اخبار فلسطين

عمال الإنقاذ في غزة خائفون ومنهكون تحت وطأة الضربات الإسرائيلية

التاج الإخباري – يحاول رجال الإنقاذ في فلسطين، بشكل مستمر منذ يوم السبت، تفادي الضربات الجوية الإسرائيلية، التي أودت بحياة مسعفين آخرين، وذلك في الوقت الذي يبذل فيه فريق الإنقاذ جهودًا لانتشال ناجين من المنازل التي دمرها القصف المتواصل لغزة.

وقال الجيش الإسرائيلي، إن قصف القطاع، بدأ يوم السبت، بعد فترة وجيزة من اختراق الجناح العسكري لحركة حماس الحواجز وإرساله مئات المقاتلين لمداهمة بلدات إسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 1200 من الجنود والمدنيين بينهم أطفال.

وهذا القصف هو الأكثر كثافة على الإطلاق الذي توجهه إسرائيل إلى قطاع غزة، الذي يبلغ طوله 40 كيلومترًا فقط، ويعيش فيه 2.3 مليون نسمة في مدن ومخيمات مكتظة باللاجئين مع عدد قليل من ملاجئ الحماية، ودون أي مكان آخر للفرار إليه.

أدوات بدائية لرفع الأنقاض

ودُمرت مبان كثيرة يشغل المدنيون العديد منها، مما جعل خدمات الإنقاذ تواجه صعوبات من أجل الوصول إلى مواقع التفجيرات الجديدة بسرعة.

وتقول السلطات الصحية المحلية، إن الانفجارات الناجمة عن الغارات الجوية يتردد صداها كل بضع دقائق، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1500 شخص في غزة حتى الآن بينهم مئات الأطفال.

والطرق المقطوعة بسبب كثرة الحفر الناجمة عن الضربات المباشرة أو بسبب الأنقاض جراء الضربات القريبة تعرقل عمليات الإنقاذ، وعادة ما يقوم الجيران بأعمال الإنقاذ الأولية عن طريق سحب قطع من الحطام بحثًا عن ناجين أو أملاً في انتشال الجثث لدفنها.

ونظرًا لأن عمال الإنقاذ ليس لديهم ما يكفي من الآلات الثقيلة مثل الحفارات الميكانيكية، والجرافات، فإنهم يعتمدون على المجارف، والأدوات اليدوية، الأخرى لرفع الأنقاض.

ويربط رجل الإنقاذ الفلسطيني إبراهيم حمدان (39 عامًا) يده اليسرى ومعصمه بضمادة بعدما أُصيب جراء سقوط حطام عليه خلال محاولة إنقاذ كان يقوم بها، يوم الأربعاء، ولم يتمكن خلالها إلا من انتشال جثتي فتاتين من تحت أنقاض منزلهما في مدينة خان يونس جنوب غزة، حيث يتمركز مع فريقه المكون من 12 عامل إنقاذ حكوميًا آخر.

مقتل 10 من أفراد الطواقم الطبية

وقال: "لم أستطع التوقف عن التفكير في بناتي الأربع"، مضيفًا أن كل ما يدفعه إلى الاستمرار في العمل هو الأمل في العثور على ناجين آخرين.

وقُتل 4 مسعفين من طواقم عمل الهلال الأحمر الفلسطيني عندما تعرضت سيارات الإسعاف التي كانوا يستقلونها للقصف في حادثين مختلفين، وظهر زملاؤهم في مقطع مصور نشره الهلال الأحمر الفلسطيني وهم يتشبثون ببعضهم بعضًا بعد ذلك ويرتجفون من النحيب.

وأضاف "حمدان" أن اثنين من أعضاء فريقه أُصيبا من الزجاج المتطاير عندما دمرت غارة جوية نوافذ سيارة الإسعاف التي كانوا يستقلونها في خان يونس، يوم السبت، ولم يتعرض أي منهما لإصابات بالغة.

وقال أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، إن 10 من أفراد الطواقم الطبية قُتلوا حتى الآن، كما تعرضت 14 منشأة صحية لأضرار منها المستشفى الوحيد في بيت حانون شمال غزة.

ولم ترد القوات الإسرائيلية على طلبات للتعليق على الضربات التي أسفرت عن إصابة رجال إنقاذ ومسعفين.

لا نوم

لا يحصل "حمدان" وبقية أعضاء فريقه إلا على ما يزيد قليلاً على ساعة من النوم في المرة الواحدة، وما لا يزيد على ساعتين خلال النهار والليل، وبالكاد يتناولون الطعام أو يتصلون بأسرهم.

وقال حمدان: "كنت خائفًا للغاية من أنني سأتلقّى في وقت ما مكالمة هاتفية للخروج لإنقاذ عائلتي".

ويحاول "حمدان" التحدث مع زوجته وأطفاله الستة بين كل عملية إنقاذ وأخرى عن طريق الاتصال بالفيديو لرؤية وجوههم، وقال: "أشعر بالتوتر إلى أن أُجري هذه المكالمة".

وكانت إسرائيل، في كثير من الأحيان خلال الحروب السابقة، تخطر سكان المناطق التي تنوي استهدافها بالقصف قبل وقوعه بدقائق قليلة، لكن سكان غزة يقولون إنها لم تفعل ذلك هذه المرة.

وقال "حمدان"، الذي شاهد حروبًا متكررة منذ أن عمل في الإنقاذ بحكومة غزة، العام 2007: "هذه الحرب قاسية بشكل يفوق الخيال، إنهم يهدمون المباني السكنية دون سابق إنذار. ويهدمون المباني الشاهقة فوق رؤوس سكانها".

وفي مقطع مصور، أمكن مشاهدة صاروخ يسقط عند قاعدة مبنى مكون من 10 طوابق في مدينة غزة، أمس الخميس، مما أحدث انفجارًا هائلاً بينما غطت سحابة من الدخان والغبار المنطقة المحيطة.

وظهر المسعف رامي علي في مقطع مصور نشره الهلال الأحمر الفلسطيني، في وقت متأخر من يوم الأربعاء، وهو في سيارة إسعاف يبكي ورأسه بين يديه، بعد أن شاهد جثث الأطفال وهي تُنتشل من أحد المباني.

ويعمل "حمدان" في إدارة الطوارئ المدنية، وهي خدمة الإطفاء والإنقاذ التي تديرها حكومة غزة الواقعة تحت سيطرة حماس منذ استيلائها على السلطة في القطاع، خلال حرب أهلية فلسطينية قصيرة في العام 2007.

ووقعت اشتباكات متكررة بين إسرائيل وحماس منذ تلك الفترة وأصابت غارات جوية أهدافا في غزة.

وقال "حمدان" إنه كما حدث في أعمال عنف سابقة، يعمل فريق الطوارئ المدني حاليًا عند المدارس لاعتقاده أنها أكثر أمانًا وقت الهجوم.

وأضاف حمدان: "نحن في حالة تأهب طوال الوقت. هناك قصف في كل مكان، وهناك جرحى وشهداء في كل مكان، وبالتالي إذا حصلت على ساعة واحدة من النوم سأكون سعيدًا".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى