معتقل من صيدنايا لـ”التاج”: مُعظم الضباط في السجون من جنسية ايرانية
معتقل من صيدنايا لـ"التاج": الضباط لديهم برنامج يومي للتعذيب والقتل
معتقل من صيدنايا لـ”التاج”: النظام السوري هَرَبَ نحو 300 معتقل الى ايران
التاج الإخباري – حنين زبيده
بعد مُضي 8 أيامٍ على سقوط نظام الأسد وتحطيمِ القيود الصامتة في زنازين سجن صيدنايا، باتت الحقيقةُ تنجلي وكسرت القيود وأُرخي الستار عن فصول التعذيب المروعة التي كانت تُمارس في صيدنايا.
“م.ي” -وهو اسمٌ مستعار لأحد المعتقلين السوريين المحررين من سجن صيدنايا- كَشف ما يُخفيه سجن صيدنايا الأحمر من خبايا وأسرار وراء جُدرانه، واصفاً بأنها تحمل ويلاتٍ وآلامٍ عايشها مئاتُ الآلافِ من السجناء.
وقال إنه تم القاء القبض عليه مع بداية أحداث الثورة عام 2011 حين كان يبلغ من العمر 16 عاماً؛ على خلفية مشاركته في المظاهرات.
وأوضح “م.ي” في حديثهِ مع “التاج الإخباري”، انه وفي بداية اعتقاله تم الحكم عليه بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاماً، والتي تنقل خلالها بين عدد من الأفرع الأمنية إذ تم اعتقاله بدايةً في فرع الأمن العسكري 215، من ثم فرع “سرية المداهمات 248″، وتم نقله بعدها إلى فرع أمن الدولة 285، بعدها إلى فرع المخابرات الجوية .
وتلاها تنقلاته الى سجن ادلب، ثم الى حلب المركزي، ليصل في نهاية المطاف إلى اعتقاله في سجن صيدنايا الأحمر بعد إجباره على الاعتراف بتهمة “الإشتراك بعصابات مُسلحة أُلفت بقصد مقاومة ومهاجمة الجيش السوري”.
سجن صيدنايا الأحمر.. بين عدد المعتقلين والأقبية السرية
وصرح المعتقل المحرر من صيدنايا، بأن السجن يتكون من طابقين تحت الأرض طابق للمهاجع السياسية وطابق للمنفردة .
وأوضح أن اعداد المعتقلين في صيدنايا كبيرة جدا وتتجاوز الآلاف، زاعماً أن هنالك عدداً كبيراً من المعتقلين لم يخرج من السجن .
“هنالك مهجع مخصص للمعتقلين السياسيين من أحداث الثمانينات، والذين يتراوح عددهم بين 250 – 300 معتقل، لم يغادر أحد منهم صيدنايا، وأنا أجزم بأن النظام السوري قام بتهريبهم إلى إيران”، وفق ما زعم به المعتقل المحرر م.ي في حديثه مع “التاج الإخباري”.
تقطيعٌ بالمنشار وإذابةٌ بالأسيد وإعدامٌ ومكبس.. خفايا التعذيب في صيدنايا الأحمر
وعن التعذيب في صيدنايا الأحمر، كَشف بدايةً أن مُعظم السجانين القائمين على التعذيب داخل صيدنايا هم ضباط إيرانيين الى جانب الضباط السوريين، مُبيناً أنهم كانوا يعرفون ذلك من لغة كلامهم إذ كانوا يتحدثون امام المعتقلين بالايرانية ولم يكونوا متقنين للغة العربية، عدا عن اختلاف لباسهم وبنيتهم الجسدية وشكلهم.
وأوضح “م.ي” في حديثه مع التاج الإخباري، أن أبرز طرق التعذيب كانت تختلف بينّ التقطيع بمنشارٍ بشري وإذابةٍ باستخدامِ الأسيد والإعدام والمكبس البشري.
وأضاف أن هذه الطرق هي أشدُ أنواعِ التعذيب التي يتعرض لها المعتقل سواء أكان حياً أم ميتاً، لافتاً إلى وجود طرق كثيرة ومتعددة للتعذيب، كالصعق بالكهرباء والضرب بالأسلاك والكوابل عدا عن التثبيت بالدولاب ليصبح رأس الشخص بالاسفل وقدميه بالاعلى .
“كانو لما يحتاروا بتعذيبنا يخلونا نختار بشو بنحب نتعذب والاختيار كان اجباري، اما بالشبح أو قلع الأظافر أو غيرها بكتير أنواع أدوات للتعذيب ما بنعرف اسمها”، وفق تصريحات معتقل سوري سابق في صيدنايا لـ”التاج”.
وأشار إلى وجود برنامج يومي للتعذيب والقتل، قائلاً انه في بعض الأيام كان يتم الطلب من كل رئيس مهجع باختيار معتقل او اثنين ليتم قتلهم اذ يتم احياناً قتل نحو 30 معتقلاً أو أكثر .
وقال “في بعض الأيام كنا نبكي من الخوف على مين رح يوقع الاختيار، وفي حال وصلنا لهذه الدرجة كان رئيس المهجع يضحي بنفسه ليقتل”.
وتابع، أن المهجع كان يضم -على أقل تقدير- 20 معتقلاً ويتم احضار المزيد من المعتقلين بعد أن يتم قتل مجموعة ممن كانو في المهاجع .
ولفت إلى أنه في بعض الأحيان، كان يتم اختيار أشخاص للذهاب الى المستشفى او يتم السماح لاهل المعتقل بزيارته، الامر الذي يؤكد للجميع أن من يذهب للعلاج لن يعود ومن يزوره اقاربه سيتم اعدامه .
بعد قتلهم.. إلى اين تذهب جثث المعتقلين في صيدنايا
في التفاصيل، بعد أن يتم اختيار المعتقل الذي سيتم قتله كانت تختلف الأساليب فهناك من يقتل رمياً بالرصاص وآخر يشنق بالاعدام وتترك جثته معلقة لمدة تتراوح بين يومين وأربعة أيام حتى “تهزل”؛ ليتبع ذلك عدة خيارات فإما يتم ترك الجثة في غرف الملح، أو يتم تقطيعها بالمنشار البشري او وضعها بأكياس قمامة لتدفن بمقابر جماعية .
وأوضح أن هنالك جثث اخرى يتم إذابتها في “براميل” من الأسيد واصفاً لحظتها “عندما تُفتح غرفة براميل الاسيد الضباط ببعدوا عن البرميل حين فتح غطاءه، وبنكون سامعين صوت الفقاعات الصادر عن ذوبان الجثة واحنا داخل مهاجعنا”.
زنزانةُ السجن.. بين مرور الوقت والصحة والطعام
وأوضح أن الزنزانة تضم أكثر من 20 شخص لا يرتدون سوى ملابسهم الداخلية ويمنعون من التحدث فيما بينهم، مُشيراً إلى أنهم لم يكونو يستطيعون رفع رؤوسهم؛ لوجود الكثير من كاميرات المراقبة داخل المهاجع .
وأكد “م.ي” في حديثه مع “التاج”، أنهم كانوا يقضون ايامهم في خوف ورعب تحت فكرة ماذا سيفعلون، لافتاً إلى أنهم كانوا يعرفون أن اليوم انتهى وبدء اليوم الذي يليه من تغير اصوات الضباط .
وعن الصحة، قال إن الصحة داخل السجون معدومة ومن يصاب بالمرض كان يخاف من طلب العلاج؛ بسبب التعذيب الذي سيلقاه حينها.
أما من ناحية الطعام، نوه أن الضباط كانوا يجبرون المعتقلين على الوقوف مع النظر الى الحائط ليتم ضربهم ورمي الطعام لهم على الأرض لجعلهم يزحفون على الأرض بحثاً عن الطعام.
سقوط نظام الأسد في سوريا
وكانت قوات المعارضة السورية تمكنت في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 من اقتحام السجن، وتحرير المعتقلين رجالا ونساء وأطفالا منه، وذلك بعد دخولها العاصمة السورية وإسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ويُعَد هذا السجن أحد أكثر السجون العسكرية السورية تحصينا، ويطلق عليه “المسلخ البشري” بسبب التعذيب والحرمان والازدحام داخله، ولُقب بـ”السجن الأحمر” نتيجة الأحداث الدامية التي شهدها خلال عام 2008.