مقالات

قبل أن نسأل لماذا فازت المغرب؟ علينا أن نسأل لماذا نحن لسنا مثلهم

التاج الإخباري – بقلم: عبدالهادي راجي

لدينا أمهات بنفس امهاتهم يقمن بعجن الرضا مع الطحين في الصباح , الفقر لدينا مثل الفقر لديهم …له ألف باب وألف إمام وألف حزب , القهر لدينا مثل القهر لديهم …يجري مع (المزاريب) في الشتاء ….لماذا لسنا مثلهم ؟

السبب بسيط جدا , وهو أن الذين احترفوا في أوروبا وجنوا الملايين …حين انتصروا عادوا لأحضان أمهاتهم ..راقبوا الأمهات ..راقبوا فقط صور أمهات الأبطال , لايوجد واحدة جاءت من الاتحاد النسائي المغربي ..وترتدي معطفا من (هارودز) ..ولديها مركز (ان جي أوز) ممول , لايوجد أم للاعب مغربي …ارتدت في حياتها كعبا , وجلست في فندق فاخر من أجل مؤتمرات الثرثرة …لايوجد أمهات يعتصمن بكامل الحلي والعطر الفرنسي , لأجل تعديل القوانين …واستبدالها بقوانين فيها حرية أكثر ومساحة أكثر , ومياصة أكثر .

الفرق هو أن اللاعب (زياش) حين عرضوا عليه أن يلعب باسم هولندا , وهو يحمل جنسيتها ..رفض ذلك , وكان من الممكن أن يجني الملايين , ولكنه أصر أن يرتدي قميص المغرب ..مع أنه عاش في أوروبا ..إلا أن هويته ظلت مغربية ودمه ظل كذلك ..لدينا الهروب من الهوية صار (موضة) …

المغاربة انتصروا لأنهم التصقوا بالهوية , من حضرن في المدرجات لم يكن أمهات ..وإنما كن صورة طبق الأصل للهوية المغربية الإسلامية العربية المتجذرة …بالمقابل لدينا في مباراتنا مع إسبانيا ..احتفلنا بالهزيمة , حضر أغنياء عمان وكبار المسؤولين …وحضرت (اللاند كروزر) وحضر (دي جي ) غربي ..لم يكن هنالك من مكان للهوية ولا للفقراء ..بل صاروا يبيعون على المدرجات (الدونات) …نحن في مباراتنا مع إسبانيا احتفلنا بالهزيمة وهربنا من الهوية …والأغرب أن مجموعات البنات اللواتي جئن للملعب بسيارات البورش (نططن) على أهداف إسبانيا …كان الأمر سيكون مرعبا لو انتصرنا على إسبانيا .

لاعب مغربي واحد هو (زياش) ثمنه الان (100) مليون , حين انتصر منتخبه الوطني (سجد) سجدة شكر , أحضر أمه التي عاشت في هولندا , وجلست على المدرجات ..بمنديلها المغربي البسيط وبقميصها الذي لايتجاوز ثمنه ال (30) دولارا , وبوجهها المغربي النبيل ..بالمقابل لدينا في كل محفل يهربون من الهوية …

اللاعبون المغاربة , انتصروا ..فقط لأنهم أحبوا المغرب , لأنهم عشقوا وطنهم ..لأنهم أرادوا للأمهات المغربيات أن يفتخرن بما انجب التراب وبما انجب التاريخ …انتصروا لأنهم بالرغم من حياتهم الطويلة في أوروبا , لم يتخلوا عن الهوية والجنسية ….بالمقابل نحن نهرب من كل ما يلتصق بالهوية ومن كل شيء يعبر عن الأردن ..

ونعيد السؤال لماذا لسنا مثلهم ؟

اتركوا لنا الأردن نحبه بطريقتنا , لا نريد أن نحبه بطريقتكم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى