عربي دولي

أزمة الطاقة تعصف بالعالم بعد وباء كرونا

رولا أبورمان – التاج الاخباري

تَحُلُ مصائبُ الطاقةِ على العالمِ و بالأخص على الدول الأوربية بعد وباء كورونا حتى تكادُ تُطالُ الصين والولايات المتحدة. فالارتفاعُ في أسعارِ الغازِ وباقي المحروقات في أروبا و آسيا يولدُ حالةَ خوفٍ من عدمِ قدرة الدول على توفيرِ إحتياجات الطاقة  لسكانهم في شتاء المقبل.

وبالتالي فإذا كان الإرتفاع في  أسعار الطاقة نقمة على الدول المستوردة للنفط فأن الأمر مختلف بالنسبة لدول المصدرة له كروسيا و دول الخليج العربي و الجزائر و العراق، فمع الإرتفاع في الأسعار ستزداد نسبة الفوائض لديهم، وفق المعادلة القائلة كلما زاد طلب أدى إلى زيادة على السعر.

فالحال في الاردن لن يختلف عن نظرائه في الدول المستوردة للنفط. فقد شهد العام الحالي الارتفاع الثامن التي تقوم به الحكومة الاردنية على أسعار المحروقات، ففي وزارة الطاقة و الثورة المعدنية هناك لجنة تسعير تقوم في نهاية كل شهر    تحديد أسعار جديدة للمشتقات النفطية بناء على الأسعار العالمية  مع إضافة الكلف الإضافية ( كالتأمين ونقل و الفاقد ونسبة التخزين وغيره) . ليصل إلى السوق الاردني بسعره الشامل.
“” “” فقد قررت اللجنة رفع سعر بيع البنزين أوكتان 90 في  الشهر الحالي بمقدار 10 فلسات ليصبح 835 فلسا للتر، والبنزين أوكتان 95 بمقدار 10 فلسات ليصبح 1070 فلسا للتر، وتثبيت سعر الديزل عند 615 فلسا، وتثبيت سعر الكاز عند 615 فلسا، حتى نهاية فصل الشتاء، مع الإبقاء على سعر أسطوانة الغاز عند 7 دنانير”” “”

خلفية مختصرة حول ما أوصل العالم لهذا الحال” أي إرتفاع أسعار الطاقة…………

شهدت أروبا زيادة الطلب بشكل كبير  على الطاقة بالأخص على الغاز  ونفط، فالشتاء الماضي كان  أطول من المتوقع  مع استنفاذ مخزون الغاز لديها دون العمل على تجديده. فقد وصل سعر الغاز الأوروبي إلى حدود المئة يورو لكل ميغاواط علما أن أسعاره كانت أقل من 20 يورو في العام ٢٠١٩ ،قبل أزمة فيروس كورونا وجمود الاقتصاد العالمي.
ومن الأسباب التي أدت لارتفاع  أسعار الطاقة أيضا، أن دول الاروبية  تتبنى قوانين للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الصادر من الفحم الحجري  ومضر بالبيئة و تستعيض عنه بالغاز لانتاج الكهرباء ، كما أدى الحريق  الذي اندلع في المنشآت الأساسية لانتاج الغاز في النرويج لإغلاقها و توقفها عن العمل والتي تعد ثاني اكبر مصدر للغاز لدول الاروبية بعد روسيا ، حيث بلغت نسبة الاعتماد الأوروبي للغاز الروسي ما يقارب ٤٠٪ و و الغاز النرويجي ١٩٪.

فتكمن المعضلة  هنا في أن  روسيا تقوم  ببناء خط أنابيب “نورد ستريم ٢” محاذٍ لخط ستريم ١ المار باوكرانيا والتي تفرض على روسيا رسوما لعبوره لباقي دول الاروبية. فمع بناء روسيا الخط الجديد ستوصل الغاز بكميات مضاعفة  لشمال المانيا عن طريق بحر البلطيق ومن ثم نقل الغاز لغرب أروبا  دون الحاجة لدفع رسوم العبور لأوكرانيا ،أي ستُحرم أوكرانيا من الاستفادة من رسوم عبور الغاز روسي عبر أراضيها.
يبدو أن  لدى أميركا وأوروبا مخاوف من إكمال روسيا ” نورد ستريم ٢ ” كي لا تحكم قبضتها على القارة الاروبية و تصبح المهينمه على سوق الطاقة الأوروبي، وليس ذلك فحسب فالشركات الأمريكية ترى  أن إستكمال “نورد ستريم ٢ ” سيقلل من تكلفة الغاز في أروبا بمقدار ٢٥٪ و بالتالي ستستبعد من المنافسة  في أسوق الطاقة الأوروبية،  و بالنظر إلى الموقع الجغرافي لأمريكا سيكون معضلة أمامها لإيصال غازها للقارة الأروبية.

ولكن ما هو خط “نورد ستريم ٢” ؟

فخط “نورد ستريم ٢ “بدأ بناءه  عام ٢٠١٨، و لكن توقف العمل به في ديسمبر ٢٠١٩ ، بتوقيع الرئيس الأمريكي السابق” دونالد ترامب” على قانون لفرض العقوبات على الشركات المساهمة في بناء الخط ومن ضمنهم شركة غازبروم الروسية وعدد من الشركات الاروبية، مما دفع الشركة السويسرية المساهمة في تدشين المشروع من الانسحاب.

ففي أعقاب الصراع على شبه جزيرة القرم، لم تكتفِ روسيا برفع أسعار صادرات الغاز إلى أوكرانيا فحسب، بل هددت بوقف تام لتسليم الغاز إليها إن لم تسدد الديون المترتبة عليها.

فألمانيا ترحب في هذا المشروع الاقتصادي الروسي  لأنه سيوفر لها بشكل خاص و لأوروبا بشكل عام غاز بأسعار مناسبة مقارنة بأسعار الغاز الأمريكي ، كما في  المقابل وقعت ألمانيا والولايات المتحدة اتفاقية لتصدي لأي عملية روسية ستهدد أمن الطاقة الاوكراني لضمان من عدم استغلال روسيا الأزمة لتهمين على القارة الاروبية،  ولكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يؤكد على  أن روسيا لم و لن تستخدم الطاقة كسلاح لها لتحقيق دوافع سياسية.

فالأمر لايتوقف فقط على القارة الاروبية فالصين أيضا تعاني من إرتفاع الطلب على الطاقة  ، حيث بدأت المقاطعات هناك بقطع التيار الكهربائي عن بعض المصانع والمناطق السكنية ، كما  تظهر الأزمة جلياً في بعض الدول كالبنان و عراق وسوريا وحتى الهند.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى