مقالات

ظاهرة العنف الطلابي على المعلمين

التاج الإخباري – بقلم: سليمان العلي الحوراني

لا يخفى على أحد تنامي ظاهرة العنف الطلابي وبالأخص الاعتداء على المعلمين لتصبح من أكبر المشاكل التي تواجه المجتمع التربوي التعليمي وتتسبب أضرارًا نفسية وجسدية معنوية. 

 هناك فرقًا واضحًا في العلاقات التي تربط كل من الطالب والمعلم في يومنا هذا  مقارنة بما كانت عليه قبل سنينَ مضت، لتميل لأن تكون علاقة غير رسمية، فيسقط عن المعلم دور الحاكم الذي كان يتحلى به، وتميل العلاقة إلى علاقة صداقة تفتقر  لحدود واضحة التي كانت معهودة سابقًا والتي بدورها كان لها دور كبير في حفظ كرامة المعلم ودوره. وإن غياب هذه الحدود الفاصلة في علاقة المعلم بطلابه والعكس كذلك كان لها الآثر في قيام الطلبة بممارسة العديد من الممارسات التي تلحق الضرر بالطلبة أنفسهم أو الزملاء أو المعلمين أو أيًا كان ممن ينتمي إلى العملية التربوية والتعليمية.

ومع تزايد حالات العنف والاعتداء على المعلمين بالضرب بالفترة الاخيرة,ومع متابعة ما يُنشر في الصحف المحلية والمواقع الاخبارية والذي بات شبه يومي يجعلنا نلقى الضوء على هذه الظاهرة التي بات انتشارها في المجتمع التربوي والتعليمي واضحً وجليًا،  حيث نطالع العديد من قصص الاعتداءات على المعلمين من قِبَل الطلبة وأولياء الامور وفي حَرَم المدرسة دون إحترام للمعلم وفقدان الشعور بهيبة الصرح التربوي الذي يتخرج منه أجيال المستقبل ,فيلجؤون إلى ممارسة صور شتى من العنف ومنها:
العنف اللفظي، الاعتداء الجسدي والتنمر والاعتداء النفسي على المعلم ولأسباب قد تكون تافهة ومن الممكن حلها دون التسبب بالأذى للمعلم أو الطالب وإلحاق الضرر بالمدرسة وتشويه صورة التعليم في الوطن ,إلا أن الاستمرار في اللجوء الى العنف وأساليبه هو مؤشر سئ وخطير يُظهر مدى العنف الذي يعاني منه المجتمع والذي يعود الى خلل كبير في منظومة القيم والاخلاق التي تسود المجتمع بشكل سلبي فيؤثر على سلوك الافراد وتجعلهم غير مباليين في تصرفاتهم فيلجأون إلى العنف للثأر لأنفسهم المريضة معتقدين أنهم يحققون نصرًا وما يفعلونه في الحقيقة ما هو إلا وصمة عار وإساءة لسمعة التربية والتعليم في الوطن.

هذه الاعتداءات المتكررة على المعلمين تستدعي كل المعنيين بالأمر القيام بتشكيل لجنة لدراسة هذه الظاهرة بشكل علمي وتحديد الأسباب المؤدي لها، وتشخيص مواطن الخلل وتحديد المقصرين من طلبة ومعلمين أو انهيار لمنظومة المعايير التربوية والقيم الاخلاقية التي تسود في مؤسساتنا والاطلاع على الضغوطات التي يعاني منها أبناء المجتمع نظراً للوضع الاقتصادي والاجتماعي والتي تؤثر سلباً على سلوكيات أفراده والتحقيق في أسباب حالات الاعتداء سواء كانت صادرة من الطالب الذي يتجاوز حدوده ويعتدي على معلمه أو من قِبَل المعلم الذي يُفتَرض أن يمتص ويستوعب الطالب وظروفه وأن لا يتعامل معه بشكل سئ ومن ثم وضع التعليمات الصارمة لحالات الاعتداء والمتسبب فيها ليكون عبرة للآخرين فيرتدعون من هذه الافعال المشينة ولا يلجأون الى أساليب العنف في المدرسة كون التعليم الركيزة الاساسية لبناء الدولة وبناء جيل يرتقي بوطنه في المستقبل ويتباهى به بين الدول.

وكثيرون من يعزون اللوم على المعلم والطالب والادارة المدرسية في حالات العنف المدرسي لانه لا عنف دون سبب ونجد العديد من الطلبة الذين يحقدون على معلميهم لمحاباتهم للبعض مما يؤثر سلبًا على علاقة الطلبة بين بعضهم البعض مما يسبب الكراهية بينهم. 

بالاضافة الى دور الأسرة الذي بات شبه معدوم عن البعض من عدم غرس صفة الاحترام لدى أبنائهم اتجاه معلميهم وهي من أهم الأسباب التي تدفع الطالب إلى الاعتداء على المعلم والاساءة له. 

ولكي تقضي وزارة التربية والتعليم فإن من الأولويات الوقوف على معالجة ضعف النظم التعليمية والعمل على تطوير مناهج عصرية تناسب الطلاب وحاجاتهم وتعزيز القيم الاخلاقية فيها واستحداث أنشطة متنوعة تعمل على تنمية مهارات الطلاب وذلك لخلق جيل متعلم يعتز به الوطن لإحترامه للغير والتعامل مع من حولهم بإحترام وتقدير وأخلاق عالية والحث على احترام المعلم والإكبار فيه ليكون عبرة وقدوة لهم والتركيز على مواضيع تغرس القيم السليمة لتنشئة جيل سليم.

ولا بد من تكاثف وزارة التربية والاعلام لإعداد نشرات وبرامج توعوية للطلبة والمعلمين وأولياء الامور ومديري المدارس وإعداد دورات تربوية لهم وتخصيص حصة صفية للحوار مع الطلبة بإشراك كوادر تربوية في المركز والميدان لمناقشة العنف وأسبابه ووضع الحلول المناسبة للحد من هذه الظاهرة أصبحت مقلقة والسكوت لم يعد مقبولا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى