خبراء: الجيش السوداني يجرّ البلاد لإبادة جماعية بـ”التطرف والكراهية”
التاج الإخباري – انطلقت في السودان تحذيرات واسعة من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية وإبادة جماعية، على غرار السيناريو الرواندي، جراء التسليح العشوائي للمدنيين، وتزكية خطاب الكراهية والتطرف الذي تقوده مجموعات متحالفة مع الجيش السوداني.
وتلاحق الجيش السوداني اتهامات بتسليح المدنيين في قرى الجزيرة وسط البلاد، ودفعهم لقتال قوات “الدعم السريع”، في معركة غير متكافئة، في وقت عمد فيه عبر واجهاته إلى تسويق الأمر كأنه هجوم على المدنيين لتحقيق مكاسب سياسية، وفق ناشطين.
وفي ذات الوقت ارتكبت ميليشيات متحالفة مع الجيش السوداني مذابح ضد المدنيين على أساس عرقي وجهوي، بتهم التعاون مع “الدعم السريع”، وذلك في مناطق كانت تسيطر عليها شرق سنار، وفق مراصد حقوقية.
كما يرى مراقبون أن القصف المتكرر لطيران الجيش السوداني على مناطق مدنية بعينها، بعد تصنيف سكانها بأنهم حواضن للدعم السريع، واحدة من عوامل إشعال الحرب الأهلية التي قد تقود البلاد إلى السيناريو الرواندي.
بؤر جاذبة للتطرف
وحذَّر رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم”، عبدالله حمدوك، يوم الجمعة، من من انزلاق السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا، كما حذَّر من تمزق البلاد إلى كيانات عديدة تصبح بؤرة جاذبة لجماعات التطرف والإرهاب.
كذلك حذَّر حمدوك من مآلات تعدد الجيوش، وأمراء الحروب، وتحشيد وتجنيد المدنيين، وتنامي خطاب الكراهية، والاصطفاف العرقي والجهوي.
وقال بيان لـ”تقدم” إن حمدوك دعا خلال مشاركته في فعالية عالمية في بروكسل، المجتمع الدولي إلى ضرورة التدخل وإنشاء مناطق آمنة، وتفويض ونشر قوات دولية لحماية المدنيين من انتهاكات الحرب التي تعصف بالبلاد.
كما دعا حمدوك إلى إطلاق عملية إنسانية موسعة عبر كافة دول الجوار، وعبر خطوط المواجهة دون أي عوائق وذرائع، ومحاسبة من يعوقون العون الإنساني المنقذ للحياة.
وطالب حمدوك كذلك بفرض حظر طيران على كل السودان من أجل حماية المدنيين العُزل من القصف الجوي، بما في ذلك المسيّرات.
وأضاف أنه “إذا ما استمرت الأوضاع كما هي عليه الآن، سيفاجأ الجميع بأكبر أزمة لجوء لم يشهدها العالم من قبل، وعلى أوروبا الاستعداد من الآن لاستقبال الملايين الذين سيطرقون أبوابها عبر البحر الأبيض المتوسط”.
انفلات كامل
وحذَّر المحلل السياسي، صلاح حسن جمعة، من انفلات الأوضاع في السودان، وخروجها بشكل كامل عن سيطرة الطرفين، حال استمرار الحرب وتخلّي الجيش عن مسؤولياته في خوض الحرب أصالة عن نفسه.
وقال جمعة، إن الجيش السوداني إذا استمرّ في ترك الحبل على الغارب للمجموعات المتطرفة التي تقاتل معه، سيتطوّر الوضع بدخول حركات جهادية حليفة للحركة الإسلامية، وميليشيا كتائب البراء المتحالفة مع الجيش، مما قد يغرق البلاد في بركة من الدماء.
وأشار جمعة إلى واقعة مهاجمة جماعة “بوكو حرام” للجيش التشادي خلال الأسابيع الماضية، حيث أشارت أصابع الاتهام إلى تورط رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، حليف البرهان، بحكم انتمائه إلى تيار الحركة الإسلامية المتشدد في السودان، ما يفتح الباب أمام احتمال إدخال هذه الجماعات إلى السودان.
وأضاف أن “كل المؤشرات لتحوّل الحرب إلى أهلية شبيهة بالسيناريو الرواندي، أصبحت موجودة الآن، وأن الجهات الأمنية التابعة لسلطة الجيش تحرض مواطني الجزيرة ضد مجموعات سكانية محددة يقولون إنها جاءت للاستيطان في الولاية، وهو الأمر الذي قد يجعل البسطاء من أهل الجزيرة يصدّقون هذه الروايات، ويذهبون إلى استهداف قبائل غرب السودان المتعايشة معهم لمئات السنين”.
وأعلنت قوات الدعم السريع، التي تسيطر على ولاية الجزيرة، خلال الفترة الماضية، عن دخولها في معارك عديدة مع من يسمّون أنفسهم بـ”المقاومة الشعبية” و”قوات العمل الخاص”، الذين يتبعون للجيش السوداني، الذي سلّحهم وتركهم وسط المواطنين، في عدد من القرى، في الوقت الذي تصور فيه واجهات الجيش الأمر بأنه هجوم على المدنيين.
وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش السوداني، عملية تسليح واسعة للمدنيين، حيث ينتشر السلاح بأيدي المواطنين الذين يقيمون ارتكازات على الطرقات والأسواق للتفتيش ومراقبة حركة المارة، بينما تتمسك قوات الجيش بالبقاء داخل ثكناتها.
خطاب الكراهية
ولا يستبعد المحلل الأمني عادل بشير، انزلاق البلاد إلى أتون الحرب الأهلية في حال استمرار تفشي خطاب الكراهية، والتعبئة على أساس عرقي وجهوي التي يقوم بها الجيش لأنصاره ضد مكونات اجتماعية محددة بدلًا عن حصر المواجهة على قوات الدعم السريع وحدها دون اقحام جهاتها وأعراقها، وفق قوله.
وقال بشير ، إن سيناريو الحرب الأهلية قد يكون واحدًا من خطط الجيش السوداني للتعامل مع الصراع، لأنه منذ البداية كانت خطابات الجنرالات وتصريحاتهم تركز على استهداف المكونات الاجتماعية عوضًا عن الدعم السريع كقوة عسكرية، مشيرًا إلى مصطلح “عرب الشتات” الذي ظلت قيادات الجيش تردده كثيرًا في وصف قوات الدعم السريع.
وظل الجنرال ياسر العطا، مساعد البرهان، يردد كثيرًا مصطلح “عرب الشتات” في وصف المكونات الاجتماعية لقوات الدعم السريع، باعتبارها قبائل غير سودانية جاءت من الشتات الأفريقي لغزو السودان، محاولًا حشد السودانيين لصف الجيش وقتال ما يعتبرهم بـ”الأجانب”.
ومع ذلك يشير المحلل الأمني إلى ما وصفه بالوعي المتزايد لدى السودانيين، بما سمّاها “ألاعيب النظام السابق الذي يتخفى وراء الجيش حاليًا”، مؤكدًا أن الذاكرة ما زالت تحتفظ بعمليات التجييش والتعبئة التي مارسها نظام البشير السابق، ضد سكان جنوب السودان، وكيف حول الصراع مع الحركة الشعبية هناك إلى حرب دينية بين المسلمين والكفار، وفق قوله.
إرم نيوز