مقالات

قشوع يكتب: السلاح في أمريكا.. عنف التجارة

التاج الإخباري – بقلم خالد قشوع

فيما لم ينتصف الربع الأول الأول من عام 2023  بعد، بدأت الولايات المتحدة بتسجيل أرقام قياسية ولكن بشكل محبط و سلبي على الصعيد المحلي، حيث أشارت التقارير الى أكثر من 80 عملية إطلاق نار جماعي في أمريكا حتى منتصف فبراير مخلفة 87 قتيل و أكثر من 200 مصاب.

 إن بعض هذه العمليات يكون نتاج مشكلات شخصية أو ضغوط يتعرض لها الأفراد الذين قد يقدمون على هكذا فعل، ولكن أكثر تلك العمليات قد تحدث لأكثر الأسباب العشوائية فلا يمكن التحقيق في أسباب واضحة خلف معظم تلك الجرائم الشنيعة التي  تحدث في الأماكن العامة مثل المدارس، و الساحات، و أماكن العمل.

وقد تعطينا تقارير عام 2022 نبذة عن ما قد ينتظر الولايات المتحدة من أعمال عنف جماعي، حيث وقعت نحو 700 حادثة إطلاق نار جماعي  راح ضحيتها نحو 800 شخص و أكثر من 2000 جريح.

 و بما أنه لايوجد حتى تعريف واضح لماهية إطلاق النار الجماعي فيمكن لهذه الإحصاءات أن تزيد بسهولة الى خمسين ألفا. حيث لا تعتبر منظمة "Gun Violence Archive" أن إطلاق النار الذي قتل أو جرح فيه أقل من أربعة أشخاص يعد إطلاق نارِ جماعي.

إن عدم وجود نمط محدد لمثل هذه العمليات يجعل من الصعب على شرطة الولاية أو المباحث الفيدرالية التنبؤ بها، و منع حدوثها فهذه الحوادث لا تميز بين ولايات جمهورية وأخرى ديمقراطية، و لا تقدم عليها شريحة اجتماعية، أو عمرية، أو عرقية معينة دون غيرها. مما يجعل المجتمع بكامله مشتبها به أمام المباحث والتي لا يمكن لها استباق أي هجوم، خاصة و أن معظم المهاجمين يقدمون على  الانتحار بعد تنفيذ هجومهم على المجموعة المستهدفة.

ولا يوجد مقياس يحدد ماهية هذه العمليات كون الدوافع تختلف بإختلاف المنفذ، فبعض المهاجمين يستهدفون أشخاصا يعرفونهم جيداً سواء في الأحياء، أو المدارس. و أخرون يقومون بتنفيذ عملياتهم بشكل عشوائي، حيث يستهدفون أماكن عامة بقصد نحقيق أكبر عدد من الإصابات مثل النوادي و الساحات العامة و المقاهي. و تتم معظم العمليات بأستخدام الأسلحة الأوتوماتيكية و نصف الأوتوماتيكية.   

إن أسباب انتشار السلاح في الولايات المتحدة بهذا الشكل  أكبر من أن نحصرها، ولكن منها الحصانة الدستورية المتمثلة في التعديل الثاني للدستور الأمريكي 1791،  و الذي يعطي الحق للمواطنين في حمل السلاح. و مبيعات الأسلحة الضخمة التي شكلت الشركات المنتجة لها لوبي "NRA" "الجمعية الوطنية للبنادق"، و التي تضخ عشرات الملايين في كل انتخابات عامة ونصفية لضمان وصول مناصرين الحق في امتلاك السلاح إلى المناصب العامة.  

فمع إزدياد عمليات القتل الجماعي، و العنف، و المليشيات المسلحة التي باتت تظهر بشكل جلي و الإحصاءات التي تتضمن أكثر النسب رعبا، حيث تشير التقديرات الى أن الأمريكيين يمتلكون نحو 393 مليون سلاح ناري، وذلك بمعدل يبلغ 120.5 مليون سلاح ناري لكل 100 شخص. و تشير التقديرات الى أن نحو 42% من العائلات في الولايات المتحدة تمتلك قطعة سلاح واحدة على الأقل.

 إن نفوذ جمعيات السلاح و لجان الدعم السياسي التابعة لها تجعل من الصعب إصدار قوانين تصعب حيازة السلاح في أمريكا، أو تفرض قيودا على التحقق من السجل الجنائي للمتقدم بطلب الحصول على سلاح. و من أبرز هذه اللجان لجان 501 "سي" التي تقوم بجمع الأموال وإنفاقها في الحملات الانتخابية للتأثير على دوائر صنع القرار.

قام الرئيس بايدن في أواخر شهر يناير من العام الجاري بالتوقيع على قانون "مراقبة السلاح" بعد إقراره في الكونغرس، ويعد هذا القانون من أكثر القوانين تقدمية منذ ثلاثين عاما و التي تنظم حمل السلاح في الولايات المتحدة. ومن أهم نقاط هذا القانون ما يلي:

*فرض التحقق على الخلفية الجنائية لأي شخص دون 21 عام ينتوي شراء سلاح.

*تخصيص 15 مليار دولار من التمويل الفيدرالي لبرامج الصحة النفسية، و ترقيات الأمن المدرسي.

*تمويل الولايات لتشجيعها على ازالة الأسلحة النارية من أولئك الذي يعتبرون خطرا على المجتمع.

*منع كل المدانين بارتكاب جرائم عنف منزلية من الحصول على سلاح ناري.

و فيما يبدو هذا القانون صارم و شامل جميع جوانب حمل السلاح و آليات الوصول إليه إلا أن السوق الأمريكي قد غرق بالفعل بالأسلحة النظامية التقليدية، و ما بات يعرف بالاسلحة الشبحية التي لا تمتلك أرقام تسلسلية ولا تكون مسجلة، مما يجعل مسألة السلاح في الولايات المتحدة قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى