أخبار الأردناهم الاخبارتحقيقات التاج

أزمة الصُحف الورقية تتفاقم تحتَ مطرقةِ الأخطاء الإدارية وتوجه القُرّاء نحوَ الإعلام الرقمي!

التاج الإخباري – عدي صافي

إذا شعرت وأنت تُقلّب الصفحة الأخيرة في الجريدةِ اليومية التي تقرأها أنّك فقدت صديقاً عزيزاً، فأعلم أنك قد قرأت عدداً رائعاً، وفي هذا الزمان ربما أندر من أن تجدَّ عدداً جيداً، أن تجدَّ قارئاً جيداً.

عُلّمنا في صغرنا أنّ شراءَ الصحيفةِ اليومية أمرٌ مثلَ شراء الخُبزّ، لا غنا عنه في المجتمع الأردني، إلا أن الثورة الرقمية التي شهدها العالم خلال الأعوام الماضية خلقَ نوع من النفور والإهمال لهذه العادة عندَ الغالبية.

أزمةُ الصحف الورقية تعصف بمؤسساتٍ عريقة

صحيفة الرأي التي أسسها رئيس الوزراء الراحل وصفي التل قبل نصف قرن تعاني من مديونية تجاوزت الـ40 مليون دولار، إلى جانب إشكاليات تأمين أجور العاملين الشهرية، وتأخر الإدارة بتسليمهم أجور 8 أشهر تراكمت من العام الماضي 2021، وهذه الأزمة لييست محصورة بالرأي لوحدها إذ ان الموظفين في صحيفة الدستور اليومية يعانون هم أيضاً من تأخر في صرف أجورهم الشهرية، عدا عن معاناة بقية الصحف اليومية المملوكة للقطاع الخاص من تأخر بالرواتب، وحرمان من الزيادات السنوية.

هذه الأزمة أجبرت صحف ورقية كالرأي والدستور واخرى على تسريح عشرات الصحفيين خلال العام الماضي بعد أن تم تسليمهم رواتبهم المتأخرة إضافة إلى راتبين آخرين، وفق ما ذكر صحفيين لـ”التاج“.

على من المسؤولية؟

الصحف الورقية تقوم بنشر الأخبار التي تم نشرها سابقاً عبر المواقع الإلكترونية في عدد الجريدة وهو ما من شأنه أن يخلق حالة من النفور لدى القارئ، وفق حديث وزير الإعلام لـ”التاج“.

الناطق الرسمي بإسم الحكومة فيصل الشبول قال إنَّ مسؤولية حلّ مشاكل الصحف الورقية لا تقع على طرفٍ واحد.

يجب على الزملاء في الصحف بذل جهد مهني أكبر من خلال طرح المواد الصحفية التي تجذب القارئ وتدعوه لشراء الصحيفة- يضيف الشبول لـ”التاج“- “أنماط العمل الصحفي ومضامينه لم تتغير، وهنالك معاناة من قلّة الإعلانات؛ حيث أن سوق الإعلانات أُنتهبَ بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة وبسبب مواقع التواصل الإجتماعي”.

الشبول أكد أن هنالك أخطاء إدارية داخل الصحف لا يمكن  حصرها، موضحاً أن الحكومة تعمل على عدد من الإجراءات في محاولة للإسهام بحلّ مشاكل الصحف الورقية.

ودعا في حديثه مع” التاج” الزملاء في الصحف إلى تطوير ألية طرح المواد الصحفية، واستقطاب المزيد من الجماهير وهو الأمر الذي سيسهم في رفع المداخيل.

أزمةٌ مركبة

تعبيرية

أزمة الصحافة الورقية هي أزمة إدارة المعلومات؛ حيث أنَّ لكل صحيفة ورقية موقع الكتروني وحضور على مواقع التواصل الإجتماعي، وفقاً للصحفي في جريدة الرأي خالد القضاة.

وأوضح عضو نقابة الصحفيين في حديث له مع “التاج” أنه من غير الممكن نشر خبر صحفي عاجل عبر الموقع الإلكتروني ومن ثم أقوم بوضعه على الصفحة الأولى للجريدة وكأنه سبق صحفي.

يجب أن نذهب بمحتوى كل ذراع من أذرع المؤسسة باتجاه مختلف يتواكب مع الجماهير ويتواكب مع سمات هذا الوعاء حيث أن الصحافة الورقية وعاء مختلف عن الصحافة الإلكترونية- يضيف القضاة لـ”التاج” – “الصحافة الورقية للأسف دولياً وعربياً ومحلياً لم تواكب التطورات بالشكل المطلوب، حيث أن بعض الصحف امتلكت عقولاً ادارية استطاعت مواكبة الثورة الرقمية ضمن الإمكانات المتاحة إلا أن أغلب الصحف الأردنية ذهبت بهذا الإتجاه متأخرة”.

القضاة تابع حديثه، “عندما ذهبت الصحف للتحول الرقمي قامت وللأسف بنسخ ما تنشره على النسخة الورقية وحولته إلى نسخة رقمية بالرغم من اختلاف الجمهور، ومن غير ان تدرك ان الذي يقرأ على الشبكة الرقمية لا يملك الوقت لقراءة ١٢٠٠ كلمة”.

وبين أن التطور البطيء في التحول الرقمي خلقت مشاكل حقيقية لدى الصحف الورقية، موضحاً أن المشاكل التي تعاني منها الصحف أسبابها عديدة.

واشار الى أن مشكلات مثل ضعف قيادات المؤسسات والتدخلات الحكومية المتعددة وعدم تدريب وتطوير الصحفيين، كلها مشكلات تراكمت إلى أن وصلت الصحافة الورقية إلى هذا الوضع لا سيما مع دخول جائحة كورونا.

القضاة أكد لـ”التاج” أن الجميع مُلام في ازمة الصحافة الورقية من حكومات متتابعة وصحفيين وإدارات، وهي أزمة مركبة، مبيناً أن المشاكل قللت التدفق المالي للصحف وهو ما جعلها عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها من دفع رواتب وتغطية التزامات الإستمرار.

الشارعُ الأردني ونظرتهُ للصحافةِ الورقية

مواطنون أكدوا في حديث لهم مع “التاج الإخباري” أن السبب الرئيسي لعزوفهم عن شراء الصحف الورقية هو توفر المعلومة الكاملة عبر مواقع التواصل الإجتماعي وفي وقت وقوع الحدث.

وأشاروا الى أن الصحف الورقية لا تقدم ما هو جديد في أعدادها، حيث تقوم بنشر ذات الأخبار التي انتشرت في اليوم السابق.

آخرون أوضحوا أن الصحف انسلخت عن المجتمع الأردني ولا تتطرق إلى المعيقات والصعوبات التي تواجه المواطنين في المواد الصحفية التي تطرحها.

ودعا المواطنين والمتابعين الصحفيين العاملين في هذه الصحف لتطوير محتواهم المقدم داخل الصحيفة؛ حتى يحافظوا على مؤسسات عريقة من الإنهيار.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى