الخصاونة : مشروعات اقتصادية كبرى بين الدول الثلاث.. وسأزور القاهرة قريبا
التاج الأخباري- أجرى رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، مقابلة صحفية مع جريدة الأسبوع المصرية على هامش مؤتمر “إعلاميون ضد الكراهية”، الذى أقامه مجلس حكماء المسلمين.
وقال الخصاونة إن ما تحقق خلال عمر الدولة الأردنية سيكون دافعا لتحقيق المزيد من الانجازات والتأكيد على ثوابت الموقف الأردني تجاه أمته العربية، وتجاه علاقات متوازنة مع دول العالم تقوم على إرساء اسس التعاون والاحترام المتبادل وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في شتى انحاء دول العالم.
وأضاف، أن “حكومتنا تسير باتجاه التنمية وتحقيق بعض من طموحات جلالة الملك لتحسين مستوى المعيشة وتحسين الأوضاع الاقتصادية”.
وتابع الخصاونة في رد على سؤال متعلق بالتطرف، “أن ديننا الحنيف يحترم ثقافة الاختلاف ضمن إطار سلمي وحضاري سبق الكثير من الشرائع الدولية، ومن بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
ولفت إلى أنه سيزور القاهرة قريبا لمتابعة أعمال التعاون المشترك بين البلدين، والتنسيق فيما يخص قضايا المنطقة.
وتاليا نص المقابلة كاملا:
– احتفل الأردن فى 2 إبريل الماضى، بمرور مائة عام على تأسيس إمارة شرق الأردن فى عام 1921، وإعلان الدولة فى عام 1946.. كيف ترون مسيرة المستقبل؟
- ندرك تماما أن ما تحقق خلال مسيرة البلاد الفترة الماضية، سيكون دافعا للمسيرة الحالية التى يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني، في تحقيق المزيد من الانجازات والتأكيد على ثوابت الموقف الأردني تجاه أمته العربية، وتجاه علاقات متوازنة مع دول العالم تقوم على إرساء اسس التعاون والاحترام المتبادل وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في شتى انحاء دول العالم، فتلك هي السياسة التي وضعت أسسها الأسرة الهاشمية منذ تأسيس الدولة فى عام 1921، ولا تزال المسيرة مستمرة في إطار مايحقق للأردن مصالحها ودورها الأساسي في كثير من القضايا الهامة والمحورية.
– وماذا عن قضية التنمية في بلد ندرك أنه يعاني ظروفا اقتصادية صعبة؟.
- حكومتنا تسير باتجاه التنمية وتحقيق بعض من طموحات جلالة الملك لتحسين مستوى المعيشة وتحسين الأوضاع الاقتصادية والتعاون مع دول شقيقة، مثل مصر، التي تجمعنا بها أعمق عرى وأواصر الأخوة والتعاون بين بلدينا، بدء من العلاقة بين جلالة الملك والرئيس عبد الفتاح السيسي، وحكومتينا، وأبناء شعبينا الأردني والمصري، ونسير فى هذا الاتجاه بخطي حثيثة.
إن الإرادة السياسية للبلاد في ظل حكم الهاشميين منذ التأسيس تؤكد أن قضية التنمية الاجتماعية والاقتصادية هي واحدة من الهموم الأساسية التى يعطيها جلالة الملك اهتماما خاصا، بهدف التغلب على المشاكل والأزمات وضمان مستوى معيشى لائق للمواطن الأردنى ويكفى القول هنا: إن هذا النظام- دولة وكيانا- استمر لمائة عام، بينما تعرض آخرون لقلاقل لم تصيبنا رغم إمكانيات الدولة الضعيفة اقتصاديا، لذلك فإن مشروع الهاشميين “المشروع القومي العربي”، الذي يحملونه يهدف إلى تحقيق الخير فى هذا المحيط العربي، ذلك أن الخير الذى يصيب جارك، حتما سيعود عليك، وهذه هى المعادلة التى حكمت فكر صاحب الجلالة، الذى يعمل بجد وإخلاص، حاملا هموم شعبه واشقائه في المحيط العربي الكبير.
– هذا يدعوني إلى السؤال عن موقف الأردن من التحديات التي تواجه الأمة؟.
- نحن دوما مع استقرار وأمن هذه الأمة ودولها جميعا.. الأردن قاسم مشترك بين الجميع، وسياسته تعمل على تضميد الجراح، وتوحيد الصف العربي فى مواجهة التحديات التى تواجهنا جميعا، والأردن كان وسيظل سباقا فى الوقوف مع الأقطار العربية المختلفة، وعندما قامت الثورة المصرية فى 30 يونية 2013 وانحاز الجيش للشعب، كان الأردن ملكا وحكومة وشعبا فى طليعة الداعمين لهذه الثورة، وكان جلالة الملك عبد الله، أول من زار مصر ليؤكد دعم الأردن لاشقائه، وذلك إيمانا بموقفنا الثابت والمبدئى فى رفض التطرف الفكرى والدينى الدخيل على موروثنا الثقافى العربى وقيمنا الإسلامية.
– لكن مدارس التطرف متعددة وتسعى إلى التغلغل فى صفوف أبناء الأمة؟.
- هذا يقتضى أن نعرف من يشكل عدو هذا النموذج الوسطى وتعريف هذه المخاطر، ونحن فى ذلك نتعاون مع مصر ودول مجلس التعاون الخليجي والعديد من البلدان الأخرى، ونعمل معها لغايات إعلاء شأن هذا الخطاب الجامع والضرورى الذى يدافع عن صحيح الدين، الذى سعى المتطرفون إلى تشويهه واختطافه من خلال مدارس التطرف والغلو، والزعم بأن الدين لا يقبل التنوع، وهو كلام غير صحيح، ذلك أن ديننا الحنيف يحترم ثقافة الاختلاف ضمن إطار سلمي وحضاري سبق الكثير من الشرائع الدولية، ومن بينها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى يعبر عن كثير من القيم التى تعلمناها من ديننا، بما يعكس حقيقة الإسلام الصحيح، الذى ينبذ التطرف والتكفير.
– ولكن كيف كان تأثير أحداث الربيع العربي على الأردن؟.
- رغم ما تعرضنا له من جملة التحديات الكبيرة بدءا من 2011 والتى وقعت خارج البلاد، لكن آثار هذه الأحداث وجدت تعبيراتها فى الأردن من خلال انعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتعددة، ومن بينها أزمات اللجوء المتكررة من دول الجوار، وكان الأردن رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة يفتح أبوابه ويحتضن الأشقاء اللاجئين، مستندا إلى الموروث الهاشمي والأردني، باعتبار هذا البلد يرث فكر الثورة العربية الكبرى، بالرغم من أن هذا يتم على حساب وإمكانيات البلد المحدودة.
ورغم أن هذا البلد وشعبه من أغنياء النفوس، ورغم أن هذه الأزمة أفضت إلى ضيق فى سبل العيش، ومع ذلك ظللنا، ولا نزال متمسكين بقيمنا ومبادئنا المعروفة منذ زمن طويل والتي حرصت الأسرة الهاشمية وجميع أبناء الشعب الأردني على التمسك بها.
– مؤخرا عقدت فى القاهرة قمة ثلاثية بين الرئيس السيسي وجلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس.. هل من جديد فى هذا الأمر؟.
- قطعا كانت هذه القمة معنية بالأساس بالبحث عن موقف مشترك بين القادة الثلاث يكون منطلقا للتحرك الإقليمى والدولي، خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد الأحداث التى شهدتها القضية الفلسطينية في الفترة الأخيرة، خاصة وأن هناك توافق كبير في الموقف إزاء الرؤية المطروحة، وهنا أود أن أؤكد أن الأردن يرى أن حل الدولتين هو الحل الذى بمقتضاه تتحقق المطالب المشروعة، ومنها: حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على ترابه الوطنى، وقيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها “القدس الشرقية”.
– ولكن دولة الإحتلال تسعى إلى تغيير الوضع التاريخي للقدس؟.
- نحن سوف نستمر فى دورنا والتأكيد على مواقفنا المبدئية بصرف النظر عن أى اعتبارات لتغيير الوضع التاريخى للقدس وللمسجد الأقصى، انطلاقا من الوصاية الهاشمية والتى تولاها جلالة الملك عبد الله الثانى، الذي يؤكد على هذا الدور في كافة المحافل والذى يتولاه نيابة عن أشقائه العرب والمسلمين والمسيحيين فى الإشراف على المقدسات الدينية.
– قمتم بزيارة إلى مصر في فبراير الماضي وعقدتم اجتماعات مشتركة مع الحكومة المصرية.. إلى أين وصلت أعمال اللجنة المشتركة بين الجانبين؟.
- بالفعل، التواصل بين البلدين شبه يومي، وأنا سأزور القاهرة قريبا لمتابعة أعمال التعاون المشترك بين البلدين، والتنسيق فيما يخص قضايا المنطقة، ونحن لدينا مع مصر أولويات مهمة في التنمية والتنسيق الاقتصادى والاهتمام الاستراتيجى بالتعاون مع العراق الشقيق، حيث تأخذ أشكال التعاون المشترك طابعا مؤسسيا من خلال القمم التى بدأت فى القاهرة ثم تلتها قمم أخرى حتى أصبح لدينا الآن آلية وسكرتارية في الدول الثلاث، وهي آلية طموحة تحدد التعاون فى مجالات الطاقة والاستثمار وتعظيم المشتركات والبناء عليها.. وقال: نحن نرحب بانضمام أى من الأشقاء إليها.
– وماذا عن أنبوب النفط؟.
- بالفعل، تم تحديد بعض المشروعات الاستراتيجية ومن بينها: أنبوب النفط الذي يصل من العراق إلى الأردن، ثم إلى مصر، علاوة على المنطقة الصناعية التى ستقام على الحدود الأردنية- العراقية، قريبا، والتى ستعود بالفائدة على مصر والجميع.
وقال: إن التنسيق يشمل أيضا مشاريع المقاولات وإعادة البناء فى العراق الشقيق وتحقيق المنافع للدول العربية وشعوبها، على قاعدة الربح المشترك للدول العربية المشاركة.
– دعني اسألك عن تطور العلاقة بين الأردن ودول الخليج.. هل هناك إشكاليات تعوق هذه العلاقة؟.
- بالعكس تماما، العلاقة بين الأردن ودول مجلس التعاون الخليجى علاقة متميزة تماما، كما أن من الثوابت الأردنية أن أمن واستقرار وسلامة أشقائنا جزء لايتجزأ من منظومة الأمن العربى، وكذلك نظرتنا إلى مصر، التى تشكل جزء أساسيا من الأمن القومى العربى، سواء مايتعلق بالتهديدات ذات الطبيعة العسكرية، أو الأمن الاقتصادى المتعلق بالعلاقات التى تجمع هذه الدول كافة، ومن هنا نستطيع القول: إن علاقاتنا بدول مجلس التعاون الخليجى يسودها التعاون والتفاهم المشترك فى كافة المجالات، وهى الأمور والتى سبق أن أكد عليها جلالة الملك، فى أكثر من مناسبة، وأكثر من لقاء.
– أنبوب الغاز الذى جرى الاتفاق على توصيله إلى لبنان.. أين وصل الآن؟.
- لقد جرى عقد اجتماع فى عمان مؤخرا، حضره مسؤولون ومتخصصون من مصر والأردن وسوريا ولبنان، ويجرى الآن وضع توصياته وآلياته موضع التنفيذ لصياغة وصول الغاز إلى لبنان لتحقيق احتياجاتهم من الطاقة، خاصة وأن لدينا قناعة جميعا بأننا فى مركب واحدة واستقرار لبنان وأمنه وسلامته هو هدف استراتيجي لنا جميعا، من منطلق الحرص والنأى به عن الأزمات والمشاكل.
– أخيرا.. ماذا عن موقف الأردن من الإدارة الأمريكية الجديدة ورؤيته لمسارها تجاه قضايا المنطقة، وفى المقدمة القضية الفلسطينية؟.
*تربطنا بالولايات المتحدة علاقات تاريخية استراتيجية، وذلك بغض النظر عن الحزب الذى يحكم، سواء كان الحزب الديمقراطى أو الحزب الجمهورى، وتأتى أهمية علاقات بلدنا بالولايات المتحدة من كونها تدرك الأولويات المشتركة، والمناطق التى نختلف فيها فى إدارة بعض التفاصيل، وتفهم الخصوصيات.. وجلالة الملك له صداقة وعلاقة قديمة بالرئيس “بايدن”، وهو أمر يعطى دفعة لهذه العلاقات للمضى قدما إلى الامام والتفاهم حول الملفات والقضايا المشتركة..
ولا شك أن هذه الإدارة الأمريكية الجديدة تميل إلى العمل الدولى متعدد الأطراف فى مختلف مقارباتها مثل العراق واتفاق “باريس المناخى”، وغيرها، مرورا بالعمل فى مقاربات بعض التحديات والاشكاليات التى تهدد السلم والاستقرار، وهذه المنهجية فى مقاربة التحديات تأتى من خلال الدبلوماسية والحوار لتصل إلى كافة القضايا الشائكة، مما يجعل هذه العلاقة الاستراتيجية “علاقة ميسرة”، ونستطيع أن نستفيد، ونوظفها لصالح قضايانا، وفى مقدمتها “القضية الفلسطينية”، وضرورة التوصل عبر المفاوضات إلى حل الدولتين، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى، وضمان إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها “القدس الشرقية”.
انطلاقا من الوصاية الهاشمية والتى تولاها جلالة الملك عبد الله الثانى، الذى يؤكد على هذا الدور فى كافة المحافل والذى يتولاه نيابة عن أشقائه العرب والمسلمين والمسيحيين فى الإشراف على المقدسات الدينية.