أخبار الأردناهم الاخبار

أمُ بغداد.. من يدها الذرة أشهى وبوجودها وسط البلد أجمل!

التاج الإخباري – بقلم عدي صافي_في كل يوم وانا عائدٌ الى المنزل امر بوسط البلد، هذا المكان الأكثر عتاقة وربما الأجملُ في عمان رغم بساطته…
في طريقي التقي بأم بغداد بائعةُ الذرة الشهية اليوم وبائعة الماء العذب سابقاً…

ام بغداد هذه السيدة التي تعاند الحياة وتقفُ في وجهها كندٍ لا يُهزم؛ تربي طفليها بغداد واحمد ولا تمدُّ يدها طالبةً الرأفة، كانت تبيع الخضراوات وكانت تبيع زجاجاتِ الماء امام حلويات حبيبة واليوم تمسكُ عربتها المتواضعة وتجوب شوارع وسط البلد باحثةً عن رزقها المكتوب، مبتسمةً في وجه الجميع…

قبل أشهر التقيت ام بغداد في ساعةٍ متأخرة من الليل عندما اعتقل ابنها الطفل احمد بتهمة التسول، كانت تذرفُ دموع الأم في ليلةِ العيد وتؤكد في كلماتها بأنها واطفالها لا يتسولون انما يعملون بكدٍ ليطعموا انفسهم…
واليوم التقيتها وانا عائدٌ لمنزلي بعد يومٍ من العمل، وبرغم تعبي ورغبتي في الوصول إلى المنزل إلا أنني عندما شاهدتُ احمد وهو يمسك هاتفَ والدته ويضحك وقفت، وعندما شاهدتُ بغداد وهي تكتب بالطبشور على “كرتونة صغيرة كلمة بليلة” تبسمت!
قالت بغداد:”خطي حلو، بدي اعلق الكرتونة على العرباي”.
فقلت: “خطك بجنن”…

ام بغداد اخبرتني بأنها قررت بيع الذرة والفول في عربتها المتواضعة حتى تستطيع تأمين مبلغ ٩٠ ديناراً لشراء عربة ذرة مجهزة بشكلٍ كامل وتواصل حياتها واطفالها…

الذرة من ايدي هذه السيدة الفاضلة نكهتها مختلفة ورائحتها فواحة، والفول من عربتها أكثرُ بساطة، اما بسمتها العذبة وكلمتها النقية فهما صورةٌ للمواطن الأردني البسيط، ودعوتها لي كدعوةِ الأُمّ باعثة للطمأنينة…

اكثر ما اثار اعجابي في ام بغداد انها وعند مرور اي محتاج تقدمُ له المال والطعام والماء، وتخفي يدها اليسرى عن يدها اليمنى، لتؤكدَ بأنَّ فاقدَ الشيء هو من يعطيه…

ابنها احمد لوحةٌ عن الأطفال الأبرياء، وطفلتها بغداد شبيهةٌ للعاصمةِ العراقيةِ بغداد؛ فهي جميلةٌ رغمَ حزنها وتملك من الحياء ما لا يملكُ غيرها رغمَ صغرِ سنها.

اذا مررتم من وسط البلد انصحكم بالتغذي ببسمة ام بغداد وبتذوقِ الذرة الشهية من تحتِ يديها الفاضلتين، وادعوكم للحديثِ معها؛ لأنَّ وسط البلد أكثرُ رونقاً وسحراً بوجودها…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى