبينت أنه يجب أنّ يكون هنالك عقوبات أخرى للمدارس التي تنتهك القانون، وهو ما يتم السعي للقيام به في الأيام القادمة، وفق شريم. 

وقالت لـ"التاج" إنَّ لجنة المرأة تعمل حالياً على جلسات مع معنيين من الدولة والمنظمات الدولية للوقوف على انتهاكات معلمي القطاع الخاص.

ودعت وزارة التربية والتعليم إلى ضرورة تشديد الرقابة على المدارس الخاصة، ووضع حد للانتهاكات التي تحدث للمعلمين، اضافة إلى دعوتها وزارة العمل للتعامل بحزم مع المدارس المخالفة لضبط هذه التجاوزات القانونية المتكررة.

وأكدت أن لجنة المرأة ستبذل قصارى جهدها لتحفز على ايجاد بيئة عمل آمنة للنساء وبالتالي زيادة مشاركتها الإقتصادية والتنموية.

وزير سابق: يجب على التربية التدخل لوقف استغلال المعلمين

وزير التربية والتعليم لفترتين (2015- و2021) الدكتور وجيه عويس علّق في حديث له مع "التاج الإخباري" على قضايا العاملين في المدارس الخاصة. 

وأوضح عويس أنه لم يتلقى شكوى بهذا الخصوص خلال فترات وزارته، إلا أنّه سمع بالأمر كثيراً من الصحافة حول وجود شكاوى من قبل معلمين عاملين في القطاع الخاص. 

وقال إنَّ المعلمين يوقعون بالأساس عقوداً مع المدارس، وعند توقيع العقد والإخلال به من قبل أحد الأطراف، فإنَّ القضاء هو الفيصل في ذلك الأمر. 

وأضاف،" صاحب العمل من الممكن أن يضع شروطاً لا تكون مناسبة بحكم أن العرض كبير في سوق التعليم مما يسمح له بإستغلال حاجة المعلمين ورغبتهم بالعمل". 

وفيما يتعلق بأسس تنظيم هذا القطاع، أوضح عويس أنّنا نفتقر لقوانين وتشريعات تنظمه، داعياً إلى ايجاد صيغة قانونية تسمح لوزارة التربية والتعليم بالتدخل ووضع رقابة أكبر على من يخالف القانون. 

واقترح عويس أن تكون الخطوة الأولى لتنظيم هذا القطاع هي مراجعة شروط وأسس قوانين ترخيص المدارس، بحيث يكون هنالك رقابة على نوعية المعلمين المختارين وضمان تلبية حقوقهم العمالية؛ لا سيما وأنَّ حرمان المعلم من حقه سينعكس على ادائه والذي سيتضرر نهايةً من ذلك هو الطالب. 

ونصح عويس المعلمين بعدم العمل دون توقيع عقود مع المدارس الخاصة، على أن يتم دراسة العقد من قبل متخصص قبل توقيعه، وعدم توقيع عقد يحوي ظلماً للمعلم، مبيناً أن السبب الرئيس لتوقيع تلك العقود يعود إلى حاجة الفرد للعمل. 

ونبّه إلى أنَّ أحد الأسباب الرئيسية لزيادة أعداد المعلمين المعطلين عن العمل يعود إلى تخريج الجامعات لأعداد كبيرة من دارسي البكالوريس دون الإلتفات إلى عدم حاجة السوق لكل تلك الأعداد، حيث كانت الأردن في فترات سابقة تصدّر المعلمين لدول الخليج وتعاني من نقص بالكوادر في بعض الأحيان، إلا أنَّ الأمر تغير مؤخراً، وفق عويس لـ"التاج". 

الراعي: مَن يقرر وجود انتهاكات من عدمها بحق معلمين هو القضاء لذلك لا بد من اللجوء إليه دوماً 

الدكتور في القانون أشرف الراعي دعا إلى اللجوء للقضاء في حال وجود أي انتهاكات قانونية من قبل إدارات المدارس الخاصة بحق المعلمين، وليس فقط فيما يتعلق بقانون العمل بل بالقوانين الجزائية؛ لا سيما وأن هناك بعض الأفعال المُجرّمة التي تتعلق بالحياة الخاصة للمعلمين والموظفين يتوجب على أية مؤسسة التنبه لها جيداً.

وقال الدكتور الراعي في حديث له مع "التاج الإخباري": "سمعنا الكثير عن انتهاكات بحق المعلمين من قبل إدارات المدارس الخاصة، لكن من يقرر وجود انتهاكات من عدمها هو القضاء، لذلك لا بد من اللجوء إلى القضاء دوماً، لإيماننا المطلق بأنه قادر على إنصاف المواطنين وإعطاء كل ذي حق حقه، مشيراً إلى أن "هناك مدارس خاصة تتعامل مع موظفيها ومعلميها بطريقة رائعة وإنسانية وتتوافق وأحكام القانون، في حين أن هناك مدارس تقوم بمخالفات طالعتنا حولها العديد من وسائل الإعلام في الفترة الماضية".

خبير تربوي: تَحوّلَ هدف التعليم من وجود خريجين مبدعين إلى مجرد حملة شهادات 

عضو مجلس الإدارة في الجمعية التربوية الأردنية والمستشار التربوي سابقاً في السعودية الدكتور محمد صافي أكد أنه خلال فترة عمله بالقطاع الخاص لاحظ وجود الكثير من الإنتهاكات بحق المعلم، منها المالية والفنية وأخرى نفسية. 

وقال صافي في حديث له مع "التاج الإخباري"، إنَّه من النواحي المالية لا تلتزم الأغلبية من المدارس بسُلّم رواتب واضح يحقق العدالة بين المعلمين إنما تتم محاولة استغلال المعلم ومفاصلته للقبول بالحد الأدنى من الأجور مستغلين حاجة المعلم للعمل، عدا عن عدم وجود معايير واضحة للزيادات السنوية ولا المكافآت وطبعاً لا يوجد مكافأة نهاية خدمة للموظف. 

وأوضح أنَّ الكثير من المدارس تحاول تغيير الكادر كل سنة واستقطاب معلمين جدد برواتب أقل، أما من النواحي الفنية فآخر همّ المدارس إراحة المعلم في النصاب وترك مساحة له خلال اليوم الدراسي للتفكير أو تجهيز أنشطة وبرامج تساعده في إشباع حاجات طلابه أو حتّى تفريد التعليم للطلبة المتأخرين دراسياً أو عمل برامج للطلاب المتميزين والمواهب بل تحرص المدارس على إعطاء المعلم أعلى نصاب ممكن من الحصص حتى أن بعضهم لا يجد وقت لتناول فطوره. 

وأكد أنّه لا يوجد أي نوع من الحماية أو الأمن الوظيفي للمعلم ففي أي وقت وبدون إبداء الأسباب وبكل سهولة ومن الممكن لمواقف شخصية أن يتم إنهاء عقد عمله ويجد نفسه فجأةً عاطلاً عن العمل وبدون أي مبالغ تعويضية كما ذكر أعلاه. 

وأشار إلى أنّه لا يوجد قانون يلزم المدارس بعمل تأمين صحي للمعلم وعائلته كما هو معمول به في دول الجوار مما يضطره للدوام وهو بحالة مرضية حتى لا يتم الخصم عليه. 

وحول انعكاسات هذه الأفعال، قال صافي إنَّ عدم منح المعلم لحقوقه ينعكس بلا شك على أداءه لعمله وتظهر النتيجة على طلابه فهو يتحول من معلم مبدع في الأصل إلى موظف يؤدي وظيفة روتينية لا يهتم بالفروق الفردية بين طلابه وبالتأكيد هذا ينطبق على الأغلبية وليس الجميع. 

وبين أنَّ المتضرر الأكبر من هذه الانتهاكات هو المجتمع؛ حيث تحول هدف التعليم من وجود خريجين مبدعين إلى مجرد حملة شهادات دون تمييز  والتعليم لمجرد نجاح من حفظ معلومات فقط للنجاح الوقتي ولا مكان للتعليم والحصول على مهارات حياتية وتقنية تتواكب مع حاجة السوق والمجتمع.

انتهاكات حقوقية بحقّ شريحة من العاملين في المدارس الخاصة

خبراء في مجال حقوق الإنسان، أكدوا أنَّ طبيعة الشكاوى التي يتقدم بها جزء كبير من العاملين في المدارس الخاصة، تظهر وجود انتهاكات حقوقية. 

وبينوا لـ"التاج" أنَّ القانون الأردني وقانون العمل، كفلا للعامل الحقّ بالحصول على ظروف عمل مناسبة، وتأمين صحي وضمان اجتماعي، إلا أنَّ جزءاً كبيراً من تلك المدارس يقوم بسلب هذا الحق من خلال اتباع طرق مُلتفة على القانون. 

وأشاروا إلى أنَّ ارتفاع عدد المعطلين عن العمل في السوق التعليمي، لا يُعدّ مبرراً لأصحاب المدارس المخالفة، للتغول على حقوق العاملين وحاجاتهم الإنسانية. 

ودعا الخبراء الجهات المسؤولة كافّة إلى إعداد عمل مشترك على كل النواحي يضمن تحصيل حقوق العاملين في شتّى المجالات ومحاسبة المخالفين بشكل حقيقي؛ حتى يكونوا رادعاً لمن يفكر مستقبلاً بمخالفة القانون واستغلال حاجة العامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى