الإعدام في الأردن.. قصاصٌ معَ وقفِ التنفيذ
العرموطي: تعطيل تنفيذ قرار الإعدام اعتداء وتغول على هيبة السلطة القضائية
القاضي العشائري طه العجارمة: ازهاق الروح أمر صعب مهما كانت الأسباب
دعوات لعدم الرضوخ لمطالب منظمات حقوق الإنسان
الذنيبات: عقوبة الإعدام لم يكن لها تأثير في تخفيف عدد الجرائم
مؤيدون: حكم الإعدام يحدّ من حالات الثأر
التاج الإخباري – شهد حمدان
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، الإعدام من أقسى العقوبات التي يمكن اطلاقها على الجاني وذلك بإنهاء حياته وسلب حقه في الحياة.
لا يزال تطبيق حكم الإعدام في الأردن أمراً شائكاً تتباين فيه الآراء بين مؤيد ومعارض، كما تباينت آراء الدول والاتفاقيات والتشريعات التي تهتم بحقوق الإنسان على شرعية اعتبار الإعدام طريقة لمعاقبة الجاني.
العرموطي: تعطيل تنفيذ قرار الإعدام اعتداء وتغول على هيبة السلطة القضائية
نقيب المحاميين الأسبق النائب صالح العرموطي يقول في حوار مع "التاج" إن قرار الإعدام يمر بمراحل عدة قبل إصداره ويقوم على اليقين وليس الظن والشك، وأن المحاكم المختصة باصدار عقوبة الإعدام هي محكمة الجنايات الكبرى، محكمة أمن الدولة، المحكمة العسكرية ومحكمة الجنايات البدائية وان تعطيل تنفيذ القرار يعتبر اعتداءً وتغولاً على هيبة السلطة القضائية.
فيما قال القاضي العشائري طه العجارمة لـ"التاج" إنّه ضدَ الاعدام بأي شكل من الاشكال؛ معتبراً أنَّ العفو فوق كل شيء وأن العفو عند المقدرة واجب وازهاق الروح أمر صعب مهما كانت الأسباب والمبررات.
دعوات لعدم الرضوخ لمنظمات حقوق الإنسان
وبين العرموطي أنه لا يرى مبرر لإيقاف حكم الاعدام في جرائم القتل، معتقداً أننا لا يجب أن نرضخ لقرارات منظمات حقوق الإنسان التي تقدم التمويل للأردن بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان؛ حيث أن الجاني عندما قَتَل لم يراعي تلك الحقوق التي ينادون بها، على حدِّ وصفه.
وأكد النائب ينال فريحات على أن عدم تطبيق حكم الاعدام في الأردن يعود للضغط من المنظمات الدولية التي تنادي بحقوق الانسان؛ بحجة أنه تعدي على الحقوق وهذا امر غير صحيح لأن الله ارحم الراحمين بعباده وأقر العقوبة، مبيناً أنَّ من يقوم بقتل روح أو اغتصاب فتاة يستحق ذلك.
بينما أوضحت النائب السابق ديمة طهبوب أن عقوبة الإعدام تأتي في سياق متصل لا يمكن فهمها إلا في ضمنه؛ لأن الحفاظ على النفس البشرية هو الأمر الأهم، والله جعل حرمة النفس اغلى من حرمة الكعبة لذا كان لابد من أن أي انسان يقدم على قتل انسان بدون حق في جميع الشرائع السماوية أن يعاقب بالقتل "فالقاتل يقتل"، وفق حديثها.
260 محكوماً بالإعدام في الأردن
وفي سياقٍ آخر بلغ عدد المحكومين بالاعدام في الأردن 260 محكوماً من ضمنهم 21 سيدة، حسب تصريحات رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب د.غازي ذنبيات لـ"التاج" .
هل تُعدَم المرأة الحامل في الأردن؟
اشارت الخبيرة في الشؤون الاجتماعية والأسرية والمرأة وحقوق الإنسان ريم أبو حسان إلى أن تطبيق عقوبة الإعدام يتطلب توافر أركان الجريمة بدون أدنى شك في حق الجاني/الجانية ، أي أن تطبيق هذه العقوبة القاسية يتطلب توافر العديد من الضمانات والكثير من الشروط حول اثبات الجريمة ولذلك كان لابد من النص صراحة في قانون العقوبات على عقوبة السجن مدى الحياة خاصة عند اسقاط الحق الشخصي في جرائم القتل العمد.
وتابعت ابو حسان في حديثها لـ"التاج" أنها لا ترى فرقًا في كون الجاني رجلاً او إمرأة؛ لأن العبرة هنا طبيعة الجناية المرتكبة وليس جنس المعتدي، موضحةً أنه إنّ كان المعتدي إمرأة فهناك حالات نص عليها القانون لا تطبق على المرأة عقوبة الاعدام فيها، مثل أنّ تكون حامل أو مصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
جدل حول فاعلية تطبيق حكم الإعدام
يعد تطييق حكم الاعدام أكبر رادع للجرائم، والتجارب أثبتت بالدول المطبقة للحكم ذلك بلغة الارقام، حيث أسهم تطبيق الحكم بتشكيل ردع عام للمجتمع، حسب تصريحات النائب ينال فريحات لـ"التاج".
فيما عارضَ رئيس اللجنة القانونية الذنيبات تصريحات النائب فريحات، بقوله إنّه سواءً أتم إلغاء عقوبة الإعدام أم لا، فإن الجرائم ستستمر؛ وفقًا للدراسات التي تشير إلى أن عقوبة الإعدام لم يكن لها تأثير في تخفيف عدد الجرائم.
قضاة عشائريون يطالبون بتطبيق حكم الإعدام
وأشار فريحات الى أنه مع تطبيق عقوبة الإعدام وتفعيلها حفاظاً على أمن المجتمع وأرواح وممتلكات المواطنين، مبيناً أن شيوخ العشائر ومن يعملون في العطوات يطالبون السلطات بتنفيذ عقوبة الاعدام؛ لأنها تحد من الثأر.
شيخ عشيرة الحويان عبد الكريم الحويان كشف في حديث له مع "التاج" عن رأيه بتطبيق عقوبة الإعدام قائلاً إنَّ لديه 30 قضية قتل في العاصمة عمان، عدا عن باقي انحاء المملكة.
وأضاف، "أنا من أشدّ المؤيدين لتطبيق حكم الإعدام لأن جرائم القتل في ازدياد"، مستدلاً في حديثه على أنَّ تطبيق حكم الإعدام امام المسجد الحسيني كان رادعاً لكل من يفكر بارتكاب جريمة خلال القرن الماضي في الأردن.
هل يعدّ السجن "المؤبد" بديلاً فعالاً للإعدام؟
وذكرت ريم أبو حسان انَّ عقوبة الإعدام غالباً ما تكون موضع جدال؛ حيث يستخدم معارضو تطبيق عقوبة الإعدام مبررات تتمثل بإعدام أبرياء، مشيرين إلى أن عقوبة السجن مدى الحياة بديل أكثر فعالية.
وبين فريحات أن عقوبة المؤبد ليست بديلة عن الإعدام لأنّ الغاية من الإعدام هو القصاص والردع وتعويض أهل المجني عليه.
خالد (23 عاماً) يقول لـ"التاج" إنَّ عقوبة الإعدام فيها اعتداء على حق الانسان في الحياه وتعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والمعايير الدولية.
وأفاد أنَّ منظمة العفو العام تعارض هذه العقوبة في جميع الحالات ودون ايةِ استثناءات بغض النظر عن الجريمة المرتكبة وظروف الواقعة الجرمية، معتبراً أنه من حق أي شخص أنّ يعيش بغض النظر عن الجرم الذي ارتكبه في لحظة غضب.
أحكام الإعدام.. عبءٌ مالي على كاهل الدولة
وقال العرموطي إنَّ تكلفة السجين بحسب الأرقام الرسمية تقترب من 750 ديناراً أردنياً، لذا إنَّ عدم تطبيق الحكم يعتبر عبء مالي كبير على الدولة وعدم احترام للأحكام التي تصدر عن القضاء.
وكشفَ عن وجود أحكام اعدام غير منفذة في المملكة مضى على اتخاذها اكثر من ربع قرن.
وأشار الى أن النيابة العامة ملزمة بتنفيذ الأحكام التي تصدر عن المحاكم ولا يجوز أنَّ يبقى السجين ينتظر تنفيذ الحكم كل يوم، متطرقاً في حديثه إلى الضغط النفسي الذي يتعرض له السجين في كل لحظة يطرق بها السجان أبواب "النظارات" مما يجعله يعتقد أنَّ الحكم سينفذ وستنتهي حياته.
مؤيدون: حكم الإعدام يحدّ من حالات الثأر
ريم أبو حسان عادت وبينت أنَّ المؤيدين لتنفيذ عقوبة الإعدام يستندون في حديثهم على مبدأ العقاب أمر ضروري للحد من الجريمة؛معتقدين أن عقوبة السجن مدى الحياة ليست وسيلة رادعة بشكل فعال، وأن عقوبة الإعدام تؤكد على الحق في الحياة عن طريق المعاقبة الصارمة لمن ينتهك هذا الحق في حالات القتل العمد والإصرار والترصد .
محمد يقول لـ"التاج" إنه من المؤيدين لعقوبه الإعدام ويرى أنها ضروره اجتماعية يجب تطبيقها على مستحقها لحماية المجتمع والمحافظة على استقراره.
"فلو تركنا الجاني في جريمة القتل العمد دون تطبيق عقوبة الإعدام بحقه، سيؤدي ذلك إلى عودة الثأر العشائري وانتشار المزيد من الجرائم لانه ليس هناك من رادع عادل يمكن ايقاعه بحق الجناة"، وفق محمد.
مطالبات لمعالجة حالات فرض عقوبة الإعدام
ريم أبو حسان أكدت على أهمية معالجة حالات فرض عقوبة الإعدام على الضحية التي كانت في حالة دفاع عن النفس بحيث لا تتحول عقوبة الإعدام الى قتل تعسفي، مبينةً أن هذا أمر مهم بشكل خاص للنساء المتهمات بالقتل في الحالات التي يتعرضن فيها للعنف الأسري والجنسي.
دول غربية تُفعلّ عقوبة الإعدام
وحول إعادة تفعيل حكم الإعدام قال العرموطي إنَّ الكثير من دول العالم الاوروبي أعادت حكم الإعدام بعد ان الغت العمل به في وقت سابق.
وأضاف أنَّ وزير العدل الامريكي وليام كلارك قال للرئيس العراقي الراحل صدام حسين اثناء الدفاع عنه إنَّ الرئيس الامريكي الأسبق جورش بوش صادق على 153 عقوبة اعدام في أمريكا بينهم رجال ونساء وأطفال، موضحاً أنَّ عقوبة الإعدام موجودة في أمريكا وهي حاجة ملحة لطمأنينة الدولة وراحتها.
تنفيذ حكم الإعدام مشروط بموافقة الملك
وأفاد العرموطي أنَّ الدستور الأردني نص في المادة 39 منه على أنه لا ينفذ حكم الإعدام إلا بعد تصديق الملك، وموافقة من محكمة التمييز، منوهاً على أنَّ اجراءاتها ليست مثل اجراءات العقوبات الأخرى ولها شروط خاصة يجب التقيد بها قبل تنفيذها على الجاني.
الجرائم المعاقب عليها بالإعدام
وتطبق عقوبة الاعدام وفق القوانين الاردنية على اكثر من 25 جريمة لعل أبرزها جريمة القتل العمد، القتل المرتكبة تمهيداً لجريمة من فئة الجناية أو تنفيذاً لها، جريمة القتل المرتكبة من الفرع على الأصل كأن يقتل الجاني أحدَ أبويه او اجداده، جريمة اغتصاب فتاة لم تكمل الـ 15 من عمرها، جريمة قتل الأم لولدها بفعل مقصود ولم تكن وقت تنفيذ الجريمة ناقصة للوعي بتأثر الولادة أو الرضاعة، جريمة الحرق العمد اذا نجم عن الحريق وفاة انسان، جريمة الإعتداء على حياة الملك أو حريته ، وجريمة لكل من يحمل السلاح ضد الدولة في صفوف العدو(الخيانة)، وكل من يعمل على تغيير الدستور بطرق غير مشروعة أي عن طريق آخر غير مجلس الدولة، والعصابات المسلحة المكونة من ثلاثة اشخاص فأكثر ويقومون بأعمال السلب والتعدي على الأشخاص والأموال وممارسة أعمال اللصوصية اذا اقدموا على القتل لتنفيذ اعمالهم المذكورة أو اذا انزلوا بالناس التعذيب والأعمال البربرية اضافة إلى جرائم الحرب سواءً كان مرتكبها مدنياً او عسكرياً.
النصوص القانونية لعقوبة الإعدام
ويذكر أنّ النصوص النصوص القانونية لعقوبة الإعدام في الأردن تأتي على النحو التالي:
المادة 35 من الدستور الاردني:
"لا ينفذ حكم الاعدام الا بعد تصديق الملك".
المادة 208من قانون اصول المحاكمات الجنائية:
"في الجنايات التي يعاقب عليها بالاعدام او الاشغال المؤبدة او الاعتقال المؤبد او الاشغال المؤقتة مدة 10 سنوات فاكثر يتعين حضور محامي للمتهم في كل جلسة محاكمة واذا قام المتهم باعلام المحكمة من انتهاء علاقته بمحاميه ويتعذر تعيين محامي بديل لصعوبة احوال المادية فيتولى رئيس هيئة المحكمة تعيين محامي له ويدفع للمحامي الذي عين بمقتضى هذه الفقره اتعابه وفقاً لنظام يصدر لهذه الغاية" .
والمادة 260 :
" ١. الحكم بالاعدام او بعقوبة جنائية لمدة لا تقل عن خمس سنوات تابع للاستئناف ولو لم يطلب المحكوم عليه ذلك".
والمادة 275:
" ١. اما احكام الاعدام والاشغال المؤبدة والاعتقال المؤبد فانها تابعه للتمييز بدون طلب من المحكوم عليه وعلى رئيس قلم المحكمة ان يقدم هذه الاحكام فور صدورها للنائب العام ليرسلها لمحكمه التمييز للنظر بها".
والمادة 358:
" اذا وافق جلاله الملك على انفاذ حكم الاعدام يشنق المحكوم عليه داخل بناية السجن او في محل اخر اذا عين مثل هذا المحل في الارادة الملكية ولا يجوز تنفيذ عقوبة الاعدام هذه في المحكوم عليه بها في يوم من ايام الاعياد الخاصة بديانته او في الاعياد الاهلية والرسمية ولا يجوز تنفيذ حكم الاعدام بالمراة الحامل الا بعد وضعها بثلاثه اشهر".
والمادة 359:
" يجري انفاذ عقوبة الاعدام بمعرفة وزارة الداخلية بناء على طلب خطي من النائب العام مبيناً فيه استيفاء الاجراءات المنصوص عليها في المادة السابقة وبحضور الاشخاص الاتي ذكرهم:
١. النائب العام او احد مساعديه.
كاتب المحكمة التي اصدرت الحكم وطبيب السجن او طبيب المركز واحد رجال الدين من الطائفة التي ينتمي اليها المحكوم عليه ومدير السجن او نائبه وقائد الشرطة في العاصمة او قائد المنطقة في الملحقات".
والمادة 361:
" ينظم كاتب المحكمة محضراً بانفاذ الاعدام يوقعه مع النائب العام او مساعده والحاضرون ويحفظ في اضبارته الخاصة عند المدعي العام".
والمادة 362:
" تدفن المحكمة جثة من نفذ فيه الاعدام عند عدم وجود ورثة له يقومون بدفنها ويجب ان يكون الدفن بدون احتفال".
المادة 14 من قانون العقوبات الاردني:
" العقوبات الجنائية هي: الاعدام والاشغال المؤبدة والاعتقال المؤبد والاشغال المؤقتة والاعتقال المؤقت".
والمادة 17:
" العقوبات الجنائية
1 – الاعدام، هو شنق المحكوم.
2 – في حال ثبوت كون المراة المحكوم عليها بهذه العقوبة حاملاً يبدل حكم الاعدام بالاشغال المؤبدة".